من إيهاب فاروق

القاهرة 14 فبراير شباط (رويترز) - واصل الجنيه موجة الصعود أمام الدولار في بنوك مصر اليوم الثلاثاء لتصل مكاسبه إلى نحو 13 بالمئة منذ أواخر يناير كانون الثاني وسط حالة ركود في النشاط التجاري وهرولة الأفراد لبيع ما بحوزتهم من دولارات للبنوك تحسبا لمزيد من الهبوط فيه.

وساهم في دعم الجنيه تنامي التدفقات النقدية بالعملة الصعبة على مصر حيث بلغت حصيلتها نحو 25 مليار دولار منذ قيام البنك المركزي بتحرير سعر الصرف في نوفمبر تشرين الثاني.

كان الجنيه قد هوى بشكل حاد بعد تحرير سعر الصرف ليصل إلى نحو 19 جنيها قبل أن يبدأ في أواخر يناير كانون الثاني في استعادة بعض عافيته ليسجل في معاملات اليوم الثلاثاء نحو 16.50 جنيه للدولار في بعض البنوك.

وعزا أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية الارتفاع في سعر الجنيه مقابل الدولار في مقابلة تلفزيونية الليلة الماضية إلى ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي وزيادة الصادرات وتراجع الواردات وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج ووجود تدفقات نقدية حقيقية في القطاع المصرفي.

وأضاف كوجك "الربع الأخير (من 2016) هو أول ربع نرى فيه ارتفاعا (في تحويلات المصريين في الخارج) من ستة أرباع سابقة... وارداتنا من السلع المعمرة انخفضت ما بين 30 و 40 بالمئة الفترة الماضية ومدخلات الانتاج تراجعت ما بين اثنين وثلاثة بالمئة مقارنة مع 15 بالمئة قبل ذلك."

لكن مستوردين تحدثت معهم رويترز اليوم قالوا إن هناك حالة من الركود في الأسواق مع ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة.

وقال أحد المستوردين "هناك حالة من الركود الشديد في السوق. تقدر تقول هناك انعدام في الحركة التجارية. البنوك تعرض علينا الدولار بوفرة الآن لكننا لا نحتاج إليه لأن مخازننا مليئة بالفعل بالبضائع دون وجود حركة بيع."

وأظهر مسح نشرت نتائجه في وقت سابق من هذا الشهر تراجع نشاط الشركات في مصر للشهر السادس عشر على التوالي في يناير كانون الثاني في ظل معدل التضخم المرتفع ليهبط معدل التوظيف لأدنى مستوى في أربعة أشهر.

وزادت الصادرات المصرية 8.65 بالمئة في 2016 إلى 20.285 مليار دولار وانخفضت الواردات 10.56 بالمئة إلى 62.925 مليار دولار وتراجع عجز الميزان التجاري إلى 42.640 مليار دولار.

وأرجع حسين رفاعي عضو مجلس الإدارة التنفيذي بالبنك الأهلي المصري أكبر بنك حكومي بالبلاد ارتفاع الجنيه إلى "تراجع الطلب على الدولار من المستوردين وزيادة الاحتياطي النقدي من الدولار وزيادة الحصيلة الدولارية بالبنوك نتيجة بيع الأفراد للعملة الصعبة وتحسن المؤشرات الاقتصادية."

وارتفع احتياطي مصر من النقد الأجنبي إلى 26.363 مليار دولار في نهاية يناير كانون الثاني من 24.265 مليار دولار في نهاية ديسمبر كانون الأول.

وزادت تحويلات المصريين في الخارج 11.8 بالمئة في الربع الأخير من 2016 إلى 4.6 مليار دولار من 4.1 مليار دولار في الفترة المقابلة من 2015 وفقا للبيانات التي أصدرها البنك المركزي في وقت سابق من هذا الشهر.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الليلة الماضية عن مصدر بالبنك المركزي المصري لم تكشف عن اسمه قوله إن إجمالي التدفقات على النظام المصرفي في مصر بلغ 12.3 مليار دولار منذ تعويم الجنيه في نوفمبر تشرين الثاني.

وقال عدد من العاملين في البنوك المصرية إن فروعهم تشهد ازدحاما بالعملاء الراغبين في بيع الدولار منذ الاسبوع الماضي وحتى الآن.

وقال متعامل في قطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة في مصر "هناك حالة من الذعر لدى مكتنزي الدولار في مصر ولذا رأينا تزاحمهم الكبير في فروع البنوك للتخلص منه بعد التصريحات الأخيرة من بعض المسؤولين بزيادة التدفقات الدولارية للبلاد منذ تحرير سعر الصرف."

وازدحمت البنوك في مصر بالمواطنين الراغبين في بيع العملة الأجنبية بعد أيام من تصريحات رامي أبو النجا وكيل محافظ البنك المركزي المساعد في نهاية يناير كانون الثاني للحديث عن الزيادة الكبيرة في التدفقات النقدية من الدولار في البنوك وعن زيادة تحويلات المصريين في الخارج وشراء الأجانب بقوة في أذون الخزانة.

وقالت ريهام الدسوقي الخبيرة الاقتصادية لدى بنك الاستثمار أرقام كابيتال "البنوك أصبحت غير ملزمة بعرض أسعار مرتفعة للدولار لجذب العملاء. هناك تحسن في السيولة وفي تحويلات المصريين في الخارج. السوق الموازية أصبحت محدودة وشبه منعدمة."

وأضافت "هناك حالة من إعادة هيكلة نمط الاستهلاك في مصر بعد عدد من الصدمات المتتالية التي تعرض لها المصريون اثر تحرير سعر الصرف."

وتشهد مصر قفزات هائلة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية منذ تعويم الجنيه وهو ما ظهر جليا في وصول معدل التضخم الأساسي لنحو 31 بالمئة في يناير كانون الثاني مسجلا أعلى مستوى منذ مطلع 2005 عندما بدأ تسجيل بيانات التضخم على موقع البنك المركزي على الانترنت.

وتضرر المصريون -الذين يكافح الكثيرون منهم لتدبير معيشتهم يوما بيوم- بشدة جراء الارتفاع الكبير في أسعار الطعام وخفض الدعم الحكومي.

وقال أحد مستوردي السلع المنزلية لرويترز "بعض الأيام ننتظر طوال اليوم دون دخول أي زبون لفروعنا. هناك حالة من إعادة ترتيب الاحتياجات لدى الناس وأسلوب حياتهم بعد الارتفاعات الكبيرة في الأسعار."

(شارك في التغطية عفاف عمار - تحرير نادية الجويلي - هاتف 0020223948031) ((ehab.farouk@thomsonreuters.com;))