10 02 2016

«أصولها الخارجية ستشهد تراجعاً كبيراً»

أكد نائب أول للرئيس في قسم الأبحاث في «المركز» والعضو المنتدب لشركة مارمور مينا إنتلجنس م. ر. راغو، أن نمو العجز على صعيد دول مجلس التعاون الخليجي، وعدم استقرار الاقتصاد والأسواق في الصين، واستمرار الاضطرابات الجيوسياسية، سيؤدي إلى مخاطر عالية في هذه المنطقة، لافتاً إلى أنه بينما تواجه الدول المصدرة للنفط عجزاً في ميزانياتها وحساباتها الجارية، بدأت دول عديدة باستخدام احتياطياتها والاقتراض من الأسواق لسد الاحتياجات الناتجة عن اتساع الفجوة في أرصدتها المالية.

وكشف راغو خلال مشاركته في ندوة لـ «المركز» بعنوان «أبرز المخاطر في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2016 وما بعد» في «تشيرمانز كلوب» عن بدء دول مجلس التعاون الخليجي بترشيد الدعوم لخفض الإنفاق، ومناقشة الإصلاحات الضريبية لزيادة الإيرادات غير النفطية.

وأشار إلى تأثير بطء النمو الاقتصادي في الصين، والتي تعتبر أكبر مستورد للسلع ومنها النفط الخام، على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي تعتمد في إيراداتها على صادراتها إلى الصين، بالإضافة إلى أن النزاعات الإقليمية تواصل زعزعة الاستقرار في المنطقة وعرقلة الاستثمارات.

وقال إنه على افتراض استمرار انخفاض أسعار النفط، فإن الدول الخليجية المصدرة للنفط يمكن أن تشهد تراجعاً كبيراً في أصولها الأجنبية على مدى السنوات الخمس المقبلة، بينما يمكن أن يرتفع إجمالي دينها العام إلى 59 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، موضحاً أنه وفقاً للسيناريو الحالي، تخضع استراتيجيات دول مجلس التعاون الخليجي الهادفة للحفاظ على حصة السوق بسعر التكلفة إلى الاختبار.

وأكد أن التحدي الأكبر لدول مجلس التعاون الخليجي في ظل تراجع أسعار النفط، هو توجيه ثقة المستثمرين إلى الاستثمارات لمواجهة التقلبات الدورية من قبل الحكومات لتحفيز النمو الاقتصادي، مشدداً على أنه في ظل المخاطر والتحديات الحالية، يجب على الحكومات العمل على اتخاذ إصلاحات منهجية من أجل تحقيق أهداف مستدامة طويلة الأجل، كما يجب أن يتحالف القطاعين العام والخاص لدعم الإصلاحات وتعزيز الثقة على نحو مستمر.

وأجرى راغو مقارنةً بين المخاطر التي كانت متوقعة في العام 2015 والمخاطر التي تحققت فعلياً، وقد اشتملت المخاطر المتوقعة على العجز الروسي عن سداد الديون السيادية، وخروج اليونان من منطقة اليورو، والتوقعات المستقبلية للنمو الضعيف في كل من الاتحاد الأوروبي والصين، ومخاطر تنظيم داعش، والاضطرابات الاجتماعية في الاتحاد الأوروبي، وغيرها.

ولفت إلى تحقق بعض هذه المخاطر، بينما لم يتحقق البعض الآخر، في حين أنه من جهة أخرى، فوجئت معظم الأسواق العالمية بتراجع سعر النفط إلى أقل من 40 دولاراً للبرميل بسبب اتجاه الدول الأعضاء في منظمة الأوبك إلى استراتيجية الدفاع عن حصة السوق بدلاً من المحافظة على الأسعار، إلى جانب الاتفاق النووي الإيراني، والانخفاض الحاد في سعر صرف الريال البرازيلي.

وأبرز راغو المخاطر المتوقعة والمرجّح تحققها في العام 2016، مبيناً أنه مع تراجع أسعار النفط إلى ما دون 40 دولاراً للبرميل، بدأت التساؤلات حول مدى قدرة منظمة «أوبك» على الاستمرار بسياستها الراهنة والقائمة على ضخ أكبر كمية ممكنة من النفط، سعياً إلى زيادة حصتها من السوق والضغط على المنتجين ذوي التكلفة العالية.

ولفت إلى أنه لا تتوافر أي فوائض مالية نفطية لدى بعض كبار المنتجين، ومنهم فنزويلا ونيجيريا والجزائر، الذين يعتمدون في إيراداتهم على الصادرات النفطية، منوهاً بأنهم يواجهون عجزاً متزايداً في ميزانياتهم وحساباتهم الجارية.

وأضاف راغو أنه تم أخيراً رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة بمعدل 25 نقطة أساس في 16 ديسمبر 2015، مع قيام الاحتياطي الفدرالي الأميركي بزيادة مدى سعر الفائدة الأساسي بربع نقطة مئوية إلى ما بين 0.25 و0.50 في المئة.

وتوقع أن تشهد أسعار الفائدة مزيداً من الارتفاع خلال عام 2016، بمعدل متوسط مستهدف يقدر بنسبة 1.375 في المئة، مشيراً إلى أن السندات الأميركية وأسعار الفائدة في الولايات المتحدة تمثل مؤشرات قياسية عالمية، إذ ستؤدي هذه الزيادات المتوقعة إلى ارتفاع تكلفة التمويل في الولايات المتحدة وتغيير قيمة كل شيء في جميع أنحاء العالم، ما سيؤدي إلى تأثر أسواق الأسهم بفعل تراجع وفرة رأس المال قليل التكلفة، كما سيتأثر أيضاً حجم اقتراض القطاع الخاص.

وقال إن إقبال الصين على الاقتراض بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008، أدى إلى ارتفاع كبير في حجم الائتمان والذي وصل إلى 240 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية الربع الثالث 2015.

وأفاد أن النمو المتزايد للائتمان، إبان فترة تشهد نموا اقتصادياً بطيئاً، أدى إلى تضخيم المديونية، وقد أصبح سوق السندات الصينية اليوم ثالث أكبر سوق في العالم بعد الولايات المتحدة واليابان، ووصل حجمها إلى 5.6 ترليون دولار أميركي مع نمو حجم إصدار السندات بمعدل 56 في المئة العام 2015، ما أدى إلى تحذيرات من مواجهة وضع يشبه الفقاعة في السوق. وذكر أن المخاوف من تراجع الإنتاج الصناعي والتباطؤ الاقتصادي في الصين على الأسواق العالمية، أدى إلى تعرض أسعار السلع الرئيسية لضغوط كبيرة.

60 تريليون دولار

وذكر راغو أن إجمالي حجم الدين العالمي قد اقترب من 60 تريليون دولار، وقد نتجت الزيادة عن ديون الشركات غير المالية، وعلى الأخص في اقتصادات الأسواق الناشئة، إذ يطلق على التحديات التي تواجهها الأسواق الناشئة المثقلة بالديون اصطلاح «الموجة الثالثة» من الأزمة المالية، وقد نتجت هذه الموجة عن تراجع أسعار السلع إلى أدنى مستوياتها، وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، وانخفاض معدل التضخم العالمي.

© Al- Rai 2016