تعرف على أبرز عوامل قوة العملة الخضراء التي دفعتها لتصدر التداولات العالمية    

رغم المحاولات الجدية لنزع صفة الهيمنة عن الدولار في العمليات التجارية (تأتي من الصين وروسيا وتركيا ودولا أخرى)، يعترف الخبراء الماليون بأن الدولار سيبقى مهيمنا عالميا بدليل عدة مؤشرات:

1- سيطرته على نحو 64% من احتياطيات البنوك المركزية حول العالم من العملات الأجنبية، مقابل 20% باليورو و4.5% بالـين و4.4% بالجنيه الإسترليني و7.5% بالفرنك السويسري والدولار الأسترالي والدولار الكندي واليوان الصيني وعملات أخرى. لذا ترغب معظم الدول في التعامل بالعملة الأميركية لأن ذلك يؤمن لها احتياطيات تحتاجها للدفاع عن عملاتها الوطنية ولتغطية صادراتها حتى باتت 50% من التجارة الدولية تتم بالعملة الخضراء. وهناك دول مثل كوريا الجنوبية تُسعّر 80% من صادراتها بالدولار، علما بأن الولايات المتحدة لا تشكل أكثر من 20% من صادراتها.

2- حول العالم حاليا نحو 580 مليار دولار خارج الولايات المتحدة، وهذا يمثل 65% من الإجمالي المطبوع والمتداول، لأن الدولار يشكل العملة الأساسية للاستيراد والتصدير لاسيما النفط الذي هو العصب الرئيس للاقتصاد العالمي، ومن هنا أتى تعبير البترودولار، وينسحب ذلك على القطن والذرة والمعادن الثمينة، مرورا بمعظم السلع والمواد الأخرى. وأدى ذلك إلى ربط عملات عدد كبير من الدول المصدرة للنفط والمواد الأولية بالصرف الأميركي، ويبلـــغ ناتج تلك الــدول ثلث الناتج العــالمي.

3- على صعيد الصرف وتداول العملات دوليا، فيشكل الدولار بشكل مباشر وغير مباشر 85% من الإجمالي. إلى ذلك، فإن 40% من الديون العالمية مصدرة بالدولار، ما يعني أن البنوك الدولية تطلب الدولار دائما لتسيير أعمالها وتسويق خدماتها.

ويلفت المصرفيون إلى ما يشبه «الطرفة» في هيمنة الدولار حتى على التعاملات غير المشروعة التي يحصل معظمها بالعملة الخضراء، مثل تجارة المخدرات، والتهريب من كل نوع، وتمويل المافيات والإرهاب وغسل الأموال.

4- هيمنة الدولار انعكست على مجالات أخرى مثل شيوع استخدام اللغة الانجليزية في عالم البزنس.

ويشير الخبراء أن اليوان حده قد يشكل بديلا بعد حين، لأن الاقتصاد الصيني ينافس الأميركي بقوة، لذا بدأت بعض البنوك المركزية أخذ العملة الصينية كجزء ولو يسير في احتياطياتها، لكن يبقى اليوان الصيني صغيرا جدا أمام الدولار على الرغم من قوة وحجم الاقتصاد الصيني وانفتاحه على العالم والتأثير فيه.

ويشرح اقتصاديون كيف تصبح العملة قوية ومطلوبة عالميا، إذ هناك عدة شروط: أولا أن يكون الاقتصاد قويا وكبيرا، وهذا حال الاقتصاد الصيني. ويجب أن يوحي الثقة، وهذا ما يسعى الرئيس شي جينبينغ إلى ترسيخه، ويقدم للعالم أصولا يتداولها بعملته وديونا للاكتتاب في إصداراتها. فالاحتياطيات ليست من دولارات أو يوروهات صافية بل هي عمليا ديون بالدولار واليورو.

5- تستمر تداعيات أزمة الديون السيادية الأوروبية التي اندلعت في العام 2011 حتى اليوم، بعدما أضعفت الثقة باليورو كعملة عالمية بديلة عن الدولار. فبعدما كان اليورو يشكل 26% من الاحتياطيات العالمية، هبط في 2014 إلى 19%، وعاد منذ ذلك الحين ليرتفع قليلا وببطء شديد. في حين أن الأزمة العالمية التي اندلعت مع الرهون العقارية الأميركية وإفلاس بنك «ليمان برازرذ» الأميركي لم تؤثر في مكانة الدولار من حيث الطلب عليه، لاسيما لتكوين احتياطيات في البنوك المركزية واستخدامه في المعاملات التجارية الدولية.

تتغير قواعد القوة

هل ما سبق يعني أن العملة الأميركية ستبقى مهيمنة إلى الأبد؟ الإجابة تكمن في سرعة تطور وانفتاح الصين، وخصوصا تقدم التنين ليكون أول قوة اقتصادية في العالم في المديين المتوسط والطويل، فيؤكد المصرفيون حسب جريدة «الشرق الأوسط» أن الأمر ممكن، خصوصا إذا نجح مشروع الحزام والطريق الذي يربط الصين بنحو 60 بلدا، وبذلك المشروع قد تنجح الصين في فرض نموذج عولمة مختلفا عن ذلك الذي أنتجته السياسات الغربية عموما والأميركية خصوصا منذ القرن الماضي.

© Al Anba 2018