05 09 2015

الأسعار الحالية تعني عجزاً كبيراً سيؤدي إلى تآكل الاحتياطات سريعاً

تذكروا هذا التاريخ جيدا، 28 أغسطس 2018: إنه التاريخ الذي تنفد فيه احتياطات السعودية. أو قل إنه على الأقل ما ستصل إليه أي دولة لها احتياطيات دولة غنية بالنفط، مع كم الانتاج الحالي والسعر الموجود الآن.

فلو بقي سعر برميل النفط عند 40 دولاراً، ستخلو خزينة هذه الدولة الشرق أوسطية من الأموال في التاريخ السالف الذكر. هذا بالطبع مع افتراض عدم حدوث تغييرات أخرى في السياسة المالية أو النقدية. لكن بأي حال، فهذا الافتراض يساعد على تبيان مدى أهمية سعر النفط، والسبب الذي يجعل الولايات المتحدة، الحريصة على استقرار الشرق الأوسط، ترغب في زيادة سعر النفط.

وما لم يحدث انتعاش في سوق النفط، فالدول تواجه نقصا ضخما في ميزانياتها. وإذا كانت دول صغيرة وغنية مثل قطر والكويت تمتلك احتياطيات مالية كافية لتجاوز العاصفة لفترة طويلة للغاية، إلا أن أعضاء آخرين أقل ثراء داخل أوبك، مثل ليبيا والعراق ونيجيريا قد يواجهون أوضاعا متفجرة.

في مكان ما وسط هذا المشهد، تقف السعودية تحت رحمة سوق النفط، حيث يمثل النفط 90 في المئة من قيمة صادراتها الكلية ونحو 80 في المئة من عائداتها الحكومية الكلية.

لذا فالمملكة بحاجة فورية إلى زيادة أسعار النفط، وهو ما أكده تقرير الباحثين من بنك الاستثمار الكندي «آر بي سي كابيتال ماركتس»، وجاء فيه أنه: «مع استمرار فائض المعروض من النفط وزيادة صادرات منتجي النفط الى مستويات قياسية، يزداد الموقف خطورة».

وراهنت السعودية في الشتاء الماضي على أن الحفاظ على مستويات انتاج النفط عالية رغم انخفاض سعر البرميل وبالضغط على بقية أعضاء الأوبك لعمل المثل، واعتقدت أن بإلامكان استغلال هبوط سعر النفط لإنهاء خصومها في روسيا وأميركا الشمالية، لكن يبدو أن هذا كان افتراضا خاطئا، فبينما خَفَّضَت الآبار الجديدة في أميركا الشمالية انتاجها في الأشهر الأخيرة، واصلت آبارها الموجودة العمل وزادت حتى انتاجها.

وذكرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي السعودي) في تقريرها الأخير أنه «أصبح واضحا أن منتجي النفط من غير أعضاء أوبك لا يتجاوبون مع انخفاض أسعار النفط كما كان يُعْتَقَد. وهذا يتطلب المزيد من الصبر من منتجي النفط من أعضاء أوبك، واستعدادا للحفاظ على مستوى الانتاج حتى يصل الطلب لمستويات العرض الحالية».

بكلمات أخرى، مواصلة الانتاج، وبيع النفط بمعدلات سعر أقل بكثير من نقطة اللامكسب واللاخسارة، وهي النقطة التي تحتاج السعودية فيها لأموال النفط لتلبية متطلبات ميزانيتها. المعروف أن احتياطيات النفط السعودي تبلغ نحو 270 مليار برميل، وذلك طبقا لبيانات هيئة معلومات الطاقة الأميركية، وهذا يعني أنه مع مستويات الانتاج الحالية التي تقل قليلا عن 10 ملايين برميل يوميا، يمكن للسعودية مواصلة انتاج النفط لمدة 75 عاما تقريبا.

لكن مع بقاء سعر بيع برميل النفط الخام عند 40 دولارا، فإن الاحتياطيات النقدية للمملكة ستنفد قبل هذا الموعد بكثير، وحسب التقديرات، فإن السعودية قد تستهلك احتياطيها النقدي الكلي وقدره 655 مليار دولار قبل نهاية عام 2018، ما لم تتم زيادة أسعار النفط. وكان الباحثون في «باركليز للخدمات المالية والمصرفية» قد توصلوا لنفس هذه النتيجة، بعمل تحليل مقارن لأسعار خام برنت عند سعر 50 دولارا للبرميل.

وذكر تقرير «باركليز» أنه: «من دون تعديل مالي ومع افتراض عدم تأمين صكوك دين، فإن ودائع الحكومة السعودية واحتياطي العملات الأجنبية لديها ستنتهي بحلول عام 2019». وحتى وصول سعر البرميل الى 60 لن يوقف استنزاف المملكة لاحتياطياتها، ما لم تتخذ إجراء ما كفيلا بخفض النفقات.

وينص السيناريو المفترض على أن السعودية ستحافظ على وعدها بابقاء مستويات الانتاج الحالية وتكاليف الحفر الهامشية، وهذا يعتمد على عدد من الافتراضات مثل الحفاظ على معدل صرف الريال ومستويات الانتاج الحالية بشكل مستمر، وهذا يؤكد على قوة الميزانية السعودية.

لكن الواقع بالنسبة للسعودية أصبح صعباً لدرجة أنها اضطرت لطرح سندات حكومية بقيمة 4 مليارات دولار أميركي خلال العام الماضي، وهي المرة الأولى التي تبيع فيها هذا الكم من الأسهم خلال ثماني سنوات. وقد ذكر رئيس مؤسسة النقد العربي السعودي، فهد المبارك، في يوليو: «أننا نتوقع أن نرى زيادة في الاقتراض». كما ذكر موقع بلومبيرغ أن السلطات السعودية تبحث استقطاع 102 مليار دولار من نفقات الاستحقاقات المستقبلية،لمواجهة هبوط أسعار النفط.

برغم ذلك، يظل الإنفاق العام مرتفعا، فقد زادت الحكومة السعودية من الإنفاق العام، مثل العديد من حكومات الشرق الأوسط،، خلال السنوات القليلة الماضية. وطبقا لأبحاث «باركليز»، فمن المتوقع أن يبلغ الانفاق العام 1.2 تريليون ريال سعودي (321.8 مليار دولار) في عام 2015، وهو يعادل ضعفي مستويات الإنفاق في 2010.

© Al- Rai 2015