28 11 2015

أكدوا قدرته على المساهمة بفاعلية في تنفيذ مشروعات إستراتيجية كبرى ..

شهدت أسعار النفط منذ أواسط العام 2014 وحتى الآن تراجعا كبيرا وصل إلى حدود الـ 60 %، هذا التراجع انعكس بشكل أو بآخر على الاتجاهات الاقتصادية العامة لمختلف الدول المنتجة للنفط ومن بينها قطر التي تواصل تنفيذ مشاريعها في مختلف المجالات تحت ضغط تقلبات أسواق النفط العالمية والمتغيرات الجديدة المتعلقة بترشيد النفقات التي قد تحملها الموازنة الجديدة للعام 2016، ما يستدعي التركيز على القدرات الكامنة في الاقتصاد القطري وخاصة تلك الإمكانات التي يتمتع بها القطاع الخاص ودعوته إلى المساهمة أكثر في تحقيق نسب نمو أعلى.

عدد من الاقتصاديين ورجال الأعمال أكدوا أن القطاع الخاص القطري لديه من الإمكانات ووضوح الرؤى في دعم وتعزيز جهود الدولة في تحقيق التوازنات الاقتصادية الكبرى وتحقيق الأهداف الوطنية في مختلف المجالات، مؤكدين أن تراجع أسعار النفط يوفر فرصة للقطاع الخاص ليلعب دورا أكبر في الاقتصاد المحلي.

ويرى هؤلاء أنه مع ما تم تسجيله من تراجع ملحوظ في أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة، والذي تزامن مع زيادة في استثمارات الدولة، أدى إلى انخفاض الفوائض المالية في قطر من 16% في 2013 إلى 8% في العام 2014، وهو أمر قد يؤدي إلى عجز طفيف بداية من العام 2015 إلى العام 2017، ولكن قطر ستواصل استراتيجيتها في تنفيذ مشاريعها الكبرى في مختلف القطاعات، مؤكدين أن أسعارا للنفط تتراوح بين 60 و70 دولارا، قد تنتج فوائض تبلع نسبتها 3%.

ومن المرجح أن تبلغ قيمة القطاعات غير النفطية في تركيبة الناتج المحلي الإجمالي القطري في العام 2016 نحو 80 مليار دولار على أساس نمو يلامس %10 خلال هذا العام.

القطاع الخاص قاطرة النمو

وفي هذا الإطار أكد رجل الأعمال سعد آل تواه الهاجري على محورية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة في الفترة القادمة، خاصة في ظل الدعم الكبير الذي يحظى به من قبل الدولة.

وأشار الهاجري إلى ضرورة أن يلج القطاع الخاص القطري مجالات جديدة تساهم في مجهود تنويع الاقتصاد، قائلا: "إن القطاع الصناع يوفر فرص استثمارية مهمة بالإضافة إلى العوائد العالية على المدى البعيد.

وأشار رجل الأعمال إلى الخبرات الكبرى التي أصبح يتمتع بها القطاع الخاص القطري التي تمكنه من تقديم الإضافة للاقتصاد الوطني وتجعل منه القاطرة التي تسحب باقي القطاعات، داعيا في هذا الإطار إلى تذليل العقبات أمام القطاع الخاص خاصة تلك المتعلقة بالبيروقراطية الإدارية وتعزيز التعاون مع المؤسسات الحكومية.

وقال الهاجري أن الوقت قد حان للرفع من مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لافتا إلى الإجراءات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة على غرار تخصيص على الأقل 30 % من المشاريع التي تطلقها للقطاع لخاص القطري بالإضافة إلى مختلف أشكال الدعم المادي وتأطير المستثمرين الذي تقدمه عديد اجهزة الدولة على غرار بنك قطر للتنمية.

وقال إن القطاع الخاص القطري يسعى إلى المساهمة الفاعلة في التنمية الاقتصادية وتطوير ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني القطري عن طريق توحيد جهود القطاع الخاص والتعريف بدوره الريادي في الاقتصاد الوطني ودعم الريادة في مجال الأعمال والنشاط الاقتصادي.

وقال إن عديد اقتصادات العالم المتقدم يساهم القطاع الخاص بنحو 70 % من إجمالي الاستثمارات التي تضخ فيها سنويا وهو ما يستدعي بذل مزيد من الجهد من قبل المستثمرين للرفع هذه النسبة في الاقتصاد القطري.

ووفقا لبيانات رسمية فإن حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي القطري يبلغ نحو 250 مليار ريال، فيما يبلغ عدد المنشآت الصناعية في قطر نحو 666 منشأة، توفر قرابة 77900 فرصة عمل للفنيين والإداريين وكافة التخصصات المهنية الأخرى، وذلك حسب آخر إحصائية أجرتها وزارة الطاقة والصناعة في أبريل الماضي.

ومن أجل جذب الاستثمار المحلي والأجنبي في القطاع الصناعي، تقدم قطر العديد من الحوافز، بما في ذلك الأسعار التفضيلية للغاز والكهرباء، واستيراد الآلات والمعدات وقطع الغيار للمشاريع الصناعية دون رسوم جمركية، والإعفاءات الضريبية للشركات لفترات محددة مسبقاً، وآليات للتصدير دون رسوم جمركية، كما تشمل المزايا الأخرى الرواتب المعفاة من الضرائب، وتوفير المنشآت الطبية والتعليمية المتميزة وأحدث مراكز الاتصالات السلكية واللاسلكية.

الشراكة بين القطاعين العام والخاص

من جهته قال رجل الأعمال حسن الحكيم أن القطاع الخاص قادر على المساهمة الفعالة في تحقيق التنمية المستدامة، مشيراً إلى الجهود التي بذلها القطاع الخاص في تعزيز الاستثمارات في الدولة من خلال الشراكات التي جمعته مع القطاع العام. وذكر الحكيم بالإحصاءات التي قدمها البنك الدولي المتعلق بهذه الشراكات، حيث بلغ متوسط مساهمة القطاع الخاص في البنى التحتية العامة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص في الأعوام القليلة الماضية، حوالي 180 مليار دولار في السنة. وأدّى حجم مشاريع البنى التحتية في قطر والتزام الحكومة بزيادة دور القطاع الخاص في النمو الاقتصادي للبلاد إلى ارتفاع عدد أصول البنى التحتية المعدة للتطوير، من خلال نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وقال إن هذه الشراكة تتلاءم مع استراتيجية الحكومة الراغبة في منح دور أكبر للقطاع الخاص في عملية التنويع الاقتصادي. مشيراً غلى وجود فرص وإمكانات كبيرة لتدعيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص حيث يمكن تطبيق الشراكة بين القطاعين العام والخاص على البنى التحتية التقليدية الصلبة، "مثلاً السكك الحديدية، والموانئ، والاجتماعية الأساسية مثل الاستثمار المشترك في المدارس ومنشآت الرعاية الصحية على السواء.

وقال الحكيم أنه مع التزايد وارتفاع نسق النمو ستكون الحاجة ماسة لضخ المزيد من الاستثمارات في مختلف المجالات مما يجعل الدخول في شراكات مع القطاع الخاص حلاً مثالياً لاستكمال الإنفاق الحكومي، وتعزيز القدرات ودفع عجلة النمو".

وقال إن الدعم الذي قدمته الدولة ممثلة في أجهزتها المختلفة في وزارة الطاقة والصناعة وإدارة التنمية والصناعة وبنك قطر للتنمية والامتيازات المقدمة للمستثمرين كل تلك العوامل أسهمت في تطور القطاع الصناعي بشكل فاعل وأصبح يساهم بنسبة %10 في الناتج المحلي الإجمالي في دولة قطر، ويعتبر هذا الرقم كبيرا، وهناك طموح لتحقيق أرقام قياسية وطموحة في ظل استراتيجية التنمية الصناعية التي نقوم بتنفيذها.

الإطار التشريعي

وحول الدور المتوقع لقانون الشركات الجديد في دفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، قال رجل الأعمال منصور المنصور أن مثل فرصة كبيرة لقطاعات المجتمع لدخول النشاط الاقتصادي والمساهمة أكبر في تحقيق أهداف الرؤية الوطنية للعام 2030، مشيراً إلى التقدم الكبير الذي حققته قطر في مجال سهولة الأعمال ومختلف التصنيفات الدولية الصادرة على هيئات موثوق بها على غرار منتدى دافوس العالمي والمؤسسة المالية الدولية التي أكدت جميعها على جاذبية مناخ الأعمال في قطر وجود فرص استثمار وشراكة حقيقية تساهم في دفع التنممية في قطر.

ولفت المنصور إلى ضرورة بناء شراكات دولية تساهم في تحقيق قيمة مضافة للاقتصاد والمستثمرين المحليين، مشيراً إلى أن القطاع الخاص مطالب حاليا بزيادة دوره في التنمية، بعد القانون الجديد الذي يشجع على إنشاء الشركات، ويسهم في زيادة عددها ويجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية، ويضيف أن القانون في النهاية يصب في صالح الاقتصاد المحلي وتطويره، ويدفعه إلى مزيد من التقدم والازدهار.

وقالت الدراسة التي أعدها مركز قطر للمال تطوير القطاعات غير النفطية والقطاع الخاص يعد من العناصر المهمة في استراتيجية قطر للتنمية الاقتصادية، بعد أن بدأ الاقتصاد القطري مرحلة جديدة تعتمد على التنوع الاقتصادي، بناء على الإنفاق الاستثماري الكبير للقطاع غير النفطي الحيوي، حيث ساعد تنفيذ المشاريع الكبرى في خلق ما يقدر بـ120 ألف وظيفة في عام 2013.

ومن المنتظر أن تتراوح الاستثمارات في مختلف المجالات خلال السنوات العشر المقبلة بين 150 مليارا إلى 180 مليار دولار، موجهة أساسا للقطاعات غير النفطية والبنى التحتية.

ويعتبر الجهاز المصرفي والخدمات المالية من أهم القطاعات المكونة لنسيج الاقتصاد الوطني، حيث نمت الخدمات المحلية بمعدل 16% منذ عام 2010، ونمت مساهمة الخدمات المالية في الناتج المحلي الإجمالي بالقيمة المطلقة، حيث ارتفعت من 9% في عام 2005 إلى 14% في عام 2014.

وتفيد الإحصاءات أن القطاع المصرفي ينمو نموا قويا، حيث نمت الأصول والقروض والودائع بشكل ملحوظ وبمعدل سنوي مركب نسبته 16.5% بين عامي 2009 و2014، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي الأصول في القطاع المصرفي 380 مليار دولار في عام 2017 وهذه زيادة تقدر بنسبة 37% مقارنة بسنة 2014.

© Al Sharq 2015