17 01 2017

انطلاق مؤتمر مكافحة غسل الأموال والعملات الافتراضية .. قطر تنجح في تقوية الإطار القانوني لمكافحة تمويل الإرهاب

مخاطر حقيقية على سياسات الأمن الوطني من العملة الافتراضية

تعزيز قدرات المكافحة في منطقتنا ضرورة ملحة

أكد سعادة الشيخ فهد بن فيصل آل ثاني نائب محافظ مصرف قطر المركزي، ورئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أن مجتمعات العالم عانت منذ وقت طويل من أزمات عديدة، لكنها تواجه اليوم توترا في أزمات اقتصادية متلاحقة، بما يعيق مسيرة التنمية، ومن أهمها تحديات الجريمة المنظمة التي ترتبط بالأمن الاقتصادي والاجتماعي.

وأعرب سعادته عن فخره في اللجنة الوطنية بتحقيق عدد من الإنجازات في إطار استراتيجيتنا الوطنية التي تحتوي على هذا الجانب، ومن أهمها: تقوية الإطار القانوني لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والإطار الرقابي والفني.

جاء ذلك في افتتاح مؤتمر مكافحة غسل الأموال والعملات الافتراضية الذي بدأ فعالياته أمس، تحت رعاية معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ممثلاً بسعادة السيد أحمد بن عبدالله آل محمود نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وحضور سعادة الشيخ عبدالله بن سعود آل ثاني محافظ مصرف قطر المركزي، وتنظم المؤتمر اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بالتعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية - الإنتربول، والمنظمة الأوروبية للشرطة الجنائية - اليوروبول، ومعهد بازل للحوكمة، حيث يستمر المؤتمر لمدة ثلاثة أيام.

وقال سعادة الشيخ فهد بن فيصل آل ثاني، أنه حرصاً من دولة قطر على مواكبة التطورات المستجدة، والتعرف على أحدث ما يتم ممارسته في هذا المجال، فقد ارتأت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب استضافة هذا المؤتمر، والذي يمثل حواراً فنياً مهما، يسلط الضوء على المسائل التي تشكل تحدياً حديثاً للدول، من أجل تعزيز الجانب الوقائي من الجريمة.

فكرة العملات الافتراضية

وقال: "لقد طُرحت فكرة العملات الافتراضية في العام 2008 كورقة بحثية، وتم وصفها آنذاك بأنها نظام نقدي إلكتروني للتعاملات المالية، يمكن مقارنتها بالعملات التقليدية الأخرى، وإن اختلفت عنها في تداولها الكامل عبر الإنترنت دون وجود فعلي لها، كما تميزت العملة الافتراضية بعدم وجود هيئة مركزية تقف على تنظيمها، وبأنه يمكن استخدامها كأي عملة للشراء أو التحويل إلى العملات الأخرى" . وأشار إلى أن هذه العملات انتقلت إلى مرحلة التداول منذ العام 2009، ولا تزال المخاطر المرتبطة بها كثيرة، ما يدفعنا كدول إلى التعامل معها بحزم. ويقتضي ذلك اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من أخطارها المتمثلة في عدم وجود الرقابة عليها، وإمكانية استغلالها في أنشطة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وأضاف سعادة الشيخ فهد بن فيصل آل ثاني: "لقد أصبحت مخاطر بروز تكنولوجيا العملة الافتراضية جدية على سياسات الأمن الوطني، وغدت موضع جدل كبير في الفترة الأخيرة. وتم التركيز بنوع خاص على ميزة الغموض والحجب والإخفاء للعملات الافتراضية، بما يحفز إمكانية استخدامها من قبل عصابات غسل الأموال أو المجموعات الإرهابية، بطريقة يصعب مواجهتها بالجهود المتعارف عليها، ومن هنا تحتم إنشاء الحوار لتوفير تحليل متعمق للقضايا التكنولوجية المرتبطة بالعملات الافتراضية في مجال مكافحة الجريمة" .

وأوضح أنه من منظور اقتصادي، قد يواجه التشجيع على اعتماد العملات الافتراضية مقابل اعتماد العملات التقليدية تحديات مهمة في قبول المجتمع لها، لكونها عملة جديدة غير ملموسة تفتقر إلى الخلفية التاريخية، وخاصة حيث يسود الاقتصاد النقدي السائل. ومع ذلك من المتوقع أن يخف حذر المجتمعات حيال العملات الافتراضية مع اعتيادها أكثر بمرور الوقت. وقد تتغير المواقف عندما تصبح التكنولوجيا التي تقوم عليها العملات الافتراضية أكثر شيوعاً. وعندما تكون العملة الافتراضية الوسيلة الوحيدة المتاحة لعمليات التحويل، فإن الحاجات الاقتصادية ستضغط للقبول بها، ومن شأن ذلك أن يخلق تحديات جديدة.

مؤتمر فريد

ولفت إلى أن هذا المؤتمر يعد نموذجا فريدا للتعاون بين الهيئات والمنظمات المتخصصة، وإننا نتوقع أن يسهم هذا المؤتمر في تعزيز قدرة ممثلي الجهات المعنية على إجراء التحقيقات بالجرائم المرتبطة بالعملات الافتراضية، وتشكيل شبكة تضم العاملين في هذا المجال مع الخبراء، بهدف العمل على تطوير أفضل الممارسات، وتقديم الإرشادات، وجمع وتحليل وتبادل المعلومات، المرتبطة باستخدام العملات الافتراضية لغسل الأموال، وإجراء التحقيقات واسترداد المتحصلات من تلك الجرائم.

وقال إنه رغم أن التحديات تبدو كبيرة، إلا أن تعزيز القدرات للمكافحة في منطقتنا أضحت ضرورة ملحة لا يمكن التراخي بشأنها. وإنني على ثقة بأن جهودكم ستتواصل عبر مراحل لاحقة، وسينتج عنها توافق مشترك في القدرات الفنية للدول التي تتفاوت في كفاءتها - وهو ما لا نرى فيه عائقا- بل نحسبه عاملاً محفزاً لمؤتمركم.

ثمن دور المؤتمر في تبادل الأفكار بين الخبراء.. بايسانو:

تطوير التشريعات لمواجهة الجرائم التكنولوجية الجديدة

قال السيد فيديريكو بايسانو، كبير أخصائيي التحقيق المالي في معهد بازل للحوكمة، أنه في ظل تهديد جرائم العملات الافتراضية، فإنه ينبغي تطوير منظومة مكافحة الفساد والتحايل والتي تمثل أكثر من تهديد بالنسبة لنا، منوهاً إلى أنه لتطوير آليات تنفيذ القانون لابد من تطوير البيئة التشريعية الملائمة لمتابعة هذه الجرائم التكنولوجية الجديدة، وهذا يتطلب منا جهدا إضافيا لأن تجربتنا محدودة فيما يخص الملاحقة القانونية لهذا النوع من الجرائم، ودورنا في هذا المؤتمر هو تقاسم المعلومات ومشاركتها لنعرف كيف تتم هذه العمليات وكيف نتقدم في هذا المجال.

وأعرب بايسانو عن امتنانه لدولة قطر من أجل جهودها الحثيثة في تنظيم هذا المؤتمر، وكذلك للمنظمات الأخرى التي ساهمت ودعمت بحماس لعقد هذا المؤتمر.

وأضاف أن مبادرة مكافحة العملات الافتراضية بدأت في بازل بسويسرا في عام 2014 حيث قمنا بتنظيم الورشة الأولى حينئذ، وتبين بشكل واضح أن أهدافنا ومصالحنا مشتركة ما يدفعنا للعب دور أساسي في مكافحة الجرائم التي ترتكب في هذا المجال، لافتا إلى تطور مثل هذه الجرائم التي تعد من أهم مظاهر هذا العقد والتي ستصبح في المستقبل القريب أهم أوجه الفساد التي ينبغي علينا مكافحتها.

وأكد أن المتحدثين والخبراء المرموقين المشاركين في هذا المؤتمر سوف يساهمون في تقديم مقترحات وأفكار جديدة في هذا المجال الحديث لكي نعود إلى ديارنا ونحن نعرف أفضل الممارسات في هذا المجال وتكون لدينا حزمة كاملة لنطبقها في تحقيقاتنا.

 

© Al Raya 2017