زاوية عربي 

 

تتجه الأعين مرة أخرى إلى مستقبل دول مجلس التعاون الخليجي المصدرة للنفط والغاز. فقد أدى تأثير انخفاض أسعار النفط والغاز بالإضافة للأزمة الاقتصادية العالمية بسبب كورونا إلى تسليط الضوء على الحاجة الملحة لتنويع الموارد الاقتصادية.   

وقد أصبحت ضرورة التنويع الاقتصادي أوضح من أي وقت مضى رغم أن البعض لا يزال يحلم بعودة العصر الذهبي للبترول وتدفق العائدات الكبيرة. لكن من الواضح أن هذا العصر قد عفا عليه الزمن حتى في أفضل السيناريوهات.   

فبالتأكيد ستتأثر الإيرادات المستقبلية بالسلب بانخفاض أسعار النفط والغاز والمنتجات البترولية وبالزيادة المتوقعة في حصة الطاقة المتجددة من السوق النفطي.  

فكيف  سيبدو  وضع  اقتصادات  دول  مجلس  التعاون  الخليجي  في  ال20  سنة  القادمة؟ 

سؤال مهم، صح؟  

من المتوقع ان تعتمد أغلب اقتصادات دول الخليج على دخل منتظم، لكن أقل مما اعتادت عليه، من مواردها الطبيعية. وستظل دول الخليج بحاجة للحفاظ على وضعها كدول تتمتع بقدر كبير من الرفاهية من حيث مستويات دخول الأفراد، مع توفير الوظائف للأجيال الصاعدة، غير أن هذا النظام لن يكون محصن من أي تغيرات أو تطورات تحدث في المستقبل.   

وكما هو واضح الآن في المملكة العربية السعودية، سيفرض انخفاض إيرادات البترول على الإمارات العربية المتحدة والكويت أيضا وضع استراتيجيات جديدة لتنويع موارد الاقتصاد بالإضافة لإتاحة فرص عمل للأعداد المتزايدة من الشباب في سوق العمل.   

ما المطلوب لتحقيق هذه الأهداف؟ 

إن تحقيق نظام مستدام في 2040 يتطلب بناء أسس لصناعات قوية قادرة على التصدير والتركيز في الوقت نفسه على التكنولوجيا المتطورة والمنتجات التي تحتاج لرأس مال كبير بالإضافة إلى مراكز لوجستية قوية إذ يمكن أن تصبح المنطقة الخليجية همزة الوصل بين أوروبا وأفريقيا وآسيا.   

على دول مجلس التعاون الخليجي التركيز على استثمار عائداتها من البترول وصناديق الثروة السيادية ليس فقط في اقتصاد قوي للإنتاج والتصنيع يعتمد على مشروعات صغيرة ومتوسطة قابلة للنمو، وهو ما يوفر العديد من الوظائف، بل أيضًا لدعم كل قطاعات الاقتصاد الضرورية.   

تحتاج دول المجلس إلى التركيز من جديد على مشكلة الغذاء والمياه والطاقة التي تعد الخطر الرئيسي المسكوت عنه، فليس هناك مستقبل بدون حل هذه المشكلة.   

يجب إذا التركيز بدرجة أكبر على إنشاء مشروعات تجمع بين الزراعة والمياه والطاقة المتجددة. ففي ظل انخفاض إيرادات النفط، ستصبح زيادة الواردات الغذائية وشح المياه والأمن عقبات ليس من السهل إزالتها.   

الاستراتيجيات  الحالية  والتحديات  التي  تواجهها 

الاستراتيجيات الحالية مثل رؤية المملكة 2030 واستراتيجية النفط والغاز 4.0 الخاصة بشركة أدنوك الإمارتية- والتي تتضمن تبني تكنولوجيات جديدة ومتطورة - خطوات مهمة في تخليص اقتصاد الدولتين من الاعتماد على النفط والوافدين.   

ولكن الوضع الحرج الحالي لا يستعدي فقط توطين الإنتاج والتصنيع بل الابتكار واستخدام التكنولوجيا المتقدمة. ورغم ما يتخذ من خطوات، فلن يتحقق التقدم الاقتصادي بالتركيز على المشروعات العملاقة في حالة السعودية أو النهج الذي تنتهجه دبي فقط.   

التنوع مستدام فقط إذا كان هناك التزام قوي بإنشاء قطاع محلي من المشروعات الصغيرة والمتوسطة يتصف بالقدرة على الاستمرارية والتكيف مع التغيرات المستقبلية وذلك بدعم من الحكومات والمؤسسات المالية والتعليم.   

تقع مسؤولية بناء هذا القطاع على الشباب العربي وليس العمالة الوافدة. ويمكن تحقيق هذه النقلة باستثمار السيولة النقدية التي يوفرها النفط والغاز بإتاحة الحوافز المالية والقانونية والضريبية الملائمة لتشجيع الشباب وتحسين قدراتهم الانتاجية والإدارية.   

لقراءة  مقالات  سابقة  لCyril  عن  السعودية  وقطاع  الطاقة: 

اجتماع حاسم لأوبك اليوم: استراتيجية خفض الإنتاج موضع اختبار 

هل تهدد الأوضاع الحالية للسوق حلم مصر في مجال الطاقة؟ 

إنتاج النفط الليبي وقت القذافي وبعد القذافي.. كيف هو الوضع؟ 

توقعات نفطية... حال النفط ومستقبله 

تعديلات قطاع الطاقة السعودي... ماذا تعني؟ 

ماذا سيحدث لأسعار النفط في حالة نشوب حرب مع إيران؟ 

استهداف الشمس ... هل الطاقة الشمسية هي الحل في الشرق الأوسط؟ 

هجوم بقيق غير المعادلة 

نفط وغاز الجزائر .. هل ينقذوها من أزمتها الاقتصادية الحالية؟ 

(تم التواصل مع Cyril عبر موقع WriteCaliber)

(ترجمة وتحرير رنا منير البويطي، مترجمة ومحررة مستقلة، وعملت سابقا بموقع أصوات مصرية الذي كان يتبع مؤسسة تومسون رويترز)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.