أتمت أشهر منظمة في العالم، منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والتي أنشئت في بغداد بالعراق، عامها الستين.

قصة نجاح المنظمة معروفة، فالجميع يتذكرون صدمة أسعار النفط التي حدثت في سبعينيات القرن الماضي، ومقاطعة الدول العربية المصدرة للنفط بعض الدول الرئيسية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ردا على الحرب بين العرب وإسرائيل، وعملية اختطاف عدد من وزراء بعض الدول الأعضاء في أوبك في فيينا في عام 1975 والتي قادها الإرهابي الفنزويلي الشهير الملقب بـ"كارلوس الثعلب"، وصولا إلى العلاقة القائمة على المتناقضات بين الدول المنتجة والمستهلكين.


قصة النجاح

أوبك بشكل عام هي قصة نجاح، كونها أحد العوامل الرئيسية المنظمة للسوق التي تساهم في استقرار أسعار النفط والنمو الاقتصادي العالمي.

فقد أنشئت ليس فقط لترفع من حصة منتجي النفط من الإيرادات ولكن أيضا للتصدي لسيطرة الشركات الكبرى المعروفة باسم الأخوات السبع (إكسون موبيل وتكساكو وشيفرون وتوتال وشِل وبي بي وإني) على السوق.

ورغم نجاح استراتيجيتها لفترة طويلة، تتعرض أوبك في هذه المرحلة الصعبة لضغوط شديدة.

لماذا؟
لعدة أسباب، منها وأهمها إنكار أوبك لثورة الغاز والنفط الصخري في الولايات المتحدة بالإضافة لعدم اتخاذ إجراءات استباقية لمواجهة التطور السريع الذي تشهده مصادر الطاقة المتجددة قد وضعها في مأزق. فبينما انخفضت حصة أوبك في السوق في ال20 سنة الأخيرة، أصبح للمنتجون الجدد من خارج أوبك اليد العليا.


ومع ذلك فإن قادة أوبك خصوصا السعودية والإمارات والكويت سعوا جاهدين لإنقاذ أوبك من خلال شراكتهم الناجحة وغير المتوقعة مع روسيا. كان ثلاثي السعودية وروسيا والإمارات وراء ظهور قوة المنظمة في السوق من جديد. وكانت نتيجة  هذا التحالف هي إنشاء أوبك بلس لمواجهة أزمة العرض والطلب الهائلة خلال السنوات الماضية.

ولكن أزمة فيروس كورونا تعيد الآن تشكيل السوق والمستقبل وتتطلب خطوات على نفس المستوى من الجراءة والإقدام.


ما الذي يجب ان تغيره أوبك؟

إذا لم تغير أوبك بلس استراتيجيتها التي تعتمد على التحكم في السوق من خلال سياسات العرض والطلب، سيتدهور حالها.

أنشئت أوبك في الأصل لتنسيق وتوحيد السياسات النفطية للدول الأعضاء لضمان استقرار سوق النفط وذلك بتنظيم العرض والطلب. وكانت أدواتها الأساسية هي صب اهتمامها على حجم إنتاج النفط مع التركيز بشكل رئيسي على الصادرات.
ورغم نجاح استراتيجية التركيز على الصادرات، فهي ليست بنفس القوة التي كانت عليها الأخوات السبع بين الخمسينيات والثمانينيات من القرن الماضي. فقد أسست الأخوات نفوذها على الإنتاج المتكامل لتتحكم في كل جوانب السوق العالمية. وحتى عهد قريب، لم يكن لمنتجي أوبك النفوذ نفسه. لكن الوضع تغير عندما أصبحت أرامكو وأدنوك وشركة نفط الكويت مؤسسات متكاملة تعمل في مختلف أنحاء العالم.


كيف يمكن ان تتغير؟

لا ينبغي أن تركز أوبك فقط على الأمور التقليدية فيما يتعلق بالعرض والطلب أو حتى التصدير - رغم أهميتهم جميعا - بل عليها التعمق أكثر وان يكون لها رأي أو حتى قرار نهائي فيما يخص كل مراحل المنظومة النفطية للدول بما في ذلك التطورات التكريرية أو حتى عمليات البحث والتنقيب القائمة أو الجديدة لضمان التزام الجميع بالقرارات وعدم وجود أي فرص للتهرب أو التلاعب في القرارات.

والأوبك في سلطتها هذا الأمر لأن كل الأعضاء من الدول هم أيضا المالكين أو أصحاب القرار النهائي في شركاتهم الوطنية.

لا يزال من الممكن أن يجعل أعضاء أوبك من أنفسهم الأخوة السبعة وأن حتى يستبعدوا الأخوات السبع من الصورة ويتصدوا للنفط الصخري الأمريكي (إذا تطلب الأمر) ولمصادر الطاقة المتجددة، من خلال العمل على تكامل النشاط  على مستوى الشركات الوطنية في المنظمة.


ومن يعلم؟ يمكن ان يكون هناك أحمد زكي يماني، وزير النفط السعودي الشهير الذي كان يعتبر وجهة للأوبك كما كان عبد الناصر زعيم للعرب، جديد في الطريق!

 

لقراءة  مقالات  سابقة  لCyril  عن  السعودية  وقطاع  الطاقة: 

هل ستتخلص دول مجلس التعاون الخليجي من اعتمادها على النفط بحلول 2040؟

اجتماع حاسم لأوبك اليوم: استراتيجية خفض الإنتاج موضع اختبار 

هل تهدد الأوضاع الحالية للسوق حلم مصر في مجال الطاقة؟ 

إنتاج النفط الليبي وقت القذافي وبعد القذافي.. كيف هو الوضع؟ 

توقعات نفطية... حال النفط ومستقبله 

تعديلات قطاع الطاقة السعودي... ماذا تعني؟ 

ماذا سيحدث لأسعار النفط في حالة نشوب حرب مع إيران؟ 

استهداف الشمس ... هل الطاقة الشمسية هي الحل في الشرق الأوسط؟ 

هجوم بقيق غير المعادلة 

نفط وغاز الجزائر .. هل ينقذوها من أزمتها الاقتصادية الحالية؟ 

 

 

(تم التواصل مع Cyril عبر موقع WriteCaliber)

(ترجمة وتحرير رنا منير البويطي، مترجمة ومحررة مستقلة، وعملت سابقا بموقع أصوات مصرية الذي كان يتبع مؤسسة تومسون رويترز)

(للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.