من هيديوكي سانو

طوكيو 13 ديسمبر كانون الأول (رويترز) - نسيت يوميكو أوكوبو (71 عاما) كيف اعتادت تسخين الطعام فسألت زوجها إيشي "ما هو الميكرويف؟"

تعاني يوميكو من المراحل المبكرة من عته الشيخوخة وتجد صعوبات في تذكر مفردات اللغة وتعجز عن تعليم دورات ارتداء الكيمونو الياباني التي اعتادت عليها على مدار 25 عاما.

وجعلت صعوبة إنجاز المهام اليومية حياتها وحياة زوجها الذي يتولى رعايتها منذ عام 2008 صعبة.

غير أنها عجزت أيضا عن إدارة شؤونها المالية وهو وضع يقول خبراء إنه يزداد شيوعا في اليابان التي تتزايد فيها بسرعة أعداد كبار السن وتعرض للخطر أرصدة قيمتها تريليونات الينات.

وتقول ريكا كامباياشي الاخصائية الاجتماعية في كيوتو إنها شهدت حالات كثيرة سحب فيها مصابون بعته الشيخوخة أموالا طائلة دون إدراك واضح لما يفعلونه أو سبب ذلك.

وقالت إن امرأة في التسعينات من العمر سحبت في إحدى الحالات 20 مليون ين (266 ألف دولار) من مدخراتها تحت إلحاح حفيدها.

وأضافت كامباياشي "كانت تقول إنها سحبت تسعة أو عشرة. واستغرق مني الأمر فترة لإدراك أنها كانت تتحدث عن عدد رزم من الأوراق المالية". وتتكون الرزمة في العادة من مئة ورقة فئة 10000 ين.

وتابعت "كان من الواضح أنها حالة استغلال".

يتجاوز عدد من تم تشخيص إصابتهم بعته الشيخوخة أكثر من خمسة ملايين ياباني. وتقدر الحكومة إن العدد سيرتفع إلى ما بين سبعة وثمانية ملايين شخص أي ما بين ستة وسبعة في المئة من إجمالي عدد السكان بحلول عام 2030.

ولمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقدير أقل يفيد أن عته الشيخوخة سيصيب 3.8 في المئة من سكان اليابان بحلول 2037 وهو ما يعد أعلى المستويات في دول المنظمة البالغ عددها 35 دولة ويزيد كثيرا عن المتوسط الذي تتنبأ به المنظمة وهو 2.3 في المئة.

وتقدر مؤسسة داي إيشي لايف للأبحاث أن الأرصدة المالية لليابانيين المصابين بعته الشيخوخة ستبلغ نحو 215 تريليون ين (تريليونا دولار) بحلول 2030 بالمقارنة مع 143 تريليون ين في الوقت الحالي.

وقال جين ناروموتو أستاذ الطب النفسي بجامعة كيوتو إن العديد من الشركات تواجه الآن مخاطر إبرام تعاملات مع مصابين بعته الشيخوخة ربما تطلب أسرهم فيما بعد إلغاءها.

وتوصل مسح أجراه ناروموتو وثلاثة باحثون آخرون إلى أن حوالي 30 في المئة من المصابين بعته الشيخوخة وأسرهم تكبدوا خسائر مالية بسبب هذه الحالة.

ويقول مسؤولون مصرفيون إن العاملين بالبنوك يصادفون باستمرار عملاء مصابين بالعته لا يمكنهم استعمال أجهزة الصرف الآلي أو يكررون نفس الأسئلة. وتصدر عن بعضهم تصرفات غريبة أو يتهمون العاملين بسرقة أموالهم بل وبالعنف.

ومن المتوقع أن يصبح حوالي 31 في المئة من سكان اليابان في سن الخامسة والستين أو أكبر سنا. ولأن متوسط الأعمار في اليابان 84 عاما وهو الأعلى في العالم فمن المنتظر أن تتفاقم مشكلة العته.

والعته ناتج عن عدة أمراض على رأسها ألزهايمر الذي يمثل حوالي الثلثين. وهو يشمل عدة أعراض تتمثل في ضعف الذاكرة والتفكير الجاد بدرجة كافية تعرقل الحياة اليومية.

ويفقد المصابون به تدريجيا القدرة على العمليات الحسابية ومعرفة الوقت أو التعرف على الأماكن والأفراد بما في ذلك الأقارب. ولا يوجد للمرض علاج معروف رغم أن بعض الأدوية تبطيء تدهوره.

ومع تزايد العملاء الذين يعانون من العته اتجهت بنوك كثيرة مثل نومورا وسوميتومو ميتسوي ترست إلى تدريب العاملين على كيفية التعامل مع أصحاب هذه الحالات بأمان وإنصاف.

وفي طوكيو تعاونت خمس مؤسسات مالية تعاونية في إنشاء جمعية لا تهدف للربح لتقديم خدمات وصاية مالية بتكلفة محدودة للمصابين بالعته وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية.

ويتم اختيار الأوصياء من خلال محكمة محلية لمساعدة العملاء على إدارة شؤونهم المالية بإجادة تامة. ويمكن للأوصياء التصرف لحساب عملائهم أو إلغاء تعاقداتهم ومشترياتهم إذا تطلب الأمر.

وربما كان الجانب الأهم من ذلك أنهم يساعدون الأسر على التكيف مع المرض وتعريفهم بخدمات الرعاية الاجتماعية.

لكن مثل هذه النظم عرضة للاستغلال. ففي الفترة من 2010 إلى 2015 وردت بلاغات عن حوالي 3000 حالة استغلال سرق فيها أوصياء 21 مليار ين ويقول خبراء كثيرون إنه لا يوجد إشراف يذكر عليهم.

ولتفادي ذلك تخصص الجمعية التي أنشأتها المؤسسات المالية التعاونية الخمس وصيين لكل عميل. كما تقوم بعمليات تدقيق منتظمة في أداء العاملين فيها مثل البنوك.

وتفرض عدة بنوك حدودا لما تسمح للأوصياء بسحبه من أموال العملاء لمنع الاختلاس.

وتأمل مؤسسات أخرى أن توفر التكنولوجيا حلا للمشكلة.

إذ تعمل شركة ماني فوروارد التي تقدم خدمات إمساك الدفاتر والإدارة المالية على تطوير نظام تحذير من خلال تطبيق على الهاتف المحمول للفت الانظار إلى التصرفات المشبوهة.

وقال تويوشي تاكي عضو مجلس إدارة الشركة إن التطبيق يمكن أن يحذر الأسرة إذا حاول شخص أن يسحب فجأة المال عدة مرات في يوم واحد من أجهزة الصرف الآلي.

(إعداد منير البويطي للنشرة العربية - تحرير ليليان وجدي)