23 10 2016

كتبت/  ياسمين صالح

من المُتوقع أن تُعلن الإمارات عن الإجراءات الرسمية في غضون أسابيع لبدء فرض ضريبة القيمة المُضافة بنسبة 5 بالمئة، لتسبق بذلك دول الخليج في تطبيق مُخطط فرض الضرائب المُدرة للدخل بحلول عام 2018، وذلك بحسب خبراء الضرائب.


هذا وقد اتفقت دول التعاون الخليجي في فبراير الماضي على فرض ضريبة القيمة المُضافة ردًا على الانخفاض الحاد في أسعار النفط على مدار العامين الماضيين، وكجزء من خطتها لتنويع مصادر الدخل وخفض اعتمادها على إيرادات القطاع الهيدروكربوني.

وفي حين لم تُصدِر الحكومات الإقليمية أية تفاصيل أو تشريعات بشأن مُخطط ضريبة القيمة المضافة، ذكرَ خبراء الضرائب في مقابلة شخصية مع موقع زاوية أن الإمارات قد تُقرر الخروج من عباءة دول الخليج وتُعلن تفاصيل عن هذا المشروع خلال شهر أكتوبر.

وفي تعليقه على ضريبة القيمة المضافة، ذكر راكش برداساني، شريك لدى شركة آر اس إم للاستشارات، أنه "من التجارب السابقة، أثبتتْ الإمارات أنها أكثر حرصًا، بل وبحاجة إلى تطبيق ضريبة القيمة المُضافة أكثر من أقرانها من دول الخليج التي تتمتع بوفرة أكبر من النفط".

مُضيفًا، أنه "ثمة محادثات بأنه من المتوقع أن يكون هناك مشروع للقرار خلال شهر أكتوبر، ولا يسعنا إلا الانتظار لنشهد ما سيحدث. غير أنه وفي حال عدم موافقة دول الخليج على مشروع ضريبة القيمة المضافة حتى ذلك الوقت، فإنني أرى أن الإمارات جادة في خطواتها، بل قد تواصل مساعيها وتُعلن عن مشروع القرار وبعدها يتم تعديله بمجرد صدور اتفاق دول التعاون الخليجي."

وفي حديث لمسؤول وزارة المالية الإماراتي لوسائل الإعلام، ذكر أنه من المتوقع أن تصل إيرادات الحكومة من ضريبة القيمة المضافة خلال العام الأول من التطبيق إلى 12 مليار درهم (3.266 مليار دولار).

دول الخليج

من المحتمل أن تحذو السعودية حذو الإمارات، فيما قد تتمهلْ دول الخليج الأخرى فترة قد تصل لعام حتى تأخذ نفس المسار.

وعلى حد قول باسم دحمان، الشريك الإداري والقائد الإقليمي لشركة آر اس إم للاستشارات بمنطقة الشرق الأوسط، فإنه "تتمتع دول الخليج بأنظمة مُشابهة، فالموقف الآن هو من يرغب في ركوب قطار ضريبة القيمة المُضافة أولاً أو يدخل إلى حلبتها قبل أقرانه."

مُضيفًا، "دومًا ما تحتل الإمارات الصدارة في كل شيء، وقد طبَّقت السعودية بالفعل نظام للضرائب وتُعد كذلك قائدًا إقليميًا." فهاتان الدولتان هما قادة المنطقة الآن. ولا تألو الإمارات والسعودية جهدًا في تنفيذ ضريبة القيمة المُضافة، ومن ثمَّ فقد نشهد إجراء ما بشأن ضريبة القيمة المُضافة الشهر الجاري.

وقد بدأت دول الخليج بالفعل في تطبيق بعض صور الضرائب التي تتراوح من 10-15 بالمئة كضريبة مفروضة على بعض الشركات في قطر وعُمان والكويت، إلى نسبة تتراوح من 55-85 بالمئة والتي فرضتها السعودية والإمارات على شركات النفط، وذلك بحسب تقرير تومسون رويترز حول الضرائب في دول التعاون الخليجي والمنشور أوائل العام الجاري.

وذكر باسم دحمان أن دول الخليج الأخرى، قطر على سبيل المثال، كانت أكثر احتمالاً لتطبيق منهجية انتظر وسترى وتحليل أية مشكلات قد تعترض أوائل الدول التي ستخوض زمام المبادرة في هذا الشأن. ومن المحتمل أن تؤجِّل الكويت هي الأخرى هذا القرار، نظرًا لأن حكومتها قد تواجه اعتراضًا شديدًا من برلمانها المنتخب.

السعودية

سجَّلت السعودية، المُصدِّر الأكبر للنفط عالميًا وصاحبة الاقتصاد الأكبر في العالم العربي، عجزًا في موازنتها اقترب من حاجز 100 مليار دولار، الأمر الذي يرجع إلى الانخفاض الحاد في أسعار النفط وأعباء التدخل العسكري في اليمن. وقد اتخذت الرياض في سبيل ذلك مجموعة من الإجراءات لخفض التكاليف والتكيّف مع عجز الموازنة وتنفيذ برامج الإصلاح الخاصة بالدعم كجزء من سياسة شاملة للإصلاح الاقتصادي والمعروفة بـ "الرؤية السعودية 2030" للحد من الاعتماد على إيرادات قطاعها الهيدروكربوني وتنويع مواردها.

جديرٌ بالذكر أن دول الخليج الأخرى بصدد سن برامج الإصلاح الاقتصادي لتنويع مصادر إيراداتها واستقطاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في مختلف القطاعات الاقتصادية. هذا وقد أخذت الإمارات زمام المبادرة عن غيرها من الدول في خلق بيئة مواتية لأنشطة الأعمال والتحرك قُدما إلى حد السماح بملكية الأجانب للشركات بنسبة 100 بالمئة.

وتابع راكش برداساني، "أرى أن الإمارات تتمتع بكافة المقومات التي تحتاجها لتحويل ريادتها إلى تجارب ناجحة، ومن ثمَّ فإنني أظن أنها ستظل في مركز الريادة وتُطبق ضريبة القيمة المُضافة". ويشاركه في هذا الرأي، السيدة جانين داو، كبير مسؤولي الضرائب غير المباشرة لدى شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC) حيث عرضت أن الإمارات تبدو في "مراحل متقدمة" بشأن إعداداتها لفرض ضريبة القيمة المُضافة.

وعلى كلٍ، ليستْ دول الخليج الأخرى على نفس الدرجة من الاستعداد حتى رُغم أنها قد تكون أكثر حاجة لإيرادات ضريبة القيمة المُضافة من الإمارات.

وتابع باسم دحمان، "تشهد عُمان زيادة في قيمة عجز موازنتها. وعلى ذلك، فهي تزيد من الضرائب المفروضة على الشركات كذلك. وقد تكون السلطنة بحاجة إلى تطبيق ضريبة القيمة المُضافة أكثر من دول الجوار الأكثر ثراءً. وليست البحرين بوضعٍ أفضل."

مُضيفًا، "نظرًا لانخفاض الإيرادات النفطية، فعلى كافة الدول أن تسعى للبحث عن مصادر إيرادات بديلة، وتعد ضريبة القيمة المُضافة مُتنفسًا للحصول على الإيرادات الضريبية دون أن يكون لها أثر شديد على العديد من الشركات نظرًا لأنها ضريبة غير مباشرة ويتحمل المستهلك النهائي أعباءها."

وبحسب ما ذكره توفيق اللواتي عضو مجلس الشورى العُماني لوسائل الإعلام المحلية في يناير، أنه لا تزال السلطنة تُفكِّر في آلية لجمع ضريبة القيمة المُضافة، ومن المقرر أن يتم فرض هذه الضريبة بحلول منتصف عام 2017، ما يعني أنه من المحتمل أن تفرض السطلنة ضريبة القيمة المُضافة بحلول منتصف عام 2018 أو 2019.

وعلى حد قول سعادة توفيق اللواتي في جريدة تايمز اوف عمان، "فمن خلال فرض ضريبة القيمة المُضافة، فمن المتوقع أن يكون بمقدور السلطنة الحصول على إيرادات تتراوح من 200 مليون إلى 300 مليون ريال عُماني (519.5 مليون دولار - 779.2 مليون دولار) كل عام."

السوق المشتركة

يأتي التحدي الرئيسي لدول الخليج في تطبيق سياسة موحًّدة لضريبة القيمة المُضافة؛ نظرًا لختلاف متطلبات وأهداف الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وقد يكون لغياب السياسة الموحَّدة تأثيرًا سلبيًا على التجارة الحدودية والأنشطة الاقتصادية في مختلف أنحاء المنطقة، حيث تم إطلاق الاتحاد الجمركي عام 2003 والسوق المشتركة عام 2008.

وذكر راكش برداساني أنه قد تتضمن السياسة الموحَّدة أنواع المنتجات والخدمات التي من المقرر أن يتم إعفائها ومشاركة إيرادات ضريبة القيمة المُضافة بين دول الخليج. وفي حال غياب مثل هذه السياسة، فمن المقرر أن تكون دول الخليج التي تعتمد على وارداتها الإقليمية مثل البحرين محرومة من ميزات ضريبة القيمة المُضافة، ذلك لأنها ستتحمل عبء فرض ضرائب إضافية.

يُذكر أن التجارة البينية لدول الخليج سجَّلت قفزة لنحو 100 مليار دولار بحلول نهاية عام 2012 بعد أن بلغتْ 67 مليار دولار عام 2008، وذلك بحسب البيانات الصادرة عن مجموعة أكسفورد للأعمال. وتُعد الإمارات منصة رئيسية لأنشطة إعادة التصدير في منطقة الخليج وتحتل النصيب الأكبر من التجارة الإقليمية، فأية خطوات مبكرة تتخذها الإمارات تكون موضع مراقبة عن كثب من قِبل دول الخليج الأخرى.

وترى جانين داو العاملة لدى شركة برايس ووتر هاوس كوبرز (PwC)  أن التجمع ككل سوف يستفيد من اتخاذ إجراءات جماعية. "وتُعد دول الخليج سوقًا مشتركة وقد أنشأت اتحاد جمركي، وإنني أعتقد أن هناك حاجة ماسة للتنسيق بينها عندما يتعلق الأمر بتنفيذ نظام ضريبي جديد في مختلف دول الخليج."

وتابعت جانين داو أن شركات الأعمال تنتظر بشغف أية معلومات واضحة بشأن خطط ضريبة القيمة المضافة، ذلك لأنها بحاجة إلى مدة عام على الأقل لإعداد بنبيتها التحتية اللازمة والاستعداد لأية تغييرات في أنظمتها الحسابية.

مُضيفةً، "من منظور الأعمال، فثمة امتثال مهم وهناك حاجة ضرورية للشركات لبدء التفكير في تداعيات فرض ضريبة القيمة المضافة على أنشطتها، وما هم بحاجة إليه هو الاستعداد من الآن نظرًا لأن الجهود التنفيذية ستتطلب وقتًا."




© Zawya 2016