16 05 2016

( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")

تمارس الشركات العائلية دوراً رئيساً في رفع اقتصاديات البلدان التي تعمل فيها هذه الشركات، وتهيمن الشركات المملوكة من جانب العائلات على القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تشكل مثل هذه الشركات نسبة تزيد على 75% من شركات القطاع الخاص في دول مجلس التعاون الخليجي. من أجل ضمان الاستقرار يجب أن يمتلك الفرد رؤية طويلة المدى، فالسبيل إلى امتلاك شركة عائلية مستقرة هو ضمان إدارتها على نحو يسمح لها بالنمو والازدهار وتحاشي الكساد، وبلوغ هذا الهدف ليس سهل المنال ومن هنا تظهر قيمة الحوكمة.

الحوكمة عملية رئيسة عن طريقها تستطيع الشركات العائلية وضع وتنفيذ قواعد تحكم وتنظم الجوانب المختلفة للعمل التجاري، زيادة على ذلك الحوكمة عبارة عن ممارسة تغطي نطاقاً عريضاً قد يمتد من توظيف أفراد الأسرة وينتهي بإقامة لجان عامة من أجل بناء استراتيجية استثمار متوازنة ومنسجمة، وينبغي أن تضمن الحوكمة تحقيق الرؤية العامة وأهداف الاسرة والعمل التجاري وتضع استراتيجيات تنفيذ ضرورية تسمح للشركة العائلية بالنجاح دون تمزيق التناغم الأسري، والحوكمة رحلة مستمرة تتحرك مع العمل التجاري وتتوافق مع احتياجاته.

الضرورة

بالنسبة للشركات الأسرية على وجه الخصوص، ينبغي عدم التعامل مع الحوكمة السليمة على أنها مسألة اختيارية بل يجب التعامل معها على أنها مسألة أساسية، ويمكن أن تقدم الحوكمة الحلول الضرورية لجميع التحديات التي تواجهها الشركات العائلية وتيسر الحلول الودية لجميع المسائل التي تواجهها الشركات العائلية، ويمكن أن تتباين هذه التحديات اعتماداً على المرحلة التي قد تصل إليها الشركات الأسرية والجيل الذي يدير هذه الشركات في الوقت الراهن.

على سبيل المثال الشركات الأسرية التي يديرها الجيل المؤسس غالباً ما تتصارع مع مغادرة المسؤولية وتفويض الجيل التالي في المسؤولية والرقابة، وعلى النقيض يمكن أن تواجه الشركات العائلية التي جرى فيها نقل العمل التجاري بالفعل إلى الجيل الجديد صعوبة في التعامل مع الاختلاف في العقلية المدبرة والمشاركة في العمل التجاري والحاجة إلى العمل مع المساهمين الآخرين؛ نظراً لأن بعض المساهمين قد يرغبون في تحقيق النمو بينما قد يرغب البعض الأخر في الحصول على عوائد مادية.

لماذا تكون الحوكمة ضرورة قصوى في حالة الشركات العائلية؟

الخاصية

يجب إعطاء عنصرين أساسيين في الشركات العائلية عناية واجبة، هما عنصر العائلة وعنصر العمل التجاري؛ حيث أن تحقيق التوازن بين هذين العنصرين الرئيسيين يشكل طريقاً مثالياً لتحقيق النجاح واستمرارية الشركات العائلية، وعلى الرغم من أن تطبيق الحوكمة على الشركات العائلية أمراً في غاية التعقيد مقارنةً بإمكانية تطبيقه على الشركات التقليدية، إلا أن الحوكمة تمثل ضرورة أكبر في الشركات العائلية التي يعتمد بقاؤها واستمرارها على إرضاء احتياجات مختلفة تماماً.

يحط القانون من أهمية هذه الخاصية ولكن الأدوات متاحة أمام الشركات العائلية التي تقر بأهمية الحوكمة وترغب في الاستفادة منها، ولا يفيد تنفيذ الحوكمة فقط العمل التجاري، ولكن يمكن أن يساعد تنفيذها في تنظيم وتخفيف المسائل العائلية وضمان عدم سيادة المسائل العائلية على العمل التجاري، وفي الواقع يمكن أن يمثل تحقيق هذا التوازن تحدياً كبيراً، ويمكن أن تقف عوامل مثل الهموم العاطفية والروابط العائلية والتقاليد العائلية حائلاً أمام تحقيق هذا التوازن، وتساعد الحوكمة السليمة العائلات على بناء أساساً ثابتاً من توافق الآراء ويمكن ان تفضي إلى وجود مزيداً من الشفافية والوضوح والاستقرار في الشؤون الأسرية إلى جانب دعم الوحدة العائلية والتناغم وزيادة نمو العمل التجاري.

النمو في الأرقام

بالإضافة إلى نمو عمليات العمل التجاري، يعُزى النمو السريع في عدد المساهمين في الشركات العائلية عبر تعاقب الأجيال في منطقة مجلس التعاون الخليجي أيضاً إلى الحاجة إلى الحوكمة في مثل هذه الأعمال التجارية، وتشكل العائلات الكبيرة جزءاً من الثقافة في مجلس التعاون الخليجي ويمكن أن يكون لدى مقاول بسيط عدداً كبيراً من الأطفال والأحفاد، يكبر جميعهم ويصبحون مساهمين في الشركات، فإدارة هذا النمو عبر الحوكمة عن طريق تبني هيكل مناسب بملكيات واضحة وأدور محددة يمكن أن يدعم الاستقرار ويحفز نمواً أكثر إيجابية.

الانتقال

في الشركات العائلية، يمكن أن يكون انتقال المؤسس خارج العمل التجاري بسب وضعه الصحي أو بسبب الوفاة مسألة في غاية الحساسية ومرحلة شائكة تتطلب تخطيطاً دقيقاً من أجل تجنب الصراع والعواقب الوخيمة، وغالباً ما يمثل وضع خطة توريث باعتبارها جزءاً من الحوكمة المفتاح نحو حدوث انتقال سلس للعمل التجاري واستمراريته وبقاؤه.

ما المخاطر التي قد تواجهها الشركات العائلية بدون الحوكمة؟

خسارة الفرص

على الرغم من أن عدم وجود نظام حوكمة سليم لا يعني بالضرورة توقف العمل التجاري في المستقبل القريب أو خسارة أرباحه، إلا أنه يمكن أن يفضي إلى حدوث سلسلة مستمرة من الخسائر للفرص، وتمتلك الشركة العائلية التي تعتمد على استراتيجية حوكمة تناسقاً أفضل وتزيد احتمالية إنجازها للأهداف وازدهارها، وعدم وجود حوكمة واضحة تسود اتخاذ قرارات القاسم المشترك الأدنى حيث يمتلك كل مساهم حق الفيتو (الاعتراض على القرارات)، وعادة لا تمثل هذه أفضل الطرق التي تدفع العمل التجاري نحو الأمام.

تزايد الصراعات

يمكن أن تكون الصراعات في حالة الشركات العائلية صراعات انفعالية ومفاجئة، ويمكن أن يؤدي غياب الحوكمة إلى نقص الاتصال الصحي والسليم بين أفراد العائلة الواحدة ويمكن أن يفضي إلى انتشار هذه الصراعات، وتحتاج العائلات إلى إطار تستطيع عن طريقه تحديد المسائل التي يجب التعامل معها، زيادة على ذلك من أجل تحقيق وحدة العائلة ونجاح العمل التجاري يمكن أن يشتمل وضع آلية تسوية الصراعات السرعة وتبسط عملية حل أي خلافات.

المحسوبية المُدمرة

على الرغم من التعاقب الأسري له جوانب إيجابية كثيرة ويمثل سلاح جُل العائلات، يجب عدم الخلط بينهم وبين المحسوبية المُدمرة والتي تعني ترقية أفراد العائلة إلى أدوار ليس لهم قدرة على ممارستها أو لا تناسبهم. ويسمح غياب الحوكمة بظهور المحسوبية المُدمرة، ويمكن أن يساعد وجود مجموعة واضحة من القواعد التي تنظم عناصر رئيسة على غرار التوظيف وتطوير أفراد العائلة وتقييم وتدريب الموظفين في العائلة وفي غير العائلة على نحو عادل وشفاف في تجنب وجود المحسوبية المدمرة ويمكن أن يشتمل على ويحافظ ويحفظ العمل التجاري.

التنفيذ الناجح

يمكن أن يساعد نظام الحوكمة المتناغم الأسر في مواجهة التحديات، ولا يمكن أن يرقي وجود مجموعة من التراكيب والسياسات المدرجة في قوائم بالضرورة إلى ممارسة حوكمة جيدة؛ نظراً لأن الوصول إلى تأثير ايجابي عن طريق الحوكمة يمكن معايشته يومياً، وتكون الايمان في قيم العائلة والاحترام والتكامل السليم ركائز اصيلة في الحوكمة السليمة، ويمثل التحليل الدقيق عنصراً هاماً يؤثر على عملية التنفيذ حيث يحدد مدى تناسب استراتيجية الحوكمة المُتبناة لهذه العائلة على وجه الخصوص أو لنشاطها التجاري، ويجب أن تراعي كل شركة عائلية احتياجاتها وأهدافها وبناء على هذا يجب أن تختار كيانات الحوكمة والسياسات والإجراءات العملية.

الخاتمة

الحوكمة في الشركات العائلية ليست اتجاهاً عصرياً، فهي مسألة هامة للعديد من شركات مجلس التعاون الخليجي التي حظت باهتمامٍ كبيرٍ لفترة طويلة، والحوكمة ضرورية نظراً لأن الشركات العائلية شركات خاصة والعمل التجاري لا يزال عملاً تجارياً في نهاية اليوم. وغالباً ما يتسبب انتقال العمل التجاري بين الأجيال في ظهور تهديدات للعمل التجاري والتناغم العائلي، ويمكن فقط عن طريق التخطيط وممارسة الحوكمة السليمة التخلص النهائي من هذه التهديدات

التميمي وشركاه2016

© Al Tamimi & Company 2016