يؤكد بنك الكويت المركزي «أن الاقتراض أفضل من الإمعان في السحب من الاحتياطي العام لسد عجز الموازنة».
وجاء في تقرير اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأمة الخاص بالإذن للحكومة بعقد قروض عامة، جملة آراء، أبرزها للبنك المركزي الذي يحذر من مغبة عدم إقرار قانون رفع سقف الدين العام، لأن ذلك يعطل 3 سياسات: المالية والاقتصادية والرقابية، الخاصة بتعزيز الاستقرار المالي لدى البنك المركزي وهيئة أسواق المال.
ويقول المحافظ الدكتور محمد الهاشل، كما ورد في التقرير: «إن الظروف في الأسواق العالمية مواتية للاقتراض بالنظر إلى توافر السيولة وانخفاض معدلات الفائدة، إذ حصلت السندات التي أصدرتها الكويت في مارس من العام الماضي على فائدة تنافسية نسبتها %3.4، علماً بأن عوائد الاحتياطي العام تتراوح بين 5 و%6».
ويشير المحافظ إلى ضرورة عدم اعتماد السحب من الاحتياطي فقط لتمويل عجز الموازنة، بل اعتماد مزيج تمويل يضم الاقتراض من السوقين المحلية والعالمية، إضافة إلى بعض السحب من الاحتياطي كما حصل في 2017. وهذا الخيار يحافظ على الاحتياطيات المالية نسبياً ويدعم الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية في البنك المركزي، فضلاً عن عدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على الاقتراض من السوق المحلية، لأن البنوك وجدت لمواجهة احتياجات القطاع الخاص والاقتصاد عموماً لا الحكومات فقط.
على صعيد آخر، يوضح رأي المحافظ «أن ميزانية الكويت كانت في 2006 بحاجة إلى برميل بـ 22 دولاراً، في حين أن الحاجة الآن إلى برميل بـ 68 دولاراً».
تبقى الإشارة الى أن تقرير اللجنة المالية مدرج اليوم على جدول أعمال مجلس الامة، ويعارض بعض النواب الاقتراض لاعتقادهم بأن لا حاجة لذلك.

رأي البنك المركزي
ذكر محافظ البنك المركزي د. محمد الهاشل أنه لا يمكن النظر إلى هذا القانون بمعزل عن الجذور الحقيقية للمشكلة، فالواقع الاقتصادي يعاني من اختلالات هيكلية مزمنة متمثلة في:
 هيمنة القطاع النفطي وأحادية مصادر الدخل.
هيمنة القطاع الحكومي على النشاط الاقتصادي.
ضعف مشاركة القطاع الخاص.
هذه الأسباب أدت إلى جمود في الميزانية العامة. جمود في بنود المصروفات وجمود في الإيرادات، نتج عن كل ذلك عجز مالي وصل إلى 7.5 مليارات دينار العام الماضي، ويتوقع أن يستمر العجز نتيجة لارتفاع السعر التوازني، وهو سعر برميل النفط الذي تتساوى فيه الإيرادات العامة مع المصروفات العامة، في الميزانية، حيث كان كالتالي:
السعر التوازني في ميزانية 2005 – 2006: 22 دولاراً.
السعر التوازني في ميزانية 2016 – 2017: 68 دولاراً.
ويعود السبب الرئيسي في ارتفاع السعر التوازني للموازنة إلى تنامي المصروفات العامة في ظل جمود الإيرادات التي أدت بدورها إلى ظهور فجوة تمويلية لا بد من مواجهتها بأحد السيناريوهات التالية:
1 – السحب من الاحتياطي العام.
2 – الاقتراض المحلي والخارجي.
3 – مزيج من الخيارات السابقة.
وقد تدارست لجنة إدارة الدين العام المشكلة لهذا الغرض بموجب القرار الوزاري 51 لسنة 2017 السيناريوهات السابقة والخيارات المطروحة، آخذة في الحسبان الاعتبارات التالية‍:
أسعار الفوائد على أدوات الدين.
التصنيف الائتماني.
المقارنة بين كلفة الاقتراض والعوائد المحققة على الاحتياطيات.
حيث تم الاخذ بالسيناريو الثالث لمواجهة عجز الميزانية في 2017 على النحو التالي:
الاقتراض محلياً بقيمة 1.5 مليار دينار.
إصدار سندات خارجية 8 مليارات دولار.
سداد البقية من الاحتياطي العام.
ويعزى اختيار هذا السيناريو إلى الأسباب التالية:
المحافظة على الاحتياطيات الموجودة.
عدم مزاحمة القطاع الخاص بالاقتراض المحلي؛ فالبنوك وجدت بالأصل لتمويل ومواجهة احتياجات القطاع الخاص وليس الحكومات.
دعم الاحتياطيات النقدية من العملات الاجنبية.
ان الظروف في الاسواق العالمية مواتية للاقتراض بسبب:
1 – توافر السيولة لدى البنوك العالمية.
2 – انخفاض معدلات الفائدة الاميركية %2.5 مضافاً اليها الفائدة التفضيلية للسندات الكويتية %0.9 ليصبح معدل الفائدة للسندات الكويتية %3.4.
وهذا افضل مما حصلت عليه سندات ابوظبي التي تعتبر الافضل في المنطقة – مقابل عوائد الاحتياطي العام 5 الى %6.
3 – الجدارة الائتمانية لدى الكويت AA.
ومع كل ذلك، نبه المحافظ إلى اهمية التعامل مع الاقتراض بحذر وحصافة كبيرة، كما أشار الى خطورة رفض المشروع بقانون والتبعات المترتبة على ذلك، فبالاضافة الى استنفاد الاحتياطيات النقدية سوف يتم تعطيل 3 سياسات اقتصادية:
– السياسة المالية.
– السياسة النقدية.
– السياسة الرقابية لتعزيز الاستقرار المالي لدى البنك المركزي وهيئة اسواق المال.
واضاف المحافظ: ان اجل سداد القرض لثلاثين عاماً مطبق في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وهناك دول كالارجنتين تصدر سندات لمئة عام، كما ان هناك شركات مثل Walt Disney تصدر سندات لمئة وخمسين عاماً. وذكر المحافظ ان الاقتراض على المدى الطويل مهم لبناء منحنى للفائدة. فعندما تصدر البنوك المحلية سندات سيكون البنك المركزي مرجعاً لها، وايضا يساعد الاجل البعيد في تمويل المشاريع التنموية الكبيرة المتوقع ان تدر عائداً على المدى الطويل.
وفي رده على تساؤلات اللجنة المالية في مجلس الامة حول عدم اصدار صكوك اسلامية، ذكر المحافظ ان السبب في ذلك يعود الى عدم وجود غطاء تشريعي، فعلى الرغم من ان البنك المركزي يولي التمويل الاسلامي اهمية كبيرة، وعلى الرغم من ان الكويت من اولى الدول التي انطلق فيها هذا المشروع، فإنه الى الآن لا يوجد قانون ينظم الصكوك الاسلامية، فمسودة القانون معروضة حالياً على ادارة الفتوى والتشريع.
من جانب آخر، بيّن المحافظ ان قانون القرض العام يعتبر جزءاً من المنظومة التشريعية للمالية العامة في الدولة والتي تتكون من ثلاث ركائز رئيسية:
قانون رقم 1 لسنة 1960 بشأن قواعد اعداد الميزانية العامة والرقابة على تنفيذها والحساب الختامي.
المرسوم بقانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن احتياطي الاجيال القادمة.
المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1987 بالإذن للحكومة بعقد قرض عام وتعديلاته.
والآن إحدى هذه الركائز معطلة – مرسوم القرض العام – لانتهاء المهلة القانونية فيه اعتبارا من 4 – 10 – 2017.