30 07 2015

أكد إعلان وزير المالية بأن البيانات المالية النهائية التي أظهرها الحساب الختامي للإدارة المالية للدولة عن السنة المالية 2015/2014 المنتهية في 31 مارس 2014 قد بين عجزاً فعلياً قدره 2.7 مليار دينار، أكد أهمية وضرورة مراجعة السياسات المالية للدولة.

ولا شك أن مراجعة تلك السياسات باتت مستحقة في ظل تراجع إيرادات النفط وتواضع مساهمة الإيرادات غير النفطية. هناك إمكانات مهمة لإعادة النظر من جانب الإنفاق الجاري نظراً لوجود العديد من البنود التي تزيد من هدر الأموال من دون مسوغات مقبولة.. وإذا كان الدعم، بمختلف صنوفه، يمثل ما يقارب 6 مليارات دينار كويتي سنوياً، أي ما يعني ثلث الميزانية الإنفاقية، فإن هناك العديد من بنود الدعم التي تستدعي المراجعة. وقد بدأت حكومة الإمارات باتباع إجراءات لترشيد الدعم عندما قررت، واعتباراً من بداية أغسطس، تحديد سعر البنزين وسعر الديزل بموجب أسعار النفط المتداولة في السوق، على أن تتم المراجعة شهرياً لأسعار تلك المشتقات في ضوء تطورات السوق.. ويمكن للكويت أن تحذو حذو الإمارات وتبدأ بتحديد أسعار الوقود بموجب أسعار السوق النفطية والتكاليف الاقتصادية الحقيقية، بما يؤدي إلى تحقيق الوفر المناسب في مخصصات الدعم. كذلك هناك بنود الدعم الأخرى مثل دعم الأعلاف ودعم الكهرباء والمياه التي يمكن إعادة النظر بها، وفي مسألة الكهرباء والمياه يمكن أن يرتبط السعر بمستوى الاستهلاك بما يعزز ترشيد الاستخدام من قبل المستهلكين.

وبتقديري المتواضع ان ضبط الإنفاق يمثل الخطوة الأساسية الأولى في عملية التدرج نحو تقليص الإنفاق الجاري بشكل عقلاني.. ربما لن يتم إلغاء الدعم بشكل نهائي إلا بعد مرور عدد من السنوات يجري خلالها تخفيض هذه المخصصات بصورة متدرجة.. ثم بعد ذلك تأتي أهمية ترشيد التوظيف في الدوائر والمؤسسات الحكومية، حيث يجب أن يربط باحتياجات حقيقية وبموجب معايير مهنية لائقة. ويفترض أن يتم تبني إستراتيجية لسوق العمل تهدف إلى رفع مساهمة العمالة الوطنية لدى القطاع الخاص وترشيد الاعتماد على العمالة الوافدة وتعزيز الاستخدام التكنولوجي في العديد من الأعمال. بطبيعة الحال ان تطوير القدرات المهنية في أوساط العمالة الوطنية يعني مراجعة البرامج التعليمية والتدريب المهني بما يمكن من الارتقاء بالمستويات المهنية بين الكويتيين. هذه البرامج لن يتأتى إنجازها خلال فترة زمنية قصيرة ولكن يجب العمل على البدء فيها بأسرع وقت ممكن لكي تأتي بثمارها خلال زمن معقول.

إن إصلاح السياسات المالية أصبح مستحقاً لكن ذلك يتطلب معالجات منهجية للحياة الاقتصادية ومراجعة القيم الاجتماعية التي تكرست على مدى عقود طويلة بما يعني إعادة صياغة النهج الاقتصادي وبناء مجتمع جديد تتعزز فيه قيم الإبداع والإنتاجية.

© Al Qabas 2015