كنا قد تناولنا سابقاً أهم النقاط المختصرة التي ذكرها صندوق النقد الدولي في تعليقه على الاقتصاد المصري وأدائه أثناء الموجة الأولى من جائحة كورونا.

للمزيد: ماذا قال صندوق النقد الدولي عن أداء مصر في عاصفة كورونا؟

ومؤخراً، أصدر الصندوق تقرير مفصل عن رؤيته للاقتصاد المصري بعد المراجعة الأولى له، في إطار اتفاق الاستعداد الائتماني الذي عقدته مصر مع الصندوق في يونيو 2020 بقيمة 5.2 مليار دولار.

ونحاول أن نعرض هنا أهم النقاط التي سلط الصندوق الضوء عليها في هذا التقرير.

كيف يرى الصندوق أداء الاقتصاد المصري خلال العام العصيب 2020؟

*بشكل عام، يرى صندوق النقد الدولي أن أداء الاقتصاد المصري خلال الجائحة كان جيداً، وساعدت الإجراءات المختلفة التي اتخذتها الحكومة على امتصاص كثير من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية. حيث سجل معدل النمو 3.6% للعام المالي 20/2019، مقابل 2% كانت متوقعة، مما يعكس أداء عام "معقول" خلال العام، ربما باستثناء الربع الذي انتهى في يونيو 2020 والذي شهد انكماش بحوالي 1.7% على أساس سنوي، وهو أمر طبيعي بالنسبة للربع الذي شهد ذروة الأزمة وتطبيق الإجراءات الاحترازية بشكل موسع.

*والأمر نفسه ينطبق على معدلات البطالة التي لم تتأثر بشكل كبير إلا خلال الربع ذاته (أبريل – يونيو 2020)، حيث ارتفعت إلى 9.6% خلال تلك الفترة، قبل أن تعود لمستويات حول الـ 7% في الربع اللاحق (الثالث من 2020).

*ذكر الصندوق كذلك أن السياسة النقدية مع قدر السيولة الكافي في القطاع المصرفي ساعدا على استمرار تدفق الائتمان وبالتالي الحفاظ على استمرار النشاط المحلي بقدر ما. بالإضافة إلى ذلك، خفض البنك المركزي أسعار الفائدة بإجمال 4.5% خلال العام، في محاولة للإبقاء على حركة النشاط الاقتصادي أثناء الجائحة.

*وعلى ناحية السياسة المالية ومستهدفات الموازنة، رحب الصندوق بالإبقاء على مؤشرات الموزانة العامة تحت السيطرة، مع تحقيق فائض أولي قدره 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي. (الفائض الأولي هو الفارق بين الإيرادات والمصروفات بدون احتساب الفوائد فيها).

*وعلى صعيد آخر بألوان أكثر وضوحاً، أثنى صندوق النقد على جهود مصر فيما يخص التوجه "الأخضر" لاقتصادها، بمعنى أخذ البعد البيئي في الاعتبار في السياسات المختلفة، خاصة فيما يخص الاهتمام بمشروعات الطاقة النظيفة والمتجددة. وهو الأمر الذي تجسد كذلك في طرح سندات خضراء في السوق الدولية بقيمة 750 مليون دولار في آواخر سبتمبر 2020.

* ومع أداء جيد نسبياً أثناء العاصفة، قام الصندوق بمراجعة توقعاته لنمو الاقتصاد لعام 21/2020 إلى 2.8% بدلاً من 2% كانت متوقعة في توقيت عقد اتفاق الاستعداد الائتماني في يونيو 2020. إلا أن الصندوق يتوقع استمرار معوقات تعافي السياحة حيث لا يزال الوضع العالمي وإجراءات السفر بعيدة عن حالتها الطبيعية. كما يتوقع الصندوق ارتفاع عجز الحساب الجاري ليتجاوز الـ 4% من الناتج المحلي الإجمالي في 21/2020، مرتفعاً من 3.5% في العام المالي السابق 20/2019.

إلا أن الأمر لا زال ينطوي على عدد من المخاطر، أهمهم 3 نقاط:

1 تصاعد موجة ثانية من كورونا، قد تهدد بضرورة تطبيق إجراءات احترازية مشددة سوف تأثر بالسلب على النشاط الاقتصادي مجدداً، وهي نقطة نراها من أكثر النقاط حساسية في ظل اعتماد جزء كبير من الاقتصاد وبالذات غير الرسمي على ثقافة "التزاحم"، أهمها المطاعم والمقاهي والمجال الترفيهي، كذلك السياحة الداخلية وغيرها من المجالات التي تتطلب قدر من الاطمئنان لممارستها.

2 الأمر ليس محلياً فقط.. فحتى إن نجحت مصر في إبقاء الأمور تحت السيطرة محلياً، يعتمد أداؤها الاقتصادي بشكل كبير على معدل تعافي العالم من حولها. ولا، الأمر لا يقتصر على السياحة فقط. وإنما تتأثر تحويلات العاملين بالخارج كذلك بتعافي اقتصادات الخليج مثلاً. وكذلك قد يتسبب أي تباطؤ في تعافي الاقتصادات الناشئة عموما في ارتفاع تكلفة الائتمان الذي تحتاجه مصر من الأسواق العالمية.

3 كذلك مع وجود المستويات الحالية من الدين المحلي والأجنبي، وبالذات في ظل وجود احتياجات تمويلية مرتفعة للاقتصاد المصري، تصبح هناك هشاشة خاصة تجاه التقلبات التي تحدث في السوق العالمية وفرص الاقتراض وتكلفته.

(إعداد: إسراء أحمد، وعملت إسراء سابقا كاقتصادي أول بشركة شعاع لتداول الأوراق المالية - مصر، وكذلك شركة مباشر لتداول الأوراق المالية، بالإضافة لعملها كباحث اقتصادي في عدة وزارات مصرية)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي وتستخدم لغة عربية بسيطة.

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام