08 02 2017

في 25 إبريل 2016، كشفت المملكة العربية السعودية عن خطة طموحة أطلقت عليها رؤية السعودية 2030 ("رؤية 2030") لتحويل اقتصادها وتنويع مصادر البلاد من الدخل بعيدًا عن اعتمادها الحالي على النفط؛ وهذا بالإضافة إلى برنامج التحول الوطني 2020 الذي تم اعتماده في يونيو 2016 من قبل مجلس الوزراء السعودي باعتباره وسيلة وأداة مؤقتة لتحقيق الأهداف التي تتضمنها الرؤية السعودية لعام 2030.

تمثل الرعاية الصحية واحدة من مجالات التركيز الرئيسية لرؤية 2030، وتتناول هذه المقالة ما هو متوقع وما قد يستلزمه ذلك بالنسبة لهذا القطاع وكذلك المستثمر الأجنبي.

رؤية 2030

تمثل رؤية 2030 خطة شاملة لإصلاح الهيكل الاقتصادي بأكمله بالمملكة العربية السعودية؛ وتتمثل الأهداف الرئيسية في تطوير الصناعات والقطاعات الأخرى لضمان عدم اعتماد الاقتصاد على النفط كمصدر للدخل وتقليل الإنفاق العام مع مزيد من التركيز والمشاركة من جانب القطاع الخاص. ومن أجل ضمان تحقيق هذه الأهداف ولكي تصبح الرؤية رؤية 2030 كواقع، فقد تم وضع الأهداف التالية:

  • الحد من اعتماد الاقتصاد على النفط من خلال تطوير الصناعات والقطاعات الأخرى؛

  • الحد من الإنفاق العام من خلال زيادة كفاءة استخدام الموارد الحالية؛

  • زيادة مشاركة القطاع الخاص وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي؛

  • خلق بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب؛ و

  • زيادة فرص العمل ومشاركة المواطنين السعوديين في القوى العاملة.


وهكذا، فإن هذه الأهداف طموحة وتتطلب مسار خطة عمل شاملة لتحقيق الأهداف المنصوص عليها في رؤية 2030؛ ولتحقيق هذا، تم اقتراح المبادرات التالية:

  • الدخول في شراكات ومشاريع مشتركة مع شركات دولية كبيرة؛

  • تشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتسهيل تدفق الاستثمارات الخاصة؛

  • إطلاق المشروعات لتشجيع الاستثمارات في القطاعات الخاصة في مجال الرعاية الصحية والخدمات البلدية والإسكان والتمويل والطاقة والتعليم؛

  • تسهيل وصول الأجانب إلى الاستثمار والمتاجرة في أسواق الأسهم في المملكة العربية السعودية (ويشمل هذا إدراج الشركات الخاصة والشركات المملوكة للدولة مثل شركة أرامكو)؛

  • دعم وتشجيع الشركات الوطنية الرائدة؛

  • الإصلاح التنظيمي مع الالتزام الصارم باللوائح الدولية والتجارية؛

  • تسهيل حركة الناس والبضائع من خلال إجراءات الترخيص والجمارك المنتظمة؛

  • تحسين مبادرات التعليم والتدريب للمواطنين السعوديين.


هذا ويعتبر برنامج التحول الوطني عبارة عن خطة العمل والتطوير المؤقتة لرؤية 2030 التي تحدد الأهداف الاستراتيجية الواجب توافرها في عدد من الهيئات الحكومية بحلول عام 2020. وقد تم تحديد الأولويات والأهداف الوطنية المشتركة التي ينبغي تحقيقها من خلال ما يلي:

  • المساهمة في خلق فرص العمل؛

  • تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص؛

  • زيادة وتعظيم المحتوى المحلي؛

  • التحول الرقمي.


وقد تم تحديد الأهداف الاستراتيجية التالية لهيئة العامة للاستثمار السعودية لتحقيق ما يلي:

  • تحسين البيئة الإدارية والإجرائية لتمكين الاستثمارات الكبيرة؛

  • تحسين البنية التحتية اللازمة لضمان سهولة مزاولة أنشطة الأعمال؛

  • التفوق في خدمات المستثمرين وتحسين مستوى رضاهم.

وتستند هذه الأهداف على الأهداف المتضمنة في رؤية 2030؛ ويتمثل الهدف الرئيسي في خلق بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين لتعزيز الثقة في الاقتصاد السعودي.

هذا ونستعرض الأهداف الاستراتيجية المحددة لوزارة الصحة وهيئة الغذاء والدواء السعودية (الهيئة التنظيمية للأدوية والأجهزة الطبية) بمزيد من التفصيل أدناه.

التركيز على الرعاية الصحية

تهدف رؤية 2030 إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، وهذا بشكل خاص يرتبط كذلك بالرعاية الصحية. هناك تحرك واضح نحو الخصخصة مع الهدف المعلن في برنامج التحول الوطني للعمل على زيادة نفقات الرعاية الصحية الخاصة من نسبة 25 في المائة الحالية إلى 35 في المائة من مجموع النفقات بحلول عام 2020. ويمثل هذا الزيادة المتوقعة في الإيرادات المتولدة من 3 مليار ريال سعودي إلى 4 مليار ريال سعودي. وبالإضافة إلى ذلك، تخطط وزارة الصحة لإنفاق أكثر من 23 مليار ريال على مبادرات جديدة خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقد حدد برنامج التحول الوطني الأهداف الاستراتيجية التالية لوزارة الصحة والهيئة العامة للغذاء والدواء السعودية:

وزارة الصحة

  • زيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق من خلال وسائل تمويل بديلة ومزودي الخدمات؛

  • زيادة كفاءة استخدام الموارد المتاحة؛

  • تحسين كفاءة وفعالية قطاع الرعاية الصحية من خلال استخدام تقنية المعلومات والتحول الرقمي؛

  • زيادة التدريب والتطوير على الصعيد المحلي والدولي؛

  • زيادة جاذبية موظفي التمريض والدعم الطبي باعتباره مسار وظيفي مفضل؛

  • تحسين تقديم الرعاية الصحية قبل دخول المستشفى وفي المستشفيات الرئيسية (غرفة الطوارئ ووحدة العناية المركزة)؛

  • تحسين التكامل والاستمرارية في تقديم الخدمات من خلال تطوير الرعاية الصحية الأولية؛

  • تحسين البنية التحتية وإدارة المرافق ومعايير السلامة في مرافق الرعاية الصحية؛

  • تحقيق فترات انتظار مقبولة في جميع مراحل تقديم الخدمات؛

  • تحسين الحوكمة في النظام الصحي من أجل تعزيز المساءلة فيما يتعلق بمسائل الجودة وسلامة المرضى؛

  • اعتماد خطة وطنية لاستجابة حالات الطوارئ للتهديدات العامة بما يتماشى مع المعايير الدولية؛

  • تحديد مصادر إضافية للإيرادات؛

  • تحسين خدمات الصحة العامة مع التركيز على البدانة والتدخين؛

  • تحسين نوعية الحياة وخدمات الرعاية الصحية المقدمة للمرضى خارج المستشفيات؛

  • تحسين مبادئ الجودة والسلامة، وكذلك مهارات مزودي الخدمات.

هيئة الغذاء والدواء السعودية

  • ضمان توريد الأدوية الأساسية بشكل كافي.

تستند هذه الأهداف على الأهداف المتضمنة في رؤية 2030، وتتمثل الأهداف الرئيسية في تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية والتوسع في خصخصة الخدمات الحكومية، وأخيرًا خلق بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين.

تعتبر الأهداف الاستراتيجية المعلنة للرعاية الصحية في برنامج التحول الوطني أهداف كبيرة وموسعة، ومن أجل تلبيتها بنجاح سيتم إطلاق مبادرات هذا العام في الوزارات والهيئات التالية:

وزارة الصحة

  • إصلاح وإعادة هيكلة الرعاية الصحية الأساسية؛

  • تشجيع السعي إلى مهن التمريض والصحة السريرية من خلال تعديل بعض السياسات والمشاركة فيها من قبل كافة شرائح المجتمع؛

  • إقامة شراكة بين القطاعين الخاص والعام من خلال خصخصة واحدة من المدن الطبية وتوطين صناعة المستحضرات الدوائية؛

  • زيادة قدرة ونوعية التعليم المرتبط بالرعاية الصحية (من خلال الشراكة مع وزارة التربية والتعليم)؛

  • أنظمة شراء خدمات التأمين الصحي والخدمات الطبية؛

  • زيادة عدد الممارسين الصحيين المدربين وتحسين تدريبهم.


الهيئة العامة للاستثمار السعودية  

  • وضع وتنفيذ خطة لتوطين قطاع الرعاية الصحية والخدمات.


هيئة الغذاء والدواء السعودية  

  • إنشاء مركز لمعايرة وتوحيد مواصفات المنتجات والمعدات الطبية؛

  • إنشاء نظام إلكتروني موحد؛

الفرص المتاحة للمستثمر الأجنبي

تقدم رؤية 2030 العديد من الفرص في مجال الرعاية الصحية للمستثمر الأجنبي في مجالات رئيسية يمكن تحديدها في برنامج التحول الوطني على النحو التالي:

  • المرافق الطبية الخاصة الإضافية؛

  • زيادة التأمين الطبي؛

  • زيادة استخدام تقنية المعلومات؛

  • التعليم المرتبط بالرعاية الصحية؛

  • توفير مرافق التدريب المحسنة؛

  • تعزيز التطوير المهني؛

  • التصنيع المحلي للأدوية.


يستطيع الأجانب امتلاك وإدارة المستشفيات في المملكة العربية السعودية، ولكن لا يُسمح لهم بامتلاك أو إدارة مؤسسات الرعاية الصحية الأخرى. ومن المتوقع أن تتم المشاركة الأجنبية والاستثمار في مستشفيات جديدة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمشاريع المشتركة مع كيانات مملوكة للسعوديين.

يعتبر التأمين الطبي بالفعل إلزاميًا بالنسبة لكل من الوافدين والمواطنين السعوديين (وعائلاتهم) ممن يعملون في القطاع الخاص. ويحصل المواطنين العاملين في القطاع العام حاليًا على تغطية مجانية في مراكز الرعاية الصحية الحكومية والمستشفيات العامة. ومن غير المعروف في هذه المرحلة كيف سيتم تطوير التأمين الطبي، ولكن مع خصخصة المزيد من الخدمات العامة ويتم إدخال الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتقديم الرعاية الصحية، سيتم نقلها بطبيعة الحال إلى القطاع الخاص. وتحسبًا لهذا، فإننا نفهم أن مزودي خدمات التأمين الطبي الحاليين يعملون على تطوير المنتجات التي تلبي احتياجات موظفي القطاع العام وذلك لتلبية المتطلبات المستقبلية.

وتُعد ابتكارات الرعاية الصحية الرقمية أساسية لدعم رؤية عام 2030 مع وزارة الصحة وتهدف إلى أن يكون لدي ما لا يقل عن 70 في المائة من المواطنين السعوديين سجلات رقمية موحدة بحلول عام 2020. وبالإضافة إلى ذلك، ستعمل حلول تقنية المعلومات على تحسين أداء وإنتاجية مزودي الرعاية الصحية وهذا سيساعد في تحسين جودة الخدمة المقدمة. وتعتبر البرامج التي تساعد في معالجة المسائل الطبية، مثل عملية التشخيص، كأجهزة طبية؛ في حين لا تعتبر البرامج الأخرى المستخدمة مع قطاع الرعاية الصحية مثل ذلك. لقد ساعدنا عددًا من مزودي التقنية والرعاية الصحية المتطلعين إلى مزاولة الأعمال في المملكة العربية السعودية سواء بشكل مباشر أو عن طريق موزع؛ ونتوقع أن يستمر هذا لأن فرص الاستثمار هنا تكتسب ثقة أكثر وأكثر. وبالإضافة إلى ذلك، فإننا نشهد اهتمامًا متزايدًا في التطبيب عن بعد والتي تمكَّن مزودي الخدمات من تقديم خدمات داخل الدولة تحت إشراف الأطباء المسجلين محليًا على أساس استشاري.

ويضع برنامج التحول الوطني قدرًا كبيرًا من التركيز على التعليم والرعاية الصحية والتدريب؛ فهناك حاجة واضحة لممارسي الرعاية الصحية السعوديين المؤهلين وموظفي الدعم مع زيادة متطلبات الرعاية الصحية؛ ويتم في الوقت الحالي دعم ومساندة القطاع بشكل كبير من قبل العمالة الوافدة. سيتم تلبية الاحتياجات المتزايدة من حيث التعليم والتدريب محليًا وربما دوليًا من خلال العلاقات مع المؤسسات العالمية الشهيرة والشراكات بين القطاعين العام والخاص. وعلاوة على ذلك، يمكن كذلك أن يتم تلبية هذه الحاجة المتزايدة من خلال الترتيبات الإدارية والتشغيلية مع مزودي الخدمات المعترف بهم دوليًا.

تعتمد المملكة العربية السعودية بشكل كبير على الواردات لتلبية الاحتياجات الدوائية وهناك حاجة ورغبة في أن يتم تصنيع الأدوية محليًا لضمان التوريدات الكافية من الأدوية. ويجري تشجيع شركات الأدوية الأجنبية بنشاط لإنشاء مصانع في المملكة العربية السعودية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمشاريع المشتركة مع كيانات وطنية. ويجري عرض الحوافز في شكل معاملة تفضيلية في حجم المناقصات المستقبلية؛ وكحافز إضافي، تكون الشركات المصنعة المملوكة للأجانب داخل المملكة العربية السعودية قادرة على توزيع وبيع الأدوية داخل الدولة، في حين لا يمكن أن يتم توزيع جميع الأدوية المستوردة إلا من خلال الموزع السعودي.

وقد أدرج موقع الهيئة العامة للاستثمار السعودية صناعة الأجهزة والمعدات الطبية كفرصة استثمارية للمستثمرين الأجانب. وفي الوقت الحالي يتم تصنيع معظم الأجهزة والمعدات الطبية في الخارج، ويتم استيرادها إلى داخل البلاد. وتعمل وزارة الصحة على دعم الصناعات المحلية من خلال الشراكة متعددة الجنسيات مع الشركات السعودية مع حافز توفير وحدات التخزين المضمونة فيما يتعلق بمشتريات وزارة الصحة والمعاملة التفضيلية في حجم المناقصات المستقبلية. وعلاوة على ذلك، يكون للأجانب مالكي الشركات المصنعة داخل المملكة العربية السعودية ميزة إضافية تتمثل في قدرتهم على توزيع وبيع الأجهزة الطبية داخل الدولة دون الحاجة إلى الموزع المحلي.

خاتمة

تتمتع رؤية 2030 بتأثير محتمل وبعيد المدى وإذا تم تحقيقه فإنه من شأنه أن يجلب فائدة كبيرة لاقتصاد المملكة العربية السعودية؛ وهناك إمكانية كبيرة للاستثمار الأجنبي وإن كان ذلك في مجالات محدودة. ومن الواضح أن الاستثمار الأجنبي يجري توجيهه نحو اتجاه يتم إدارته بعناية مع أنشطة مثل توزيع الأدوية المستوردة والأجهزة الطبية المخصصة لمؤسسات سعودية وللمواطنين. وعلاوة على ذلك، سوف تظل معظم مؤسسات الرعاية الصحية تحت ملكية وسيطرة السعوديين. يجب أن يكون لدي جميع المستثمرين الأجانب ما يقدمونه للدولة، ويجب عليهم إثبات التزامهم بمساعدة المملكة العربية السعودية في تحقيق الأهداف المتضمنة في رؤية 2030؛ وبالنسبة للمستثمرين الراغبين في القيام بذلك فإن الإمكانات والفرص لا حصر لها.



 

© Al Tamimi & Company 2017