لا تزال تأثيرات اكتشاف متحور جديد لفيروس كورونا على الاقتصادات العالمية "فقاعة تحت الاختبار" لكن المؤشرات تنبئ بخسائر أقل حدة من الانهيارات التي حدثت بداية الجائحة.

ويتوقع محللون أن يكون للخبرة التي اكتسبتها الدول في التعامل مع أزمة كورونا وكذلك قدرة الأسواق على امتصاص الصدمة بشكل أسرع نتيجة إيجابية في التقليل من وطأة المتحور الجديد الذي أُطلق عليه اسم "أوميكرون"، والذي ظهر أول مرة في جنوب إفريقيا.

الصدمة الأولى

مع بداية الأنباء عن متحور "أوميكرون" الجمعة الماضي، ضربت أسواق المال العالمية موجة انخفاضات، فيما هوت أسعار النفط بأكثر من 13% لتتداول عند 72.9 دولار للبرميل، وتراجع مؤشر داوجونز الصناعي للشركات الأمريكية 2.8%.

وانعكست التخوفات من المتحور الجديد على الأسواق العربية بدورها رغم إغلاقها يومي الجمعة والسبت، إذ أغلق مؤشر السوق السعودي الرئيسي في تعاملات الأحد 28 نوفمبر متراجعا 4.5%، وهبط مؤشر بورصة دبي الرئيسي 5.2%، وكذلك مؤشر البورصة الرئيسي في مصر 1.3%.

ماذا بعد؟

على الرغم من الانهيار الحاد الأحد، تمكنت البورصات من التماسك في تعاملات الاثنين، ليصعد السوق في الرياض نحو 0.9% بحلول الساعة 12.56 بتوقيت دبي، ومؤشر دبي المالي بنسبة 2.2%.

ويعتقد المحللون أن الوقت لا يزال مبكر لرؤية الصورة ككل، إذ أن "مخاطر المتحور الجديد مازالت غير معروفة بوضوح، لكن بشكل عام لا نعتقد أن يكون الخطر مماثل لإعلان الجائحة الأول في 2020"، بحسب سارة سعادة، محلل أول الاقتصاد الكلي بإدارة البحوث بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار.

ويرى نعمان خالد المحلل ومساعد مدير بنك استثمار أرقام كابيتال أنه لا توجد مقارنة بين الصدمة التي تلقتها الأسواق مع بداية ظهور كوفيد والأوضاع الحالية، مشيرا إلى أنه في "بداية كورونا انهارت أسعار النفط بنحو 65% لكن هذه المرة الانخفاض في مستوى 10% مع إمكانية التعافي كذلك الأسهم انخفضت بنسب وصلت إلى 20% في الأسواق سواء العربية أو الأجنبية، لكن هذا لم يحدث هذه المرة.. لا يوجد مقارنة بين الحالتين".

وخلال الربع الأول من العام الماضي، خسرت الأسواق المالية العربية نحو 25% من قيمتها، على خلفية تداعيات أزمة كورونا، مع انخفاض التدول في الأسهم وإحجام المستثمرين عن الاستثمار في سوق المال، وفقا لدراسة صادرة عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية في غربي آسيا "إسكوا"، بالتعاون مع اتحاد المصارف العربية، نقلتها سي إن إن.

مرحلة "حبس الأنفاس"

كان إعلان ظهور متحور دلتا في نهاية 2020، جرس إنذار للتفاؤل العالمي بأن الاقتصادات قد عبرت "عنق الزجاجة"، وهو ما يجعل المتحور الأحدث مصدر تشاؤم آخر.

ويرى المحللان أن الأسواق تمر حاليا بمرحلة "حبس الأنفاس" والترقب، حيث تنتظر الحكومات المعلومات عن مخاطر المتحور الجديد، وينتظر المستثمرون استجابة الدول لمواجهة تلك المخاطر.

تقول سارة: "المستثمرون حاليا في حالة ترقب على المدى القصير، وهذا سيجعل التفاؤل حذر وسط توقعات بتباطؤ معدلات النمو مقارنة بالتوقعات السابقة، سيكون كل ذلك واضحا بعد معرفة مدى خطورة أوميكرون".

كما يرى نعمان أن الأسواق تستجيب دائما للإجراءات التي تعلنها الدول قائلا:"سنشهد خلال الأسابيع المقبلة ما ستعلنه الدول بشأن حجم التخوفات، وهذا سينعكس على الأسواق".

وأعلنت عدد من الدول، قيود متفاوتة بشأن الرحلات الجوية، ما بين الحظر الكلي مثل اليابان والمغرب، أو قصر الحظر على الدول الأفريقية مثل بريطانيا وإسرائيل، أو تحديد قائمة بدول معينة مثل السعودية.

وتشير  سارة إلى أن قوة المتحور الجديد ستحدد حجم الإجراءات التي ستلجأ لها الدول، وما إن كانت ستضطر لفرض إغلاق كلي لمنع انتشار العدوى، ومدى تأثير ذلك على حركة الشحن و التجارة العالمية، وهذا سيتوقف أيضا على أماكن انتشار العدوى في أوروبا.

تراجع الموجة التضخمية

تشهد أسعار النفط تذبذبا على خلفية ظهور هذا المتحور، بسبب عدم التوصل لاتفاق بشأن خفض الإنتاج، وقرار دول بالإفراج الجزئي عن احتياطاتها، وعلى رأسها أمريكا، ما يضع ضغوط على مجموعة أوبك بلس في اجتماع مرتقب الخميس المقبل.

ومن شأن تفاقم المخاوف من انتشار الجائحة أن تدفع أسعار الوقود للانخفاض مرة أخرى، مما سيقلل بدوره من تكلفة الشحن التي تفاقمت بشكل أساسي نتيجة زيادة تكلفة الطاقة، وهو ما سيخفض من التأُثير السلبي على الموجة التضخمية العالمية، والعكس إذا ارتفعت المخاوف والأسعار، وفقا للمحللة.

"لا نتوقع أن تتضمن ردود الأفعال تعليق حركة الشحن، قد نجد إيقاف للطيران، أو وقف الرحلات مع دول تنتشر بها السلالة الجديدة، وحجم تأثير ذلك سيكون وفقا للدول التي ستأخذ هذه الإجراءات وحجم تأثيرها على الاقتصاد العالمي" وفقا لنعمان.

ويضيف :"كان القلق من الموجة التضخمية نتيجة توقعات نمو إيجابية، ثم فجأة نجد صدمة لدى المستثمر بأن رهاناته خلال الشهور الماضية أصبحت العكس، خاصة في القطاعات السياحية والنقل والسفر والترفيه، الجميع سينتظر ما تفسر عنه الأسابيع القليلة المقبلة".

(شيماء حفظي، صحفية متخصصة في الشأن الاقتصادي، وتركز بشكل أساسي على القصص التحليلية، وهي محررة في موقع مصراوي المصري)
 
(تحرير: مريم عبد الغني. للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)
 

سجل الآن ليصلك تقريرنا اليومي الذي يتضمن مجموعة من أهم الأخبار لتبدأ بها يومك كل صباح

 

© ZAWYA 2021

#تحليلسريع

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام