27 08 2016

حذر من اقتتال أطراف حاربت الإرهاب واعتبر النفوذ الإيراني عقبة أمام استقرار العراق

بالتزامن مع اعلان الحكومة العراقية في بغداد بأن بلدة القيارة، الواقعة جنوب مدينة الموصل، شمال العراق، حررت بالكامل من سيطرة تنظيم "داعش"، قال قيادي رفيع في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الذي يرأسه الزعيم الكردي مسعود بارزاني لـ"السياسة" إن حسم معركة القيارة استمر قرابة شهرين وفي بداية يوليو الماضي شهدت انتكاسة كبيرة ولهذا السبب الطريق الى مركز الموصل، المعقل الرئيسي لـ"داعش"، ليس بالأمر الهين والذي يمكن حسمه بفترة أقل مما استغرقته معركة القيارة.

وأوضح القيادي الكردي أن معركة مركز الموصل ستتطلب معدات أكبر وقوات أكثر لتحرير مساحات واسعة حول الموصل أما في وسط المدينة فقد يكون الأمر في غاية الصعوبة اذا اختار "داعش" القتال من شارع الى شارع ومن حي الى حي، كما أن عدد الإرهابيين في القيارة وقراها البالغ 12 قرية وقاعدة القيارة الجوية كان لا يتجاوز 600 أو 700 مقاتل أما في الموصل، فالتقديرات تفيد بوجود ما بين 5 الى 7 آلاف مقاتل من "داعش".

واعتبر أن من بين السيناريوهات الخطيرة في مرحلة ما بعد تحرير الموصل حتى وإن تمت في غضون شهرين أو أقل من ذلك أو أكثر بقليل هو لجوء تنظيم "داعش" الى حرب عصابات داخل الموصل وأطرافها وعلى الحدود بين العراق وسورية وبالتالي كل المؤشرات وهذا ما ذكره زعيم تنظيم "القاعدة" الإرهابي أيمن الظواهري في كلمته قبل أيام، تشير الى أن الإرهابيين سيختفون في المناطق الوعرة والوديان وجبال حمرين من الموصل الى الحويجة وأطراف محافظة ديالى، شمال شرق بغداد وسيبدأون حرب عصابات طويلة ضد القوات العراقية والقوات الكردية على حد سواء.

وأكد أن الأمور والتطورات السياسية التي ستلي مرحلة ما بعد تحرير الموصل ستكون في غاية الحساسية لأن السكان في المناطق المحررة من "داعش" اذا لم يلمسوا واقعاً سياسياً مختلفاً عن السابق ستعود الأمور الى سابقها أي تتحول هذه المناطق الى حواضن للجماعات المسلحة ربما بتسميات جديدة وربما بتسمية طداعش" نفسها.

وحذر من أن المرحلة السياسية ستكون في المرة المقبلة أخطر من أي مرحلة سابقة، بمعنى الأمور قد تصل في العراق الى مواجهات بين الأطراف التي قاتلت "داعش"، بين القوات الكردية وقوات الحكومة العراقية المركزية في بغداد، أو بين قوات "الحشد" الشيعية وقوات "الحشد العشائري" السنية، أو بين "الحشد" الشيعي وبين قوات البيشمركة الكردية، أو بين قوات من الجيش فيما بينها أو بين قوات الشرطة المحلية وبين قوات من الجيش.

ورأى أن الترتيبات السياسية لا تقل أهمية عن أي انتصارات عسكرية على "داعش" وهي تشمل محاربة الفساد داخل الدولة والتصدي للجماعات الطائفية والذهاب الى دولة اصلاحات واسعة في القوانين تحترم اقامة الأقاليم وتقوض نظام الحكم المركزي.

وعلى المستوى الأقليمي، قال القيادي الكردي إن من بين الخطوات المهمة والضرورية لمرحلة ما بعد "داعش" جنوح العلاقات بين العراق وبين العالم العربي الى اقامة صلات ستراتيجية تفوق العلاقات بين العراق وايران، وهذا أمر حيوي للأمن والإستقرار السياسي للوضع العراقي برمته.

وأضاف إن وجود علاقات ستراتيجية عراقية ايرانية مقابل غياب هذا المستوى من العلاقات بين العراق والعرب يهدد النسيج الوطني العراقي ويخلق ارباكات كبيرة ويؤثر على مسيرة الدولة وطريقة عملها، كما أن الإرهابيين يعتمدون في تجنيد السكان على هذا العنصر أي ارتباط بغداد بروابط ستراتيجية مع طهران.

وأشار الى أن العديد من قيادات التحالف الوطني الشيعي الذي يقود حكومة حيدر العبادي بدأت تتنبه لهذا الموضوع لأن من غير المنطقي أن تكون علاقات العراق بمحيطه العربي ضعيفة وعلاقاته مع ايران قوية، لذلك هناك من يريد تحقيق التوازن وهناك من يريد أن تكون العلاقات العربية العراقية لها أولوية وهذا سلوك سياسي سليم.

وشدد على أن النفوذ الأيراني في العراق الذي عرف فترات ازدهار بسبب خطر "داعش" ونشوء فصائل "الحشد" الشيعية، سيبقى العقبة الكبرى أمام توافق داخلي عراقي-عراقي وتفاهم عراقي-عربي وعلى الحكومات العراقية أن تلتفت لخطورة هذا الملف وتداعياته في مرحلة ما بعد الإنتصار على "داعش" في الموصل.

© Al-Seyassah 2016