يعترف القانون المدني الكويتي (رقم 67 لسنة 1980) عمومًا بمفهوم الوكالة؛ فهو يُتيح للمُوَكِل الخيار لتكليف طرف ثالث للتصرف بدلًا منه، ويوافق على أنْ أية إجراءات يقوم بها مثل هذا الوكيل تُلزم المُوَكِل بالتزامات قانونية.

مقدمة

يُعرّف قانون الوكالة الكويتي الجديد (رقم 13 لسنة 2016) الوكالة التجارية، بأنها:

" كل اتفاق يعهد بمقتضاه من له الحق القانوني إلى تاجر أو شركة في الدولة ببيع أو ترويج أو توزيع سلع أو منتجات أو تقديم خدمات بصفته وكيلاً أو موزعاً أو صاحب امتياز أو صاحب ترخيص للمنتج أو المورد الأصلي نظير ربح  أو عمولة".

ويعترف القانون الكويتي بالوكالة التجارية بأشكال مختلفة، كل منها يحمل تعريفه الخاص، والعناصر المطلوبة، والعمليات، ونتائجها. وتتضمن بعض الأمثلة الشائعة؛ مثل: وكالة التعاقد، وكالة التوزيع، وكالة العمولة، ووكالة الشحن. وهنا يتناول الكاتب المسائل المتعلقة بوكالة الشحن.

وكالات الشحن

تنشأ وكالة الشحن عمومًا في الحالات التي يكون فيها شخص مُعين، أو كِيان مُحدد، مسؤولًا عن التعاملات فيما يختص بالشحن والبضائع؛ وهو يفعل ذلك حين يشرع في حماية المصالح العامة لعملاء محددين في الموانئ والمرافئ في جميع أنحاء العالم. وقد تكون إجراءات الوكيل تتم بالتنسيق مع أطراف أخرى للشحن، على سبيل المثال: مالكي السفن، أو مديريها، أو مستأجريها.. وأي منها قد يكون هو المسؤول الفعلي. وهناك عدة فئات فرعية من وكلاء الشحن، على سبيل المثال: وكلاء الميناء، وسطاء البضائع، وكلاء خطوط نقل ملاحية منتظمة، والوكالات الخاصة، وكل منها تتطلب أداء خدمات محددة تعتمد على شركة الشحن التي تمثلها.

ومن ثم يجوز اعتبار وكيل السفينة هو أي شخص أو شركة تؤدي الوظائف التي للوكيل، بصرف النظر عمّا إذا كانوا يعملون كوكلاء سفن، أو كانوا يؤدون مثل هذه الوظائف كمساعدين أو من خلال أنشطة أخرى، مثل امتلاك السفن أو تشغيلها، أو توفير خدمة مناولة البضائع، أو ما شابه ذلك.

إن الأمر الذي يميز وكلاء الشحن يكمنُ في قدرتهم على التعامل مع المهام الرئيسية لشركة الشحن بسرعة أكبر وكفاءة أعلى؛ فعلى سبيل المثال، يكفل الوكلاء تنظيم الإمدادات الرئيسية مثل: نقل الطواقم العاملة، والوثائق الجمركية، والإعلانات المُتعلقة بالنفايات المُعدمة بشكل سريع مع سلطات الموانئ؛ وفضلًا عن ذلك، فإنهم يزودون وكيل شركة الشحن بالتحديثات والتقارير المتعلقة بالأنشطة في الميناء المقصود، بحيث ُتتاح لهم المعلومات في الوقت المناسب لهم، وهو وقت نقل البضائع.

حقوق وكلاء الشحن محمية بموجب القانون البحري

بصرف النظر عما ذُكر أعلاه، فإن قانون التِجارة البحرية الكويتي رقم (28) لسنة 1980 يعتبر وكلاء الشحن وكلاء تِجاريون بحريون. وينص القانون البحري في تعريفه الخاص بالمادة رقم (136)، التي تنص على أنَّ وكيل الشحن هو: "وكيل المُجهز في الجهات التي لا يوجد له فيها فروع".

ويستمر القانون البحري، مشيرًا إلى أنَّ وكيل الشحن قد يتسلم البضاعة قبل البدء في رحلة بحرية بغرض الشحن والتسليم؛ وعلاوةً على ذلك، يحقُ لوكيل الشحن أنْ يتقاضى أجرة النقل (الشحن). ويجوز أيضًا أن يُعهد لوكيل الشحن بالواجبات المعتادة المتعلقة بالمتطلبات سواء للسفينة أو الرحلة-ضمن نطاقه-التي يكون البعض منها بصورة أخرى ضمن نطاق مسؤولية رُبان السفينة؛ وأي ديون ناشئة عن أدائه لمثل هذه الواجبات تكون محمية بشكل تفصيلي ضد السفينة، على النحو المُنصوص عليه في البند رقم (5) في المادة (47) من القانون البحري.

وكلاء الشحن في إجراءات الملاحقة القانونية

وكما هو شائع في معظم الولايات القضائية البحرية، يكون وكيل الشحن في دولة الكويت مسؤولاً بنفس القدر الذي يكون عليه الوكيل العادي أمام موكله؛ وعلاوة على ذلك، لا يسمح عمومًا باللجوء إلى وكيل الشحن من قبل الشاحن أو المرسل إليه، إلا إذا نشأ الضرر كنتيجة مباشرة لخطأ شخصي من الوكيل.

وفي حالة الشروع في الملاحقة القانونية، يكون وكيل الشحن-كما ذُكر- ممثلًا عن موكله (الناقل البحري). وبِناءً عليه، فإن أي أحكام قانونية من شأنها أن توثر على مسؤولية الموكل-أو ما في حكم ذلك- وكذلك الأحكام المتعلقة بحق التقادم (الأجل القانوني)، ستمتد لتشمل وكلاء الشحن فيما يتعلق بالدعاوى القضائية الناجمة عن أنشطتهم.

المسؤولية المحتملة لوكلاء الشحن

ومع ذلك، فقد وسع القانون البحري المسؤولية المحتملة لوكيل الشحن بما يتجاوز ما هو متوقع في علاقة الوكالة التقليدية؛ وقد يبدو هذا التوسع فريدًا لكلاً من دولتي الكويت وكولومبيا فقط. حيث أنها تسعى بالأساس إلى توسيع نطاق بعض المسؤولية عند تسليم حكم قضائي ضد الموكل إلى وكيل الشحن خاصته. وتنص المادة (139) على ما يلي:

1.  يجب على الوكيل أن يودع في أحد البنوك الكويتية وديعة نقدية أو ضمان مصرفي لضمان تنفيذ الأحكام القضائية التي تصدر على موكليه.

2.  يُصدر وزير الاتصالات بعد التشاور مع المؤسسة العامة للموانئ قرارًا يختص بتنظيم سجل وكلاء السفن، مع التحديد لمبلغ الوديعة أو الضمان البنكي ليتم إيداعه.

في ضوء المادة المذكورة أعلاه، أصدرت وزارة الاتصالات مرسومًا وزاريًا رقم (282) لسنة 1980 مؤكدًة بأن المبلغ المطلوب للضمان البنكي، يتعين إيداعه لدى بنك كويتي؛ وقد كرر المرسوم أيضًا التأكيد على أن هناك مسؤولية على وكيل الشحن في الحالات التي تصدر فيها أحكام قضائية ضد موكله.

خاتمة

نقترح بأن يُعاد النظر في المادة رقم 139 (2) لجعل مسؤولية وكلاء الشحن في داخل إطار ممارسة المعايير الدولية؛ أمّا توزيع المخاطر المتعلقة بهذا الشأن، فينبغي أن تتوافق مع مختلف الاتفاقات والنُهج البحرية الدولية لمعظم الولايات القضائية في جميع أنحاء العالم.

ونحن متاحون دومًا للنظر في أي مساعدة، أو استفسارات، أو أي مخاوف قد يصادفها وكلاء الشحن في دولة الكويت، مع تقديم الحلول القانونية المناسبة. 

كتبه: عمر عمر/أحمد رزيق - o.omar@tamimi.com / a.rezeik@tamimi.com - مدينة الكويت، دولة الكويت / دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة


© Al Tamimi & Company 2017