28 08 2015

الشرق الأوسط أكثر المناطق افتقاراً للأمن المائي

أظهرت دراسة أعدها معهد الموارد العالمية «wri» أن «الكويت هي ثاني دولة في العالم مهددة بنضوب الماء العذب فيها مع حلول عام 2040 بعد البحرين التي أتت كأكثر بلد على الكرة الأرضية مهدد بانقراض مخزونه من الماء العذب».

وبينت الدراسة التي تناولت قائمة أكثر دول العالم المهددة بزوال المياه العذبة فيها خلال السنوات الخمسة والعشرين المقبلة أن «الكويت أكثر تعرضا من غيرها لمخاطر نضوب المياه الصالحة للشرب في المستقبل القريب والمتوسط». وحلت بالتالي في المركز الثاني بعد البحرين من ضمن قائمة ضمت 33 دولة صنفت من أكثر بقاع الأرض التي سيجف باطنها من المياه العذبة. وسيكون النضوب المياه فيها بشكل متفاوت بين 2020 و2030 و2040.

وقال باحثون من المعهد العالمي للموارد المائية إن منطقة الشرق الأوسط ربما كانت أكثر مناطق العالم افتقاراً للأمن المائي. وأشاروا إلى أن 13 دولة شرق أوسطية مهددة بأزمات مياه خانقة. ومن المثير للاهتمام في التصنيف لأكثر الدول عرضة لخطر شح مياهها هو وجود أغلب الدول العربية بواقع 16 بلدا ضمن قائمة اكثر أقطار الأرض عرضة لشح عالي الدرجة لمياهها العذبة ابتداء من عام 2020 الى عام 2040، حيث أتت دول الخليج مجتمعة في المراتب الأولى ولحقتها كل من فلسطين ولبنان والأردن وليبيا واليمن والمغرب والعراق وسورية والجزائر وتونس، فيما لا تشهد كل من مصر وموريتانيا والسودان والصومال وجيبوتي واريتريا ضغوطا قريبة الأجل تدفع لنضوب مصادرها المائية.

وتوقعت الدراسة أن «المزارع في البلدان التي تواجه خطر شح مياهها على وجه الخصوص قد تكون أكثر عرضة للندرة مما هي عليه اليوم».

وأضافت ان «منطقة الشرق الأوسط خصوصا ستزيد الدول فيها على الاقبال على تحلية مياه البحر في ظل تحديات نضوب المياه الجوفية في المستقبل».

وكتب باحثو المعهد أن دول الشرق الأوسط تسحب المياه الجوفية بغزارة وتقوم بتحلية مياه البحار وتواجه «تحديات استثنائية تتعلق بالمياه في المستقبل المنظور».

وبينت دراسة المعهد ان زيادة تقلص الموارد المالية من شأنه ان يسهم في مزيد من العنف الإقليمي والاضطرابات السياسية، حيث ان الجفاف ونقص المياه في سورية على سبيل المثال زاد من وتيرة الاضطرابات التي اندلعت في عام 2011. وأجبر تضاؤل ​​الموارد المائية وسوء الإدارة المزمن الى هجرة نحو 1.5 مليون سوري من المزارعين والرعاة في المقام الأول وتركوا أرضهم، وانتقلوا إلى المناطق الحضرية، ما زاد في زعزعة الاستقرار العام في سورية.

واشارت الدراسة إلى ان «دولا خليجية قد تكون الناس فيها سعيدة باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الا انهم على سبيل المثال في السعودية سيعتمدون كليا على واردات الحبوب بحلول عام 2016 مع تزايد المخاوف من نضوب الموارد المائية.

وقالت مديرة البرنامج العالمي للمياه في المعهد العالمي للموارد المائية بيتسي أوتو إن من الأهمية بمكان ان تتفهم الحكومات المخاطر المحتملة التي تواجهها في ما يتعلق بالمياه اللازمة لتسيير شؤونها الاقتصادية بما في ذلك تعاظم الطلب الناجم عن الزيادة السكانية علاوة على الآثار غير المؤكدة لتغير المناخ.

وقالت أوتو مشيرة الى سنغافورة بوصفها نموذجا لدولة تستعين بالاساليب المبتكرة «الانباء السارة.. ان بوسع الدول اتخاذ قرارات للحد من هذه الأزمة وتجنب المخاطر المرتبطة بكيفية ادارة موارد المياه».

ومن بين الأساليب التي قد تشيع في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى أنظمة اعادة استعمال المياه التي تقوم بمعالجة مياه الصرف الصحي. وقالت أوتو «ليس من المجدي معالجة المياه الى مستوى المياه القابلة للشرب واتاحة استخدامها في المنازل ثم تهدر بعد ذلك في شبكات الصرف الصحي».

وتقول أوتو إن بعض دول الشرق الاوسط تعول على تحلية المياه من خلال ازالة ملوحة مياه البحار والمياه الجوفية وقد تواجه مثل هذه الدول وغيرها التي تعاني من أزمات المياه العجز عن توفير الغذاء اللازم لشعوبها لأن المياه تلتهم موارد المياه.

وقال خبراء المعهد إن السعودية على سبيل المثال تقول إن شعبها سيعتمد بصفة أساسية على واردات الحبوب بحلول 2016.

وقال الخبراء إنه فيما تمثل الاضطرابات السياسية مبعث القلق الرئيسي اليوم في الشرق الاوسط فربما كان الجفاف ونقص المياه في سورية أسهم في الاضطرابات الاجتماعية التي أذكت الحرب الأهلية هناك. ونزح نحو 1.5 مليون شخص معظمهم من المزراعين والرعاة الى مناطق عمرانية فيما عجزوا عن الحصول على فرص عمل وخدمات كافية.

وقالوا إن المياه لعبت دورا مهما في الصراع الممتد منذ عقود بين الاراضي الفلسطينية واسرائيل. وقالت اوتو «من غير المرجح ان تصبح المياه سببا للصراع بل قد تكون عنصرا لتسريع وتيرته او مضاعفة الصراعات».

وتضمن التحليل أربع دول من المقرر ان تواجه ازمة حادة في المياه بين عامي 2010 و2040 هي تشيلي واستونيا وناميبيا وبوتسوانا ما يضيف أعباء جديدة على انشطتها التجارية والزراعية والمجتمعية.

وحذرت ايضا من ان التصنيف على المستوى القومي يخفي خلفه تفاوتات ضخمة فيما بين الدول فالولايات المتحدة على سبيل المثال صنفت 49 في عام 2010 و47 في عام 2040 لكن كاليفورنيا تكابد أزمة جفاف خانقة.

وقالت اوتو إن بعض هذه الدول قد يشهد زيادة امدادات المياه مستقبلا من خلال مياه الامطار بسبب التغير المناخي كما ان قطاع الزراعة قد يعول على مياه الامطار بدلا من مياه الري ما ينقذ الطلب المباشر على مياه المسطحات المائية.

وكان مجلس الاستخبارات القومي الأميركي بين وفق دراسة معهد الموارد العالمية أن مشاكل المياه «ستكون حاسمة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وستشكل خطرا أكبر يتمثل في عدم الاستقرار».

وأوضحت الدراسة ان «زيادة تقلص المخزون المائي بدرجة عالية تشكل تهديدا خطيرا للأمن المائي الوطني والنمو الاقتصادي في الدول التي تشكو مخزوناتها المائية الجوفية من النضوب التدريجي».

© Al- Rai 2015