زاوية عربي

 مثل فتاة جميلة قليلة الحظ، تتعاقب الأحداث المؤسفة على لبنان سياسياً واقتصادياً، ومؤخراً، إنسانياً أيضاً.

 فبعد الحدث المؤسف الذي عصف ببيروت في الرابع من أغسطس الجاري بانفجار شحنة كبيرة من نترات الأمونيوم في مرفأ العاصمة، تصدرت لبنان الأخبار والتحليلات السياسية والاقتصادية لمتابعة التداعيات والبحث عن سبل الخروج.


ورغم صعوبة الفصل بين الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والطائفية للبنان، نحاول أن نتعرف هنا على أهم خصائص الاقتصاد اللبناني من جوانبه المختلفة. فكيف لبلد في موقع جغرافي كموقع لبنان وتوجهها في تشجيع القطاع الخاص وحرية النشاط الاقتصادي، أن تصل إلى ما وصلت إليه كإفلاس وبطالة وشح العملة والفساد..؟

دعونا نحاول المسك بأطراف الخيوط المتشعبة، ونفهم معاً..كيف تساقطت أوراق أشجار الأرز الجميلة؟


الورقة الأولى: نمو اقتصادي غير مستقر، وحساسية شديدة للمخاطر الجيوسياسية وفترات الحرب والسلام

منذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت منذ عام 1975 إلى 1990، كان النمو الاقتصادي في لبنان غير مستقر بين فترات توتر سياسي وحروب تتخللها بعض فترات التفاؤل. فبعد انتهاء الحرب، كان الاقتصاد اللبناني ينمو بمعدلات مرتفعة نسبياً، بمتوسط 6.6% في الفترة 1993 – 1998، وذلك طبعاً باستثناء العام الأول بعد انتهاء الحرب، حيث حقق لبنان 38% كمعدل نمو، وهو رقم يبدو كبير لكنه طبيعي لاقتصاد صغير خرج لتوه من حرب قضت على الكثير من أصوله وموارده.

إلا أن أرقام النمو الاقتصادي كانت مرآة تعكس بوضوح التوترات السياسية مثل عام 1996، حيث كانت عملية عناقيد الغضب التي شنتها إسرائيل على حزب الله بلبنان وعام 2006 حيث الحرب الشهيرة في لبنان بحرب تموز بين ذات الطرفين. وباندلاع الحرب في سوريا في 2011، انتهت فترة الانتعاش النسبي في النمو الاقتصادي اللبناني فانخفض بطريقة هي أشبه بالانهيار، هاوياً إلى متوسط 0.4% أثناء الفترة 2011 – 2019 بعد ان كان حقق معدل نمو تجاوز 9% في الفترة من 2006 ل 2010، بعد حرب تموز 2006.
 
وهو أمر منطقي وطبيعي نظراً لأهمية سوريا وثقلها في الاقتصاد اللبناني، فعلى سبيل المثال هي ثالث أكبر سوق للصادرات اللبنانية بعد الإمارات العربية المتحدة والمملكة السعودية وذلك حسب قاعدة بيانات

World Integrated Trade Solution WITS.

فضلاً عن أن معظم التجارة البرية إلى العراق وغيرها تمر بالطرق السورية. ذلك إلى جانب أهمية العمالة السورية في بعض القطاعات اللبنانية كالزراعة.

>

المصدر: صندوق النقد الدولي


الورقة الثانية: هيكل اقتصادي غير متوازن، واقتصاد بساق واحدة

ليست المشكلة الأصلية تكمن فقط في الحرب في سوريا رغم ما فرضته من مصاعب.

وإنما المشكلة هيكلية في الأصل، أي في طريقة عمل الآلة الاقتصادية نفسها.

حيث اعتمد لبنان منذ سنوات على نموذج اقتصاد خدمي ريعي لا ينتج قيمة مضافة مرتفعة، ويعتمد على الخدمات المصرفية وقطاع العقارات، والسياحة، وتدفقات رؤوس الأموال من الخارج، بدون اهتمام كبير بالصناعة أو الزراعة.

>


المصدر: تقرير من البنك الدولي  2018 

وقد أدى هذا النموذج إلى عدة اختلالات، منها على سبيل المثال وجود عجز مزمن في الميزان التجاري السلعي، حيث الاعتماد شبه الكلي على الاستيراد، ويؤدي ذلك إلى الحساسية الشديدة لمعدلات التضخم (أي ارتفاع الأسعار) لأي ارتفاع ولو طفيف في سعر العملة الأجنبية – وهو ما سنتناوله بالتفصيل في مقال قادم – بالإضافة لعدم الاستفادة من طاقة القطاع الصناعي في توليد فرص العمل.

 

(عملت  إسراء  سابقاً  كاقتصادي  أول  بشركة  شعاع  لتداول  الأوراق  المالية  -  مصر،  وكذلك  شركة  مباشر  لتداول  الأوراق  المالية،  بالإضافة  لعملها  كباحث  اقتصادي  في  عدد  من  الوزارات  المصرية) 

(للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com) 

تغطي  زاوية  عربي  أخبار  وتحليلات  اقتصادية  عن  الشرق  الأوسط  والخليج  العربي  وتستخدم  لغة  عربية  بسيطة. 

© ZAWYA 2020

إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى الأصلي
تم كتابة محتوى هذه المقالات وتحريره من قِبل ’ ريفينيتيف ميدل ايست منطقة حرة – ذ.م.م. ‘ (المُشار إليها بـ ’نحن‘ أو ’لنا‘ (ضمير المتكلم) أو ’ ريفينيتيف ‘)، وذلك انسجاماً مع
مبادئ الثقة التي تعتمدها ريفينيتيف ويتم توفير المقالات لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقترح المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية أي استراتيجية معيّنة تتعلق بالاستراتيجية الأمنية أو المحافِظ أو الاستثمار.
وبموجب الحد الذي يسمح به القانون المعمول به، لن تتحمّل ’ ريفينيتيف ‘، وشركتها الأم والشركات الفرعية والشركات التابعة والمساهمون المعنيون والمدراء والمسؤولون والموظفون والوكلاء والمٌعلنون ومزوّدو المحتوى والمرخّصون (المشُار إليهم مُجتمعين بـ ’أطراف ريفينيتيف ‘) أي مسؤولية (سواءً مجتمعين أو منفردين) تجاهك عن أية أضــرار مباشــرة أو غيــر مباشــرة أو تبعيــّة أو خاصــة أو عرضيّة أو تأديبية أو تحذيريّة؛ وذلك بما يشمل على سـبيل المثـال لا الحصـر: خسـائر الأرباح أو خسارة الوفورات أو الإيرادات، سـواء كان ذلك بسبب الإهمال أو الضـرر أو العقـد أو نظريـات المسـؤولية الأخرى، حتـى لـو تـم إخطـار أطـراف ’ ريفينيتيف ‘ بإمكانيـة حـدوث أيٍ مـن هـذه الأضرار والخسـائر أو كانـوا قـد توقعـوا فعلياً حدوثهـا