31 08 2015

ونحن نخوض حربا أريد لها أن تكون حرب استنزاف مع قوى الارهاب ، يتفاقم العجز المالي في ايرادات الخزينة العامة مع انخفاض معدل الايرادات النفطية جراء استمرار تراجع أسعار النفط الى معدلات أقل بكثير من السعر التخميني الذي وضعته الموازنة العامة بنحو أربعة عشر دولارا للبرميل الواحد. ما يعني الحاجة الماسة لادارة مالية رشيدة وتوظيف ايجابي لموجودات المؤسسات المالية وفي مقدمتها المؤسسات المصرفية الحكومية .. ولعل ارتفاع معدلات تصدير النفط في تموز الماضي الى نحو ثلاثة ملايين و200 الف برميل في اليوم الواحد يمثل عنصرا تعويضيا عن انخفاض الاسعار الذي وصل الى معدل 50 دولارا و295 سنتا في تموز الماضي والى نحو 42 دولارا في آب الجاري ، ولكن هذا الارتفاع في معدلات التصدير لم يرتق بعد للرقم التخميني الذي اعتمدته الموازنة العامة والبالغ 3.3 ملايين برميل بسعر تخميني بلغ 56 دولارا للبرميل .. وبالتالي فاننا ازاء مشكلة مالية ينبغي الاقرار بها ابتداء ، بغية ايجاد المخارج العملية لها ، اذ ان العجز المالي سيتجاوز العجز الوارد في الموازنة العامة البالغ 25.4 ترليون دينار بنحو كبير واذا ما استمر الحال على ما هو عليه ،ما يعني الحاجة البالغة لمصادر تمويلية للايفاء ببنود والتزامات الموازنة العامة .. وقد يكون من المفيد في هذا الوقت تحديدا الحاق قانون الموازنة العامة بقانون موازنة تكميلية تتضمن اصدار سندات خزينة تباع للجمهور بهدف تمويل العجز الطارئ وتحفيز المؤسسات المصرفية الحكومية التي تتراكم في خزائنها الودائع المالية الهائلة على تمويل المشاريع الاستثمارية في المناطق الآمنة بنسب فوائد تغطي كلفها الادارية ، علاوة على أهمية تفعيل دور المصارف الخاصة التي تطالب دوما بالايداعات الحكومية ، وربط مسألة هذه الايداعات بدورها في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وبما يتناسب ومعدلات الائتمان التي تقدمها لمؤسسات الدولة والجمهور .ان خزائن القطاع المصرفي الحكومي والخاص متخمة بالكتل النقدية المتراكمة دون ان توظف في تمويل المشاريع الحقيقية ، ويقتصر الدور التنموي للمصارف الحكومية الان على القروض التي تقدمها المصارف المتخصصة من خلال المخصص لها في الموازنة العامة كما في مخصص المبادرة الزراعية أو من خلال قروض البنك المركزي الاخيرة ، وانحسر الدور التنموي للمصارف التجارية الحكومية الى ادنى مستوياته جراء الخوف غير المبرر من مخاطر الائتمان ومن شبهات الفساد التي تحف بالعمل المصرفي الحكومي، ونلمس ذلك جليا من خلال انخفاض معدلات الحوافر التي يتقاضاها العاملون في هذه المصارف التي وجدت لتكون مؤسسات تنموية عبر تدوير الودائع باتجاه رفع معدلات الائتمان ودعم عجلة الاقتصاد.. وعليه فاننا احوج ما نكون في هذه المرحلة تحديدا لمن يستطيع ان يضع العربة على المسار الصحيح لعبور الأزمة بعلمية ، اذ ما زالت خزائننا متخمة بالمال ونعاني من سوء الادارة المالية .

© Al Sabaah 2015