20 01 2017

رئيس بعثة «صندوق النقد» إلى الكويت ستيفان روديه:

توقعات بتعافي النمو غير النفطي إلى 4% على المدى المتوسط

تنظيم أجور ومزايا العام يشجع على توظيف المواطنين في «الخاص»

أكد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي الى الكويت ستيفان روديه على القوة المالية وقدرة الكويت على احتواء اثر تراجع أسعار النفط وان القطاع المالي سليم وأوضاع الائتمان مواتية، معللا ذلك بالاحتياطيات المالية الكبيرة ومستوى المديونية المنخفض، ما يتيح تنفيذ الضبط المالي المطلوب بالتدريج.

كلام روديه جاء في سياق تقرير صندوق النقد حول الاقتصاد الكويت عن العام 2016، والذي أجاب فيه عن تساؤلات تتعلق بمدى تأثير أسعار النفط على الاقتصاد المحلي وأيضا توصيات الصندوق.

وقال روديه ان الصندوق أوصى بمعالجة إصلاحات مواطن الضعف الأساسية في الميزانية، فبالنسبة لإصلاح الطاقة، فالدعم موجهه لغير مستحقيه، وفاتورة الأجور الأعلى مقارنة بالبلدان المناظرة، ويرى ان تنظيم الأجور والمزايا في القطاع العام تساعد على زيادة جاذبية القطاع الخاص وتشجع توظيف أعداد كبيرة في الشركات الخاصة.

وأشار الى استراتيجية الإصلاح الحكومية ذات الركائز الـ 6، مؤكدا ان الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص ستساعدان على رفع الإنتاجية وزيادة الاستثمارات وخلق فرص عمل، وفيما يلي التفاصيل:

كيف اثر انخفاض اسعار النفط على التطورات الاقتصادية في الكويت والآفاق المتوقعة لها؟

? كان التأثير الاكبر انخفاض عائدات تصدير النفط والايرادات الحكومية المرتبطة بها، ما أضر بمركز المالية العامة والحسابات الخارجية في الكويت، بالاضافة الى ذلك فنظرا لاعتماد الكويت الكبير على النفط، كان لانخفاض اسعاره اثر ايضا على النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي، فهبط معدل النمو من 5% في العام 2014 الى 3.25% في العام 2016.

ومع ذلك، لا تزال الكويت قادرة على احتواء اثر انخفاض اسعار النفط، فاحتياطياتها المالية الكبيرة ومستوى مديونيتها المنخفض يتيحان للسياسات حيزا للحركة من اجل تنفيذ الضبط المالي المطلوب بالتدريج، مع زيادة الاستثمارات العامة لدعم النمو، بالاضافة الى ذلك لا يزال القطاع المالي سليما وأوضاع الائتمان مواتية.

وعلى هذه الخلفية، يتوقع ان يتعافى النمو غير النفطي الى نحو 4% على المدى المتوسط، تدعمه الخطة الانمائية الخمسية الحالية، ومن المتوقع ايضا ان تتحسن اوضاع المالية العامة والحسابات الخارجية مع التقدم في مسيرة التكيف والتعافي التدريجي لأسعار النفط.

لماذا يوصي الصندوق بمزيد من التخفيضات في دعم الطاقة والسيطرة على فاتورة الاجور اذا كان لدى الحكومة احتياطيات مالية كبيرة؟

? ابرزت زيادة العجز الحكومي (قرابة 17.5% من اجمالي الناتج المحلي) الحاجة لاجراء اصلاحات داعمة للميزانية على المدى المتوسط، وتمتلك الكويت احتياطيات مالية كبيرة تسمح لها بالمضي في الاصلاحات تدريجيا، لكنها لا تلغي الحاجة الى اجرائها.

ويوصي الصندوق بأن تعالج الاصلاحات مواطن الضعف الاساسية في الميزانية، وتسعير الطاقة هو احد المجالات التي دعونا الى اصلاحها، فدعم الطاقة باهظ التكلفة بالفعل، حيث وصل الى قرابة 6% من اجمالي الناتج المحلي في 2015/2016، وهناك حجتان قويتان أخريان تدعمان اصلاح دعم الطاقة، احداهما ان الحفاظ على انخفاض اسعار النفط بصورة مصطنعة يجعل من الدعم اداة مشجعة للافراط في استهلاك الطاقة، والثانية هي ان هذا الدعم غير موجه الى الفئات المستحقة، حيث تشترك في الاستفادة منه الاسر المرتفعة الدخل التي لا تحتاج اليه، وقد اتخذت الحكومة خطوات كبيرة على مدار العام الماضي لتقريب اسعار الطاقة (الوقود والكهرباء على وجه الخصوص) من اسعار السوق، لكن دعم الطاقة لا يزال كبيرا، وسيساعد اجراء المزيد من الاصلاحات على تحسين كفاءة استهلاكها وتحقيق وفر في المالية العامة، على ان تصاحب هذه الاصلاحات اجراءات لحماية الاقل دخلا وتشجيع كفاءة استهلاك الطاقة.

ومن مجالات الاصلاح الاخرى فاتورة الاجور في الكويت، والتي تعتبر بالغة الارتفاع مقارنة بالبلدان المناظرة، وهناك بعدان في الاصلاحات المطلوبة في هذا المجال، البعد الاول: تصميم الآليات التي تسمح بإحكام السيطرة على نمو الاجور في المستقبل، والبعد الثاني: الحد من زيادة القوى العاملة نفسها في القطاع العام، اذ ان الواقع الجديد لاسعار النفط لا يسمح باستمرار هذه الزيادة. وبالطبع، سيكون من المهم القيام بذلك مع تشجيع خلق فرص العمل في القطاع الخاص لتجنب ارتفاع البطالة.

لماذا يدعم الصندوق ما تنويه السلطات من زيادة في الايرادات غير الهيدروكربونية بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة وضريبة ارباح الاعمال؟

? هناك حاجة لزيادة الايرادات غير الهيدروكربونية بسبب متطلبات التكيف المالي الكبيرة على المدى المتوسط والافتقار الى التنوع في مصادر الايرادات، وسيساهم تطبيق ضريبة القيمة المضافة وضريبة ارباح الاعمال في تحقيق حزمة اجراءات اكثر توازنا للضبط المالي، كما سيساعد في الحد من حساسية الموارد العامة لتقلبات اسعار النفط، وفي الوقت ذاته، ستساعد الاسعار الضريبية المنخفضة نسبيا على الحد من اثر هذه الضرائب الجديدة على منشآت الاعمال، والواقع ان دول مجلس التعاون الخليجي الاخرى التي تواجه قيودا مماثلة تنظر في تطبيق هذه الضرائب الجديدة ايضا، بما فيها ضريبة القيمة المضافة بسعر 5%، ولنفس هذه الاسباب يدعم الصندوق ايضا خطط الحكومة لتعديل سعر الخدمات الحكومية بالتدريج وفرض ضرائب انتقائية على سلع معينة.

ما نوع الاصلاحات التي يساندها الصندوق لدعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل للمواطنين الكويتيين؟

? حتى يتسنى اعطاء دفعة للنمو الاقتصادي وخلق فرص العمل للكويتيين يتعين اعطاء دور اكبر للقطاع الخاص وزيادة تنوع النشاط الاقتصادي، وفي هذا الصدد، تمثل اصلاحات سوق العمل وجهود تنمية دور القطاع الخاص عنصرا مهما من عناصر الاصلاح الذي يدعمه الصندوق، فعلى سبيل المثال من خلال التعامل بصورة افضل مع التوقعات التي تستشرف محدودية فرص العمل في القطاع العام مستقبلا، يمكن تشجيع الباحثين عن وظائف على التطلع الى العمل في القطاع الخاص، ومن شأن مواصلة الجهود التي بدأت مؤخرا لتنظيم الاجور والمزايا في القطاع العام ان تساعد ايضا على زيادة جاذبية القطاع الخاص وتشجيع توظيف اعداد كبيرة في الشركات الخاصة، ومن الضرورات المهمة ايضا اصلاح نظام التعليم لضمان اتساق مهارات الخريجين الجدد مع احتياجات الشركات الخاصة.

وكما تشير استراتيجية الاصلاح الحكومية ذات الركائز الست، فإن زيادة استخدام الخصخصة والشراكات مع القطاع الخاص ستساعد ايضا على رفع الانتاجية وزيادة استثمارات القطاع الخاص وخلق فرص العمل، وينبغي ان يقترن ذلك مع تقدم اكبر في تحسين بيئة الاعمال، وهو ما يشمل اصلاحات لتيسير الحصول على الاراضي والتمويل وتخفيف عبء الاجراءات الادارية واللوائح التنظيمية المرهقة، وتشجيع المنافسة، وزيادة قدرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة على الحصول على التمويل.

© Al Anba 2017