19 10 2016

( التقرير من إعداد التميمي وشركاه باللغة الإنجليزية، ومترجم للعربية بواسطة "زاوية عربي")

بالإشارةً إلى التشريع المعمول به في دولة الإمارات العربية المتحدة والأحكام الصادرة من محكمة التمييز في إمارة دبي، فإنه يجوز التعامل مع أية شركة على أنها عقد يُشكل فيه شخصين أو أكثر حصة من المال أو العمل في أي مشروع اقتصادي أو الأرباح أو الخسائر التي يتحملونها سويًا كما يلزم حماية مصالح الجهات الدائنة والمستثمرين المعنيين الذين يتعاملون مع الشركة من منطلق الاعتقاد بأنها شركة حقيقية؛ وأن المعلومات الواردة في سجلات الشركة صحيحة وحقيقية وأنهم قاموا باعتماد أو استثمار أموالهم مسبقًا نتيجة لذلك. يتناول هذا المقال أحد أحكام القانون الاتحادي الإماراتي رقم 2 لعام 2015 فيما يتعلق بالشركات التجارية (قانون الشركات)، والذي يهدف إلى توفير تلك الحماية ومعاقبة كل من يخالف أو ينتهك الأحكام الواردة به.

جريمة تقديم معلومات زائفة

تُجرِّم المادة 361 من قانون الشركات تقديم معلومات زائفة حيث تنص بأنه:

"يتعرض كل من يتعمد إدراج أي معلومات زائفة أو تتعارض مع هذا القانون في عقد أو مذكرة تأسيس أية شركة أو قوائم الحصص أو السندات أو أي من الوثائق الأخرى بالشركة إلى عقوبة السجن لفترة تتراوح ما بين 6 شهور إلى 3 سنوات أو غرامة مالية تتراوح ما بين 200,000 درهم إماراتي حتى 1,000,000 درهم إماراتي؛ ويسري مفعول تلك العقوبة كذلك على من قام بالتوقيع أو تداول تلك الوثائق عن معرفة وقصد رغم هذه الحقائق".

 يشير نص المادة رقم 361 إلى جريمة متعمدة، وهو ما يعني أن الجريمة تشترط توافر سبق الإصرار؛ وفي حالة ما إذا تم ارتكاب ذلك بطريق الخطأ أو نتيجة الجهالة، فإن مرتكبها لن يتحمل المسئولية الجنائية الناجمة عنها. واستنادًا إلى مدى خطورة الجريمة المرتكبة وعلى اعتبار أنها مخالفة للنظام العام، فإنه لا يمكن الوصول إلى تسوية بين المذنب والطرف المتضرر من تلك الجريمة.

وبالإشارةً إلى الحكمين الصادرين من جانب محكمة التمييز بدبي، فهناك حكمين أساسيين يلزم أخذهما بعين الاعتبار فيما يتعلق بالمادة رقم 361:

من الممكن فقط إثبات زيف العقد الذي يتعلق بالشروط الواردة في عقد تأسيس الشركة من خلال تقديم أدلة وبراهين كتابية (غير شفهية) (محكمة التمييز بدبي بتاريخ 27/1/2009: تمييز مدني رقم 2008/ 212 ورقم 2008/ 226).

لا يمكن التعامل مع "اليمين القاطع" على أنه إثبات لتناقض المعلومات الواردة في عقد تأسيس الشركة (محكمة التمييز بدبي بتاريخ 31/10/1999: تمييز رقم: 1999/ 149 ورقم 1999/ 153).

فيما يتعلق بالشركات ذات المسئولية المحدودة عند تأسيسها، يجب سداد كافة الحصص والأسهم - سواء كانت نقدية أو اعتبارية- بالكامل ويلزم إيداع الحصص النقدية في أي من البنوك العاملة في الإمارات العربية المتحدة؛ ونتيجة للبيان الزائف الذي يتعلق بالحصة الفعلية التي يمتلكها الشركاء في أي من الشركات ذات المسئولية المحدودة وهي الشركة التي قد تعتبر لاغية بذاتها (محكمة التمييز بدبي بتاريخ 13/4/2010: التمييز التجاري رقم 2010/ 46 ورقم 2010/ 48). وفي حالة تقديم معلومات زائفة لا يتم التعامل معها نتيجة اعتبار الشركة لاغية وباطلة، فإنه قد تتحمل الشركة نفسها المسئولية الجنائية عن البيانات الواردة نيابة عنها أو لحسابها وفقًا لحكم المسئولية الجنائية التجارية الوارد في القانون الجزائي الاتحادي (المادة رقم 65).

لا يتقيد النطاق الوارد في المادة رقم 361 بما هو وارد في عقود التأسيس أو السجلات الخاصة بأي من الشركات ذات المسئولية المحدودة، لكنه يمتد حتى يشمل الشركات المساهمة والشراكات المقيدة بالأسهم؛ ونظرًا لأنه يتم تكوين رأس مال هذين النوعين من الشركات من خلال الدعوة إلى الاكتتاب وإصدار الأسهم، فإنه يكمن الهدف من فرض تلك الالتزامات والعقوبات التي تتعلق بدقة المعلومات الواردة في الوثائق والسجلات في حماية جمهور المكتتبين. وفي حالة ما إذا كانت تتضمن الوثائق والسجلات معلومات زائفة، يتحمل الأفراد الذين قاموا بإدراج تلك المعلومات الزائفة المسئولية الجنائية، وقد تتحمل الشركة كذلك المسئولية التجارية الجنائية بموجب ما هو وارد في المادة رقم 65 من القانون الجزائي الاتحادي الإماراتي. ونظرًا لأن الشكل القانوني لإنشاء الشركات المساهمة يعتمد على الوثائق والسجلات الواردة، يجب أن تكون وصية المكتتب خالية من أي عيوب أو عوائق مثل الأخطاء أو الاحتيال.

تكمن الأهداف الرئيسية لما هو وارد في نص المادة رقم 361، ما يتجاوز تجريم القيام بتقديم معلومات زائفة، في ضمان تقييم تلك الشركات والأسهم الخاصة بها بشكل دقيق والتأكد من حقيقة رأس مال الشركة لحماية المساهمين (نقداً)؛ كما تهدف كذلك إلى منع المساهمين (الاعتباريين) من الحصول على عدد من الأسهم في الشركة، والتي يجب ألا تزيد عن عدد الأسهم الاعتبارية التي يمتلكونها في رأس المال، وهو الأمر الذي يعمل على حماية مصالح الجهات الدائنة لأن الحفاظ على رأس مال الشركة يعني حماية حق الجهات الدائنة.

في حالة ما إذا قام أعضاء مجلس إدارة الشركة أو بعضهم بالتوقيع على أي من الوثائق والسجلات التي تتعلق بزيادة أسهم رأس المال، فإنه يلزم إرفاق تلك الوثائق أو السجلات بتقرير صادر من جانب أي مراجع مالي وذلك لتحديد مدى صحة تلك المعلومات الواردة بها ومدى توافقها مع الأحكام الواردة في القانون النافذ؛ وفي حالة ما إذا كانت المعلومات الواردة في الوثائق أو السجلات صحيحة، فإن العضو المنتدب أو رئيس مجلس إدارة الشركة يتحمل المسئولية الجنائية. كما يجوز للمدقق المالي تحمل المسئولية الجنائية في حالة ما إذا كانت المعلومات الواردة في التقرير غير صحيحة نتيجة لأن التحقق من مدى دقة تلك المعلومات من صميم مهام عمله.

وليس من الضروري أن تكون جميع المعلومات الواردة في الوثائق أو السجلات غير صحيحة، فيكفي فقط في حالة ما إذا كانت المعلومات الزائفة كافية للحد من مصداقية تلك الوثائق أو السجلات بحيث تكون جميع المعلومات صحيحة باستثناء بيان واحد يخالف القانون، حيث يكفي ذلك لاكتمال أركان الجريمة.

خاتمة

تؤدي عملية تقديم معلومات زائفة في أي من الوثائق الخاصة بالشركة إلى خلق مناخ غير آمن للجهات الدائنة والمستثمرين، ويضعف من قدر الثقة العامة في الاقتصاد؛ وبالتالي، فإنها تعتبر جريمة جنائية خطيرة قد تؤدي إلى عقوبة السجن لأي شخص يتعمد القيام بتلك الأعمال والغرامات المالية التي يتم فرضها على الشركات التي يتم لأجلها تنفيذ تلك الأعمال. ومن خلال تجريم عملية تقديم معلومات زائفة في الوثائق الخاصة بالشركة، فإنه يهدف القانون إلى خلق بيئة مستقرة للتعاملات التجارية متى شعرت الجهات الدائنة والمستثمرين بالراحة عند العمل بموجب تلك المعلومات المقدمة إليهم وخلق وتعزيز اقتصاد يكون موضع ثقة حقيقية من قبل الجمهور.  

© Al Tamimi & Company 2016