26 06 2017

أكد تقرير "شيب آند بونكر" المعني بالشحن والمخزونات، أن سوق النفط العالمية في حالة ترقب للخطوة المقبلة التي ستقدم عليها منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، في إطار جهودها لبث الثقة في السوق، وتسريع جهود استعادة التوازن، متمنيا أن تجيء هذه الخطوة سريعا لمنع حدوث مزيد من الانهيارات في أسعار النفط.

وتوقع التقرير أن تزداد حدة الصدام بين جهود "أوبك" في خفض الإنتاج وبين الطفرة المقابلة في الإنتاج الصخري الأمريكي خلال العام المقبل 2018، مشيرا إلى أن السوق ستظل في حالة تجاذب بين الجانبين دون أن يحسم طرف السيادة والتأثير في مجريات السوق.

وبحسب التقرير فقد عزز نشاط المضاربات في السوق تراجعات الأسعار، وكانت العنصر الأكثر ضغطا على النفط، حيث يتوقع البعض أن تصل الأسعار إلى مستوى 40 دولارا هذا الأسبوع.

وفي سياق متصل، توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية خلال الأسبوع الحالي، مع ترجيح تسجيل انخفاضات قياسية جديدة في ضوء زيادة الإمدادات الواسعة سواء القادمة من النفط الصخري الأمريكي أو إنتاج بعض الدول المعفاة من خفض الإنتاج مثل ليبيا ونيجيريا وإيران.

وكانت أسعار النفط قد تعافت قليلا في ختام الأسبوع الماضي، وبلغت الخسائر الأسبوعية 4 في المائة، وبقيت أسعار النفط قرب أدنى مستوى في 10 أشهر، واتجهت الأسعار إلى تسجيل أسوأ أداء نصف سنوي في نحو 20 عاما.

وما زالت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في حالة تقييم ومتابعة لتطورات السوق خاصة الإنتاج الأمريكي، كما تظل فكرة عقد اجتماع طارئ للمنظمة مستبعدة في ضوء قناعة السعودية وروسيا بأن السوق على المسار الصحيح، وأن نتائج اتفاق خفض الإنتاج ستظهر تأثيراتها تدريجيا في الأسواق في الشهور المقبلة.

وفي هذا الإطار، يقول لـ "الاقتصادية"، أندرياس جيني مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، إن سوق النفط تعاني في الفترة الراهنة عودة تخمة المعروض، وهو ما قاد إلى تراجعات سعرية حادة، مشيرا إلى أن زيادة ضغوط تخمة المعروض عمقها ضعف الطلب في الدول الرئيسة الثلاث التي تشكل محور الطلب، وتمثل خمس الطلب العالمي وهو الصين والهند واليابان.

وأضاف جيني أن السوق ربما تستمر في نزيف الأسعار في الأسبوع الحالي وفي الأسابيع المقبلة لحين انتعاش مستوى الطلب، ولحين اتخاذ "أوبك" قرارا جديدا بالتدخل في السوق من خلال تخفيضات أعمق أو ضم دول جديدة لاتفاق خفض الإنتاج، معتبرا أن الوضع حرج في السوق، وأن الأمر يتطلب تدخلا سريعا من خلال اجتماع طارئ للمنظمة، ولكن الأمر ما زال مستبعدا بسبب قناعة السعودية وروسيا بسلامة أساسيات السوق، وأن التحسن قادم لا محالة في الشهور المقبلة.

وأشار جيني إلى أن بيانات اقتصادية تؤكد انخفاض أنشطة التكرير في الصين، وارتفاع مستوى مخزونات الوقود في الولايات المتحدة، واتساع الاعتماد على السيارات الكهربائية في اليابان أو التي تزود بموارد الطاقة الجديدة، وهي كلها عوامل في مجملها تحد من الطلب على النفط الخام، وإن كان الاعتماد عليه كمكون رئيس في مزيج الطاقة العالمي سيظل قائما.

ومن جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، أن اتفاق خفض الإنتاج ما زال يستطيع أن يقدم الكثير في الفترة المقبلة لاستقرار السوق، ولكن يجب أن يتم الحد من الطفرات الإنتاجية في إمدادات دول داخل وخارج "أوبك" في ضوء التصاعد المستمر في إنتاج ليبيا ونيجيريا وإيران، حيث تخطط الأخيرة إلى الوصول إلى مستوى أربعة ملايين برميل يوميا بحلول مارس المقبل، كما أن هناك إمدادات واسعة أخرى من خارج "أوبك" أبرزها الإنتاج الأمريكي وإنتاج كل من البرازيل وكندا والمكسيك.

وأضاف جرلاخ أن تحرك المنتجين نحو خطوات أكثر فاعلية بات ضرورة مهمة وعاجلة، خاصة بعدما هبطت الأسعار إلى أدنى مستوى في 10 أشهر، وسجل النفط أسواء أداء في نصف عام على مدى عقدين، لافتا إلى أن تعافي الأسعار جاء محدودا خلال الأسبوع الماضي، وأنه من المرجح أن يستمر هذا الأداء الضعيف بسبب ضغوط الإنتاج الأمريكي، وتفاقم حالة تخمة المعروض.

من ناحيته، يقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن من الخطأ تحميل الصخر الزيتي الأمريكي وحده المسؤولية عن انهيار الأسعار، وغياب الاستقرار في سوق النفط، مشيرا إلى وجود عوامل تضعف السوق، ومنها التباطؤ الاقتصادي في عديد من الكيانات الدولية الكبرى.

وأضاف هوبر أن ترنح الطلب في الصين والهند كانت له انعكاساته الواسعة على السوق، مشيرا إلى أن الأداء الاقتصادي في الصين له دور أكبر مما يتصور البعض في التأثير في سعر النفط.

وأشار هوبر إلى أن أجواء الاقتصادي العالمي تحول دون ارتفاع الأسعار؛ بسبب تراكم المعروض والمخزونات وتباطؤ النمو، معربا عن قناعته بأن الكثير من أرقام النمو الاقتصادي في الصين كانت غير دقيقة في الفترة الماضية، موضحا أن آثار ملء الاحتياطي الاستراتيجي النفطي في الصين لم تقد إلى إنعاش الطلب، معتبرا أن زيادة أنشطة حفر النفط الصخر الزيتي كان دورها مكملا وليس أساسيا في الصعوبات التي تواجهها السوق حاليا.

من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت العقود الآجلة للنفط مدعومة بتراجع الدولار، لكنها أغلقت على خسائر أسبوعية للأسبوع الخامس على التوالي مع فشل تخفيضات الإنتاج التي تقودها "أوبك" في تقليص تخمة المعروض العالمي.

وبحسب "رويترز"، فقد تحدد سعر التسوية لعقود برنت على ارتفاع 32 سنتا بما يعادل 0.7 في المائة عند 45.54 دولار للبرميل، وأغلق الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط مرتفعا 27 سنتا أو 0.6 في المائة إلى 43.01 دولار للبرميل.

وعلى مدار الأسبوع فقد خاما القياس 3.9 في المائة، وأسعار النفط الحالية لا تزيد سوى قليلا فحسب فوق أدنى مستوياتها في عشرة أشهر متأثرة باستمرار المخاوف من زيادة الإنتاج. وتراجع السعر لخمسة أسابيع متتالية هو الأطول لعقدي أقرب استحقاق منذ آب (أغسطس) 2015.

وقلصت الأسعار مكاسبها بعد أن قالت "بيكر هيوز" للخدمات النفطية إن الشركات الأمريكية أضافت 11 حفارة نفطية هذا الأسبوع وذلك في أكبر زيادة على مدى ثلاثة أسابيع.

وزادت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط لفترة قياسية مدتها 22 أسبوعا، لكن وتيرة الزيادة تباطأت في الأشهر الأخيرة مع هبوط أسعار الخام إلى أدنى مستوى في 2017، على الرغم من الجهود التي تقودها "أوبك" للقضاء على تخمة المعروض في الأسواق العالمية.

وقالت "بيكر هيوز" لخدمات الطاقة إن الشركات أضافت ست منصات حفر نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ16 من حزيران (يونيو) ليصل العدد الإجمالي إلى 747 منصة، وهو الأكبر منذ نيسان (أبريل) 2015، ويقابل ذلك 337 منصة في الأسبوع المقابل من العام الماضي.

وتباطأت وتيرة زيادة عدد الحفارات على مدار الشهرين الماضيين مع تراجع أسعار الخام، وجرى تداول العقود الآجلة للخام الأمريكي قرب أدنى مستوى في سبعة أشهر عند نحو 44.70 دولار بما يضع عقود أقرب استحقاق على مسار الهبوط للأسبوع الرابع على التوالي، في ظل إشارات إلى وجود تخمة في المعروض من الوقود على الرغم من الجهود التي تقودها منظمة "أوبك" لإعادة الاستقرار إلى السوق.

وبعد أن اتفقت "أوبك" ومنتجون من خارجها في (ديسمبر) كانون الأول على خفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا لستة أشهر من كانون الثاني (يناير) إلى حزيران (يونيو) 2017 وافقت المنظمة والمنتجون المستقلون في 25 أيار (مايو) على تمديد الاتفاق تسعة أشهر إضافية حتى نهاية آذار (مارس) 2018.

بيد أن نمو المعروض النفطي العام القادم من المتوقع أن يفوق الزيادة المتوقعة في الطلب التي ستقود الاستهلاك العالمي لتجاوز 100 مليون برميل يوميا للمرة الأولى حسبما ذكرت وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع، ومن المتوقع زيادة إنتاج النفط الضخري في الولايات المتحدة للشهر السابع على التوالي في تموز (يوليو) بحسب توقعات من إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

© الاقتصادية 2017