من فيل ستيوارت

واشنطن 15 أبريل نيسان (رويترز) - يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طمس بالضربات الصاروخية الأمريكية الأخيرة الخط الأحمر الذي رسمته الولايات المتحدة ليكون تجاوزه معيارا للتدخل العسكري في سوريا عند استخدام الأسلحة الكيماوية.

وأصبح الغموض يكتنف الآن موضع الخط الأحمر.

فقد قالت الولايات المتحدة إن ضرباتها جاءت ردا على هجوم كيماوي شنته القوات السورية في السابع من ابريل نيسان يقول مسؤولون بالإدارة إنها استخدمت فيه غاز الكلور وربما غاز السارين وهو من غازات الأعصاب الأشد فتكا.

وقالت المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي لمجلس الأمن يوم السبت "تشير مجموعة كبيرة من المعلومات إلى أن النظام السوري استخدم أسلحة كيماوية".

وبدا في السابق أن غاز السارين هو الخط الأحمر للتدخل. وكان هجوم بغاز السارين هو الذي دفع ترامب في العام الماضي لتوجيه ضربة لقاعدة جوية سورية. كما كاد هجوم بغاز السارين في العام 2013 أن يدفع الرئيس السابق باراك أوباما لتوجيه ضربة لسوريا.

ويقول خبراء إن غاز الكلور استخدم على نطاق أوسع في الحرب السورية دون رد أمريكي في السابق وإن إعداد هذه المادة وتجهيزها للاستخدام العسكري أسهل بكثير. وهذا يجعل القضاء عليها من خلال الضربات العسكرية مهمة أصعب كثيرا.

وقال داريل كيمبال من رابطة الحد من التسلح في واشنطن "كل مدينة في الشرق الأوسط بها شبكة لتنقية المياه لديها على الأرجح بعض الكلور. فهو مادة كيماوية صناعية شائعة". ويقول كيمبال إنه يفضل تحركا عاما لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية بما فيها الكلور.

أما يوم السبت فلم يكن واضحا ما إذا كان هجوم آخر بالكلور يكفي لإطلاق المزيد من الضربات الأمريكية أو ما إذا كان من الضروري أن يصل عدد القتلى إلى مستوى مرتفع بعينه، كما حدث في هجوم السابع من ابريل نيسان، أو ما إذا كان من الضروري أخذ احتمالات استخدام غاز السارين في الاعتبار.

أو ربما كان الأمر يتطلب حدوث سلسلة من الانتهاكات مثلما حدث في السابع من ابريل نيسان قبل حدوث أي تدخل أمريكي.

وقد وجهت إدارة ترامب تهديدات مبطنة يوم السبت بالتدخل العسكري مستقبلا وأطلقت تصريحات متباينة عن الدرجة التي اعتقدت بها أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين. وتنفي سوريا استخدام الأسلحة الكيماوية.

وقال جيم ماتيس وزير الدفاع إنه متأكد فقط من الاستخبارات التي أشارت إلى استخدام غاز الكلور من جانب القوات السورية في السابع من ابريل.

ولم يستبعد استخدام غاز السارين.

كما قال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي إن ترامب أمر بشن الضربات بناء على استخبارات أمريكية تفيد باستخدام "سلاح الكلور الكيماوي على الأقل" مشيرا إلى أن المحققين قد يثبتون استخدام غاز السارين أيضا.

وقال مسؤول آخر في إدارة ترامب في إفادة للصحفيين إن الولايات المتحدة تقدر أن غاز السارين استخدم أيضا في هجوم السابع من ابريل نيسان لكنه أشار إلى أن المعلومات الأمريكية عن السارين مصدرها تحليل لتقارير من وسائل إعلام ومصادر أخرى متاحة للجمهور وليس من استخبارات أمريكية.

ولم يتضح ما إذا كان ترامب اعتقد أن غاز السارين استخدم عندما قال على تويتر يوم الأربعاء أن الصواريخ الأمريكية "قادمة" ووصف الرئيس السوري بشار الأسد بأنه "حيوان قاتل بالغاز".

وكان تحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الفترة 2015-2017 قد توصل إلى أن الحكومة السورية استخدمت غاز السارين في الرابع من ابريل نيسان 2017 كما استخدمت الكلور كسلاح عدة مرات. وحمل التحقيق مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مسؤولية استخدام غاز الخردل.

وانتهى عمل لجنة التحقيق في نوفمبر تشرين الثاني عندما عطلت روسيا التي تدعم الأسد ثلاث محاولات من جانب مجلس الأمن لتجديد تفويضها. وقالت موسكو إن التحقيق المشترك به عيوب.

وقبل الضربات الأخيرة أشارت السفيرة هيلي في مجلس الأمن يوم الجمعة إلى أن أي تصرف من جانب واشنطن لن يكون فقط ردا على الهجوم الذي وقع في دوما.

وقالت "الولايات المتحدة تقدر أن الأسد استخدم الأسلحة الكيماوية في الحرب السورية 50 مرة على الأقل. وتصل تقديرات أهلية إلى 200 مرة".

ويوم السبت ألمحت إلى أن الولايات المتحدة ستضرب من جديد إذا استخدمت سوريا الغاز السام لكنها امتنعت عن تحديد المادة الكيماوية التي تشير إليها.

وقالت هيلي يوم السبت "إذا استخدم النظام السوري هذا الغاز السام مرة أخرى فالولايات المتحدة جاهزة للضرب. عندما يرسم رئيسنا خطا أحمر فرئيسنا يطبق ما يعنيه الخط الأحمر".

(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير نادية الجويلي)