31 08 2015

تفاقم أحاديث هواجس نزول النفط في الدواوين والأسواق

 القطاع العقاري كغيره من القطاعات سيتأثر حتما اذا استمرت اسعار النفط منخفضة لفترة طويلة. الا ان هناك الآن عاملا نفسيا لا يمكن الاستهانة بتأثيره السلبي.

ففي الدواوين واللقاءات ومكاتب الوسطاء في السوق وخارجه احاديث تؤكد ان اسعار العقار ستنخفض %25، علما ان هكذا نسبة ليست حقيقية الوجود الآن ولا هي ثابتة اقتصاديا بالاستناد الى معطيات ودراسات. الا ان المتخوفين يروجونها، مما يدفع كثيرين للتريث والاحجام عن الشك على اساس ان الاسعار باتجاه نزولي.. وهكذا دواليك، حتى تنتقل العدوى كالنار في الهشيم وتصبح نسبة الانخفاض حقيقة سوقية سواء %25 او اقل او اكثر.

والسؤال: كيف يؤثر انخفاض اسعار النفط في السوق العقاري؟ وهل تأثر العقار بتراجع النفط مباشر ام غير مباشر؟ وهل تأثره بالنفط اقوى من تأثيرات تراجعات اسواق المال عليه؟ وماذا سيكون واقع الحال على السوق العقاري المحلي إذا ما تم رفع أسعار الفائدة المصرفية؟

أسئلة طرحتها القبس على عدد من خبراء العقار الذين أكدوا أن السوق العقاري يقترب في ظل الظروف المحيطة من منحنى تنازلي، لاسيما في ظل استمرار تراجع أسعار النفط لفترة طويلة.

وعجز ميزانية الدولة وانكماش صرفها على المشاريع، اذ سينعكس ذلك بلا شك على عمليات استقدام العمالة ونسب الاشغال ومن ثم على القيم الإيجارية وأسعار العقار.

اضافة الى حالة الخوف والترقب التي يعيشها المستثمر العقاري اليوم من الحركة التصحيحية التي يمر بها السوق منذ بداية العام الحالي، والتي انعكست على بعض القطاعات التي كانت معدلات أسعارها قد بلغت المستويات المبالغ فيها، علاوة على ما استجد من معطيات زادت من حدة التخوف لدى المستثمر العقاري، لاسيما في ظل ما يشهده من انهيارات لأسواق مالية عالمية، سيكون لها انعكاسات حتمية على أسواق العقار في تلك المناطق، مما سيكون له أثر كبير في الشركات الكويتية التي تتعامل مع تلك الأسواق.

قال الرئيس التنفيذي لشركة «إنجازات» محمد الفرحان إن انخفاض النفط يؤثر بشكل عام في كل القطاعات، وهناك صدمة كبيرة واضحة على أسهم البورصات، خصوصا في الصين والدول الأوروبية، متوقعا أن تمتد تلك الصدمة إلى الأسواق العقارية، لاسيما الاستثماري والتجاري، أما السكني فإن محدودية الأراضي تحميه عادة من التراجع الشديد في الأسعار.

وأوضح أن ردة فعل الأسواق العقارية تكون أبطأ عادة من أسواق الأسهم، ولكن إذا ما استمر انخفاض النفط وفقا لتلك المعدلات بالتأكيد سنرى تراجعا ملحوظا في أسعار العقار، وهو ما بدأ بالفعل في أغلب الأسواق العقارية الخليجية مثل دبي وقطر والسعودية، لاسيما وأن عجز الميزانيات في الدول التي تعتمد على النفط سينعكس على المشاريع ومن ثم على العقار بشكل عام.

وأشار الفرحان إلى أن بوادر تأثر العقار عادة ما تكون بتراجع حجم التداول، وهذا ما نراه الآن في السوق العقاري المحلي، ومن ثم تبدأ الأسعار في التراجع، وهذا ما سنراه مع استمرار تراجع أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، خصوصا أن النفط يؤثر في ميزانيات الدول ودخل المواطن والمقيم.

وبين الفرحان أن ارتفاع الفائدة غنما يعد ضمن المعطيات التي لها تأثير مباشر على أسعار العقار، وهناك تكهنات منذ فترة بارتفاع الفائدة، كونها منخفضة منذ سنوات، لذلك فإن أي ارتفاع لها سيؤثر على العقار وسيؤدي إلى انخفاض أسعاره.

من ناحيته، قال مدير قسم إدارة أملاك الغير في بنك الكويت الدولي، جواد عبدالله المقصيد، ان النفط هو عصب الحياة في الكويت، وتأثير نزوله على العقار مباشر وملموس، وهذا ما لمسناه في تراجع معدل الإيجارات، حيث سيساهم استمرار تراجع النفط في اعتدال معدلات الإيجار خلال الفترة المقبلة، خصوصا في حال تدخل إيران كطرف قوي يزيد من الضغط على الأسعار.

ولفت المقصيد الى أن العقار مرتبط بالدورة الاقتصادية المتكاملة وليس معزولا عنها، لذلك سيكون تأثيره خلال الفترة المقبلة ملحوظاً، خصوصا في ظل ما نشهده من تغييرات اقتصادية على الصعيد العالمي، متوقعا أن يبدأ منحنى القطاع العقاري المحلي في النزول، لا سيما على صعيد الاستثماري والسكني، حيث باتت عروض البيع للقطاعين تتزايد.

وأكد المقصيد أنه في حال ارتفاع الفائدة، فإن ذلك سيدفع العقار إلى مزيد من النزول في ظل الظروف الحالية.

وحول تراجع البورصات وأثره على العقار، قال المقصيد: ان أهل العقار باتوا بعيدين تماما عن البورصة، وأغلبهم يرغبون في الاستثمار طويل الأمد، على عكس المستثمر في البورصة، وهو يرغب في الاستثمار قصير الأمد، لذلك فإن تراجع البورصة أصبح لا يؤثر على العقار مثلما هي الحال عند تراجع أسعار النفط الذي يعد المحرك الأساسي، خصوصا في دول الخليج.

من جانبه، قال عضو مجلس إدارة شركة المناخ الوطنية لتقدير العقارات، عبدالعزيز الدغيشم: إذا طالت مدة تراجع سعر النفط سيكون هناك تخوف، وهو ما ينعكس على السوق العقاري، ويزيد من عروض السوق، لا سيما الملاك الملتزمين بديون لدى البنوك، حيث ترغب تلك الشريحة في البيع قبل تراجع قيم الأصول.

أما عن تراجع أسواق المالتن فقال الدغيشم إن البورصة الكويتية منخفضة منذ فترة، وعلى الرغم من ذلك فإن العقار لم يتأثر بهذا التراجع، في السابق كان هناك تأثر للبورصة بالسوق العقاري، ولكن الآن بات التأثير محدودا، لاسيما أن البورصة متراجعة بالفعل منذ عدة سنوات، ونجد أن أقلية من مستثمري العقار هم من لهم علاقة بالبورصة.

واشار إلى أن المستثمر في العقار لديه أصل ثابت، وفي حال خسارة السوق يبقى هذا الأصل، لكن المستثمر في البورصة يتأثر رأسماله بتراجع الأسواق، وفي بعض الأحيان يتلاشى، وأكبر مثال على ذلك الأسهم التي كانت أسعارها تصل الى دينار كويتي، واليوم تعرض بــ 100 فلس.

وعن السوق العقاري في الوقت الحالي، قال الدغيشم إن السوق حاليا يمر بفترة هدوء، حيث تتزايد العروض وتتراجع نسب العوائد، وهو أمر طبيعي بسبب فترة الإجازات والصيف وسفر المواطنين، متوقعا أن يعود نشاط السوق عقب إجازة عيد الأضحى.

وبين الدغيشم أن رأس المال جبان، وعادة التاجر يتخوف من الأمور التي تحيط بالأسواق، منها تراجع أسعار النفط والاضطرابات السياسية، وارتفاع اسعار الفائدة، وانهيار البورصات وغيرها من المعطيات التي يكون لها تأثير مباشر في السوق العقاري، ومختلف أنواع الاستثمار.

من ناحيته، قال رئيس مجلس إدارة مجموعة بدر العقارية بدر المطيري إن الكويت تعتمد في ميزانيتها على النفط، لذلك سيكون التأثير مباشرا إذا استمر تراجع سعر النفط إلى ما دون 40 دولارا للبرميل، حيث سنرى تراجعا واضحا في أسعار العقار، بسبب تراجع الصرف الحكومي على المشاريع، وهو ما سينعكس على الشركات العاملة بالسوق، وسيخفض من استقدامها للعمالة، مما سينعكس على نسب الإشغال والإيجار، وهو ما سيدفع في اتجاه تراجع أسعار العقار بشكل عام، فضلا عن أن عجز ميزانية الدولة سينعكس على حجم الوظائف، مما سيكون له أيضا أثر بالغ في العقار.

وعن انهيار اسواق المال وأثره في العقار، قال المطيري إن البورصة الكويتية متدهورة منذ العام 2008 وحتى اليوم لم تتحسن، ومع ذلك كان العقار على مدى السنوات الماضية نشطا وأسعاره ترتفع، حيث لم تعد علاقة العقار بالبورصة مثلما كانت في السابق، وبات العقار لا يتأثر بما تشهده من اضطرابات مستمرة لا تتوقف،.

وحول إمكانية رفع سعر الفائدة وفقا لما تترقبه الأسواق، قال المطيري إن رفع سعر الفائدة سيكون محدودا بنسب محدودة لن يتبعها رفع ثان إلا بعد فترة، لذلك لا خوف على السوق العقاري من زيادة سعر الفائدة.
وبين المطيري أن السوق حاليا يعاني ركودا، وهناك تراجع، لاسيما فيما يخص الأراضي الاستثمارية الفضاء والتي شهدت أسعارها تراجعا بنسب بلغت 10 في المئة، موضحا أن السوق العقاري اليوم يشهد تراجعا لحجم التداول بشكل بات ملحوظا.

من ناحيته، قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة «دار الثريا العقارية» أحمد عبد الرزاق البحر أن تراجع أسعار النفط سيؤثر سلبا في السوق العقاري بدون شك، ولكن سيبقى العرض والطلب هما المحرك الرئيسي في السوق، خصوصا أننا نرى في ظل هذا الركود الذي يشهده السوق، هناك بعض القطاعات العقارية لا تزال أسعارها ترتفع مثال العقارات التجارية.

وحول تعليقه على ما نشهده من تراجع للبورصة والأسواق المالية العالمية وتأثيره في القطاع العقاري، قال البحر إن القطاع العقاري ليس في منأى عن غيره من القطاعات الاقتصادية، وبالتأكيد ستكون هناك انعكاسات للمجريات الحالية على السوق العقاري المحلي والإقليمي.

© Al Qabas 2015