أوضح بنك الكويت الوطني أن التأخير في إقرار قانون الدين العام الجديد في الكويت، قد يؤدي إلى تحول الدولة إلى الاحتياطيات لتمويل عجزها المقدر بنحو 10 مليارات دولار لعام 2018، لأن مدة القانون السابق انتهت في سبتمبر 2017.
وأشار البنك إلى أنه بعد النشاط الكبير الذي شهده اصدار أدوات الدين السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2017، تدنت مستويات الإصدار في مستهل الربع الأول من العام 2018، بحيث بلغت قيمة الإصدارات 12 مليار دولار. 
وذكر «الوطني» في تقريره الاقتصادي، أن إجمالي إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي، سجل أضعف مستوياته على مدى 3 سنوات تقريباً، بقيمة إجمالية 12 مليار دولار في الربع الأول من العام 2018، وقد عزز نشاط إصدارات الدين الخليجية قيام سلطنة عمان بإصدار سندات سيادية بقيمة 6.5 مليار دولار، في حين ساهم القطاع المالي بأغلبية المبلغ المتبقي. 
وأشار إلى ارتفاع إجمالي الديون الإقليمية المستحقة بواقع ملياري دولار، بحيث بلغت قيمتها 438 مليار دولار، مع تراجع مستويات النمو إلى 14 في المئة على أساس سنوي.
ورأى التقرير أنه مع توافر مزيج من المحفزات الجيدة مثل تكلفة الاقتراض المواتية، وارتفاع أسعار النفط، واستمرار اهتمام المستثمر الأجنبي، فمن المتوقع أن تحافظ على أسواق الدين على كونها منفذ تمويل جذاب وسهل الوصول إليه. 
وبين البنك أنه في الوقت ذاته، تم تشديد السياسات النقدية على مستوى العالم والخليج، وارتفعت عوائد السندات الدولية والإقليمية على خلفية مخاوف التضخم.
ولفت التقرير إلى أن المخاوف من أن يؤدي النمو العالمي القوي إلى رفع معدلات التضخم، أدت إلى دفع عائدات السندات القياسية العالمية نحو الارتفاع بنهاية الربع الأول من العام 2018، الأمر الذي عمل على تعويض آثار المخاوف من الاضطربات الجيوسياسية، وتوتر العلاقات التجارية على مستوى العالم، بحيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بواقع 33 نقطة أساس وبلغت 2.74 في المئة، بينما ارتفعت عوائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات بواقع 7 نقاط أساس وبلغت 0.50 في المئة.
وذكر أنه في الولايات المتحدة على وجه الخصوص، كانت العائدات مدفوعة بعلامات تدل على ارتفاع التضخم تدريجياً وضغوط الأجور، بالتزامن مع قوة النشاط الاقتصادي، إذ يبدو أنه طرأ تغير على التوقعات التضخمية، بحيث بلغ معدل التعادل لعشر سنوات في الولايات المتحدة، والذي يتوقع متوسط معدل التضخم خلال العقد المقبل 2.1 في المئة بالربع الأول من العام 2018، فيما يعد أعلى مستوى له منذ العام 2015، بحيث ارتفع بمعدل 32 نقطة أساس مقارنة بمستويات العام 2017.
وأضاف التقرير أنه في أوروبا، وعلى الرغم من ثقة البنك المركزي الأوروبي في وقت سابق من تعافي اقتصادات منطقة اليورو، إلا أن ارتفاع عائدات السندات كان محدوداً نسبياً، إذ ساهمت جهود البنك في تبديد أي إشارات بتشديد السياسات المالية، بالإضافة إلى ضبابية الوضع السياسي وبلوغ النمو الاقتصادي إلى ذروته واستحكام تراجع مستويات التضخم المنخفضة، في الحد من ارتفاع عوائد السندات الألمانية.
ونوه باستمرار تشديد السياسات النقدية على الصعيد العالمي بدعم من تدفق البيانات الاقتصادية القوية نسبياً، وأنه في حين انفرد الاحتياطي الفيديرالي برفع أسعار الفائدة في الربع الأول من العام 2018، بمقدار 25 نقطة أساس إلى 150 و175 نقطة أساس، تحولت توجهات البنوك المركزية الأخرى هامشياً نحو التشديد. 
وكشف التقرير عن تقارب التوقعات الرسمية الصادرة عن الاحتياطي الفيديرالي إلى التحول من رفع أسعار الفائدة 3 مرات هذا العام إلى 4 زيادات، وتراجع البنك المركزي الأوروبي عن التزامه بتوسيع حجم برنامج شراء السندات، كما اتسمت نظرة بنك إنكلترا إلى مزيد من التفاؤل بشأن التضخم، واشترى المركزي الياباني عدداً أقل من الإصدارات الحكومية خلال الربع الأول من العام. 
وتابع أن ذلك يأتي في ظل انخفاض وتيرة قيام البنوك المركزية الرئيسية، بشراء الإصدارات الحكومية إلى أدنى مستوى لها منذ العام 2013.
وأفاد التقرير عن ارتفاع عوائد سندات دول مجلس التعاون الخليجي، بالتزامن مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأميركية وتصاعد التوترات الإقليمية، إذ حدث هذا التطور على الرغم من ارتفاع أسعار النفط، بحيث ارتفع سعر مزيج خام برنت بنسبة 9 في المئة على أساس ربع سنوي في الربع الأول إلى 67 دولاراً للبرميل. 
ولفت إلى ارتفاع عائدات الديون السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي، لآجال تتراوح ما بين 8 و9 سنوات بواقع 40 و64 نقطة أساس في الربع الأول من العام 2018، في حين شهدت السعودية والبحرين أعلى مستويات الارتفاع، بينما تجاوزت عائدات السندات البحرينية 7 في المئة للمرة الأولى، في حين كانت عوائد السندات الكويتية هي الأدنى، واستقرت عند مستوى 3.8 في المئة تقريباً.
وكشف عن مساهمة مزيج من العوامل من ضمنها ارتباط العملات الخليجية بالدولار، وتضييق هوامش أسعار الفائدة بين البنوك في قيام البنوك المركزية الخليجية بتتبع خطى الاحتياطي الفيديرالي في رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في شهر مارس. 
ولفت إلى أن هوامش أسعار الفائدة بين البنوك سجلت أدنى مستوياتها على مدى عقد من الزمان، مع تطلع السياسات المالية لمعالجة هذا الاتجاه ودعم جاذبية العملات المحلية، منوهاً بأنه في خطوة غير اعتيادية، قام البنك المركزي السعودي برفع سعر الفائدة بشكل استباقي قبل أسبوع من قيام الاحتياطي الفيديرالي بنفس الخطوة.
واعتبر أن ارتفاع أسعار النفط ساهم في دفع فروقات عقود مبادلة مخاطر الائتمان، إلى التراجع بالنسبة لمعظم الإصدارات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي خلال هذا الربع، في حين تم تثبيت التصنيفات الائتمانية والآفاق المستقبلية بصفة عامة. 
وبين التقرير أنه على الرغم من ذلك، أدى تجدد المخاوف المتعلقة بالأوضاع المالية والخارجية إلى تخفيض التصنيف الائتماني للبحرين (وكالة فيتش: من BB+إلى BB) وسلطنة عمان (وكالة موديز: من Baa2 إلى Baa3)، إذ تقف عُمان حالياً على حافة فئة الاستثمار، في حين تراجعت البحرين أكثر إلى ما دون درجة الاستثمار.
وأكد التقرير وجود عدد من العوامل التي قد تشجع دول مجلس التعاون الخليجي، إلى تركيز الاقتراض في بداية العام 2018، وأهمها احتمال ارتفاع أسعار الفائدة، والاحتياجات المالية الضخمة، وإمكانية الوصول إلى الأسواق بسهولة نسبية حالياً. 
وذكر أنه حتى الآن، شهد الربع الثاني من العام 2018 إصدارات كبرى من السندات في المملكة العربية السعودية وقطر بقيمة 11 مليار دولار و12 مليار دولار على التوالي، فيما يعد أول انخراط لقطر في سوق الديون الدولية منذ العام 2016. 
ونوه بتجاوز الطلب على الإصدارات السعودية والقطرية حاجز الـ50 مليار دولار و52 مليار دولار على التوالي، بما يعكس الاقبال الشديد على الديون السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة إلى تنافسية تسعير السندات لكلا الإصدارين. 
وشدد التقرير على أن تجربة البحرين لم تلقَ نفس النجاح، بحيث تجنب المستثمرون السندات البحرينية التقليدية بسبب التسعير غير المناسب، في حين تم تسعير صكوكها اللاحقة بزيادة كبيرة مقارنة بالإصدار السابق. 
وأفاد أنه على الرغم من أن أدوات الدخل الثابت العالمية مازالت ملائمة، إلا أنها أصبحت أقل إيجابية بشكل طفيف. وتوقع أن يدفع النمو الاقتصادي العالمي الذي مازال قوياً، بالإضافة إلى تقييد أوضاع سوق العمل، إلى ارتفاع طفيف في نسبة التضخم العالمي، بما قد يشير إلى اتباع سياسات أكثر تشدداً. 
وأفاد أنه على الرغم من ذلك، فقد أشارت البيانات الأخيرة إلى تراجع معدلات النمو، في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، والتي قد تؤدي إلى تباطؤ إجراءات تشديد السياسات النقدية بصورة أكبر مما كان متوقعاً.

© Al- Rai 2018