05 09 2015

بقلم تطرقنا في المقالين السابقين لأنواع السفن، ثم لأنواع الموانئ البحرية وتجهيزاتها، لذا لابدّ من التنويه إلى أن التطورات التي تطرأ على السفن وأحجامها لابدّ أن يقابلها تطورات مماثلة في الموانئ البحرية.

فالميناء الذي يستقبل سفناً تقدر حمولاتها ببضعة آلاف من الحاويات، لن يكون بمقدوره ان يستقبل السفن العملاقة التي تحمل 20 ألف حاوية.

وإذا أردنا ان نسلط الضوء على الآثار الاقتصادية التي تترتب على تطوير الموانئ بشكل دوري مع تطورات الناقلات البحرية بكافة أنواعها، ولتقريب وجهة النظر، علينا ان نتخيل ان هناك ميناء ظل لعقود يستقبل سفناً بأحجام معينة، ثم مر وقت من الزمن ولم يراع أو يواكب تطورات أحجام السفن، التي تجوب بحار ومحيطات العالم، سيصبح هذا الميناء تلقائياً غير قادر على استقبال ذاك النوع من السفن أي (الأكبر حجما والأكثر حمولة)، وبالتالي سيخسر الكثير من الإيرادات، ويبدأ في فقدان الكثير من الإيرادات.

من هنا، ينبغي أن نؤكد ان على الدول العربية أن تهتم وبصفة مستمرة بتطوير الموانئ، وفقا لتطوير السفن ومعدات التفريغ والتحميل.

من نافل القول إن صناعة الملاحة البحرية صارت ذات أهمية وثقل اقتصادي كبير بالنسبة للعديد من الدول.

الإمارات على سبيل المثال، تجلت عبقرية أدركت تلك الحقيقة مبكرا فكان ميناء جبل علي شاهدا على ذلك، فجعل الخطوط الملاحية تأتي إليه طوعاً، وتكاثرت الشركات والتوكيلات العالمية في محيط الميناء العملاق، الذي صمم ليناسب كل ما يجوب البحار، فأحدث طفرة اقتصادية واضحة واصبحت كبريات الشركات العالمية تتخذ لها فرعاً لإدارة أعمالها في محيط ميناء جبل علي، وهذه التجربة الفريدة كان من الواجب أن تكون في مناطق عديدة من وطننا العربي كالكويت ومصر وسوريا، وفي اليمن وبلاد المغرب العربي وغيرها.

وتحتل الكويت مكانة ممتازة في شمال الخليج العربي، وبمقدورها إذا طورت قطاع الملاحة البحرية على الوجه المطلوب، أن تكون همزة وصل في التجارة العالمية بين دول آسيا ومنطقة الهلال الخصيب وبلاد الشام نظراً لما تتمتع به من استقرار وازدهار اقتصادي ومقدرة على الاستثمار، إذ يمكن أن تنطلق منها وإليها الكثير من الخطوط الملاحية إلى بقية الموانئ العملاقة في العالم.

ومن واجبنا، ألا نغفل كافة المشتغلين بالتجارة الدولية، فتعاملات المستوردين مع الخطوط الملاحية والموانئ البحرية تحتاج الى تسليط الضوء على كافة حلقاتها من خطوط ملاحية (Shipping Lines)، شركات شحن وسيطة (Freight Forwarders) ووكلاء شحن (Shipping Agents) ...الخ، لان أغلب مشكلات التجار تنحصر اما في سوء اختيار البضائع المناسبة للسوق أو ارتفاع تكلفة النقل، مما يجعل التاجر غير قادر على المنافسة، وبقليل من الجهد يمكن إدراك تلك النقاط وتجاوزها مما يكفل تحقيق النجاح.

© Al- Rai 2015