21 02 2019

4.5 مليار ريال حجم التبادل التجاري المتوقع بين السلطنة والإمارات في 2019

< وزير التجارة: 2800 شركة إماراتية وعمانية إماراتية مشتركة في عدد من القطاعات الاقتصادية

< المنصوري: العلاقات الثنائية بين البلدين نموذج متميز وذات طبيعة خاصة

< اليوسف: الإمارات شريك إستراتيجي للسلطنة.. واستثمارات عديدة مرتقبة

نظَّمتْ وزارة التجارة والصناعة، أمس، أعمال الملتقى الاقتصادي العماني الإماراتي، الذي يهدف لتطوير الفرص الاستثمارية والأعمال المتاحة بين أصحاب وصاحبات الأعمال من الجانبين.. ترأس الجانب العماني معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، فيما ترأس الجانب الإماراتي معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.

وألقى معالي الدكتور علي بن مسعود السنيدي وزير التجارة والصناعة، كلمة؛ اوضح فيها أنَّ مثل هذه اللقاءات تعكس مدى جدية البلدين في توطيد العلاقات التجارية والاستثمارية وزيادة حجم التبادل التجاري. وأشار إلى أن السلطنة اعتمدت خلال الخطط الخمسية المتعاقبة سياسة اقتصادية منفتحة على العالم الخارجي، واستخدمت الحكومة عائدات النفط والغاز في دعم قطاعات التعليم والصحة والتوسع باستمرار في مشاريع البنية الأساسية، في حين تركز الخطة الخمسية الحالية على برنامج التنويع الاقتصادي؛ من خلال إعطاء أهمية أكبر لقطاعات الصناعة والسياحة والتعدين والثروة السمكية والقطاع اللوجستي، كما عملت خلال السنوات الماضية على بناء بنية اقتصادية حديثة لا تعتمد على النفط كمصدر أساسي للدخل؛ حيث إن الخطة الخمسية التاسعة 2016-2020 ركزت على قطاع الصناعات التحويلية والمعادن والسياحة والأسماك والقطاع اللوجستي.

وأشار معالي الدكتور إلى أنَّ دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة شريك تجاري رئيسي للسلطنة؛ حيث تتميز هذه العلاقات بأنها علاقات تاريخية، وتشهد تطورات متواصلة ونمواً عميقاً في شتى المجالات، لاسيما في المجال التجاري والصناعي، ونمواً ملحوظاً في الحركة التجارية بين البلدين، والمتمثلة في سهولة انتقال البضائع، وسهولة انسيابها، وحرية انتقال المنتجات الوطنية بين البلدين في المنافذ الحدودية.

وقال معاليه: نلاحظ ازدياداً في عدد الشركات الإماراتية والعمانية الإماراتية المشتركة؛ حيث بلغت حتى يناير 2019م قرابة 2800 شركة، وتتركز استثمارات هذه الشركات في الصناعات التحويلية والطاقة والمياه والأنشطة المالية والإنشاءات والعقارات والتجارة، ونأمل أن يعمل هذا اللقاء على تطوير هذه الشراكة من خلال تبادل الخبرات والمعرفة، وإقامة مشاريع مشتركة تخدم اقتصاد البلدين الشقيقين.

من جانبه، أكد معالي المهندس سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة، أنَّ العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وسلطنة عُمان تمثل نموذجاً متميزاً ومتينة وراسخة، ولا تقتصر على مراعاة المصالح والتعاون البنَّاء في المجالات ذات الاهتمام المشترك فحسب، بل هي علاقات ذات طبيعة خاصة، يميزها ما يجمع البلدين من أخوة صادقة وتقارب وتداخل جغرافي قائم على حسن الجوار والصلات الاجتماعية والعائلية الوثيقة التي تحظى بمكانة كبيرة لدى الشعبين الشقيقين، وتدعمها روابط التاريخ والانتماء الإسلامي والعربي والخليجي المشترك.

وقال معاليه إنَّ البلدين نجحا على مدى العقود الماضية في تحقيق مستوى عالٍ من التنسيق والتفاهم إزاء العديد من القضايا والتحديات التي تشهدها المنطقة، وعلى الصعيد الاقتصادي تحديداً، ثمة مؤشرات وإنجازات مهمة تعكس حالة الشراكة الوطيدة والتعاون الإيجابي بين الجانبين؛ فقد سجل حجم التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين عام 2017 نحو 36 مليار درهم، بنمو 12.4% عن 2016، ووصل ذلك التبادل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2018 إلى 32.5 مليار درهم.. ومن المتوقع أن يواصل نموه في العام 2019 كاملاً ليصل إلى نحو 45 مليار درهم.

وبين أنه على مدى السنوات الخمس الماضية، بلغ متوسط نمو التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين نحو 10%. وتعد سلطنة عمان ثاني أكبر شريك تجاري لدولة الإمارات على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2017، وفي المرتبة 12 عالميًّا. وتابع أنه في مجال الاستثمار، تعد الإمارات من أهم الدول المستثمرة في سلطنة عمان، حيث يُقَدَّر رصيد الاستثمارات الإماراتية في السلطنة حتى نهاية 2016 بأكثر من 8.8 مليار درهم، فيما تستثمر سلطنة عمان بما قيمته أكثر من 3.1 مليار درهم في دولة الإمارات حتى نهاية العام نفسه. وعلى صعيد النقل الجوي، تسيِّر الناقلات الوطنية الإماراتية نحو 137 رحلة طيران مجدولة أسبوعيًّا بين مدن البلدين.

وأضاف: لا شك أن هذه المؤشرات تعكس وجود شراكة قوية بين البلدين.. إلا أن الإمكانات الاقتصادية للجانبين ما زالت قادرة على خلق آفاق أوسع من الفرص التنموية.. ونحن واثقون بأننا نقف اليوم على أرضية صلبة تعطينا حافزاً إضافياً ونظرة إيجابية للمضي قدماً نحو مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي القائم على رؤية واضحة، ومن هنا فإننا نتطلع إلى مخرجات هذا الملتقى؛ حيث يمكننا من خلاله تعزيز الحوار حول قنوات التعاون وتحديد القطاعات المستهدفة، وسبل الاستفادة من عوامل القوة الاقتصادية والقواسم المشتركة والفرص الواعدة التي يتمتع بها البلدان.

وزاد قائلا: نرى أن ثمة فرصاً مهمة للتعاون في بعض المجالات المحددة؛ لعل أبرزها قطاع النفط والغاز، والبنى الأساسية والنقل والخدمات اللوجستية، وقطاع الضيافة والتنمية السياحية، وتجارة الجملة والتجزئة، والطاقة المتجددة، والتعاون في مجالات الزراعة والمنتجات الغذائية، والصناعات التحويلية، فضلاً عن قطاعي العقارات والخدمات المالية والمصرفية.

وتابع: نعتقد أن القطاع الخاص قادر على لعب دور محوري في هذا المسار؛ فهو شريك رئيسي لحكومتي البلدين في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية، وسنحرص اليوم على فتح المجال أمام مجتمعي الأعمال الإماراتي والعماني للتواصل المباشر ومناقشة المشاريع المستقبلية وبناء الشراكات المثمرة. لقد تبنَّت دولة الإمارات انطلاقاً من مُحددات رؤية الإمارات 2021، سياسة اقتصادية رائدة تتمثل ببناء اقتصاد مرن ومتنوع ومستدام وعالي التنافسية، ويرتكز على محاور المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير، وتلعب فيه الكفاءات الوطنية المتمكنة دوراً محوريًّا.

وأكمل معاليه بالقول: هذه المرتكزات تعزز القواسم المشتركة بين الاقتصادين الإماراتي والعُماني بصورة كبيرة، حيث إننا مدركون لما يتمتع به اقتصاد سلطنة عُمان أيضاً من تنوع كبير وإنتاجية عالية واتجاه ملحوظ نحو تمكين الكفاءات العمانية في مختلف المجالات. إلى ذلك، تعمل حكومة دولة الإمارات بصورة مستمرة على إطلاق المبادرات المحفزة لنمو القطاعات المستدامة وتشجيع الاستثمار النوعي، وتطوير بيئة الابتكار والتكنولوجيا والملكية الفكرية والبحث العلمي إلى مستويات متقدمة، وتعزيز تطبيقات الاقتصاد الرقمي وتوظيفها في التنمية الاقتصادية بصورة فعالة، انسجاماً مع محاور مئوية الإمارات 2071. وتتواصل جهودنا لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في الدولة، وتحفيز التوجه نحو ريادة الأعمال، وتمكين المرأة في المجال الاقتصادي ودعم مساهمتها في قطاع الأعمال. وتمثل التجارة الخارجية أحد المحركات الرئيسية لنمو الاقتصاد الوطني؛ حيث تتبوأ دولة الإمارات مكانة مرموقة كمحور إقليمي وعالمي للتجارة، وهي مرتبطة بمختلف الأسواق العالمية، وتمتلك منظومة متطورة وبنى تحتية متقدمة لدعم هذه القطاع، من مطارات وموانئ وخدمات لوجستية ومناطق حرة وغيرها.

بينما قال سعادة قيس بن محمد اليوسف رئيس غرفة تجارة وصناعة عُمان: إنَّ الملتقى جاء بمبادرة من الجانب الإماراتي، وأن وفد دولة الإمارات العربية المتحدة يتكون من غرف تجارة وصناعة الإمارات وبعض أصحاب الأعمال الذين يمثلون مختلف القطاعات، إضافة للجانب العماني الذي يضم ممثلين عن غرفة تجارة وصناعة عُمان وأصحاب وصاحبات الأعمال. وأكد سعادته أن دولة الإمارات تعد شريكًا إستراتيجيًا للسلطنة، وهناك استثمارات عديدة سواء كانت مباشرة إماراتية أو استثمارات عمانية-إماراتية، كما أن هناك شركات قابضة على مستوى الدولتين، مبينًا أن هناك استثمارات يمكن للجانبين بحثها في البلدين الشقيقين.

وعلى صعيد العمل التجاري، أشار إلى أن قيمة الواردات العُمانية من الإمارات خلال عام 2017 بلغت أكثر من 4 ملايين و250 ألف ريال عماني، وتجاوزت قيمة الصادرات العمانية إلى الإمارات مليونًا و270 ألف ريال عماني، فيما بلغ حجم الاستثمارات الإماراتية المسجلة في السلطنة أكثر من 393 مليون ريال عماني حتى عام 2016.

وقال إنَّ المساهمة الإمارتية التي جاوزت 182 مليون ريال عماني بلغت نسبتها 3ر46 بالمائة وتتوزع هذه الاستثمارات على حوالي 2236 شركة، يتركز أغلبها في القطاع التجاري وقطاع الإنشاءات والصناعة والتعدين وقطاع الخدمات وقطاعات أخرى تتوزع بها الشركات الأخرى، متطلعًا إلى تطوير علاقات تجارية واستثمارية مع الأشقاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، لاسيما في القطاعات ذات الأولوية كمنتجات الصناعات الكيماوية والمعدنية وصناعة الأغذية والآلات والأجهزة الكهربائية، إضافة لقطاعات أخرى من شأنها تعزيز التبادل التجاري وإنعاش العلاقات التجارية.

وبيَّن أن ذلك يهدف لتنمية وتطوير العلاقات التعاونية وتنشيط الحركة الاقتصادية في مختلف المجالات وتفعيل سبل تنمية التبادل التجاري، والعمل على إزالة المعوقات التي تواجه النشاط الاقتصادي، وتسهيل انتقال رؤوس الأموال؛ مما يُسهم في تعدد المشروعات الاقتصادية المشتركة بين البلدين الشقيقين.

وقدم عزان بن قاسم البوسعيدي مدير عام التخطيط والدراسات بالهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات (إثراء)، عرضاً مرئيًّا حول  دور الهيئة  في جذب الاستثمارات الأجنبية وتنمية الصادرات غير النفطية لتحسين الميزان التجاري للسلطنة.

وقدم صالح بن حمود الحسني مدير المحطة الواحدة بهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، عرضاً تناول فيه أهم الاستثمارات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم، وما يتصل باستكمال البني الأساسية بالمنطقة كالميناء والحوض الجاف ومطار الدقم.

وتطرق الحسني إلى الحوافز الاستثمارية والإعفاءات الضريبية، وأوضح أن السلطنة تمتلك العديد من مقومات الاستثمار في القطاعات الاقتصادية، متطرقًا إلى المشاريع الاستثمارية في المنطقة كمحطة راس مركز لتخزين النفط الخام ومصفاة الدقم والفرص الاستثمارية المتاحة في الدقم.

من جانبه، قدم خالد بن سليمان الصالحي مدير دائرة التسويق والترويج بالمؤسسة العامة للمناطق الصناعية (مدائن)، عرضا حول مهمة المؤسسة في جذب الاستثمارات الصناعية، وتقديم الدعم المستمر من خلال إستراتيجيات تنافسية إقليميا وعالميا، والبنية الأساسية الجيدة، والخدمات ذات القيمة المضافة، والإجراءات الحكومية السهلة. واستعرض الصالحي رؤية مدائن الساعية لتعزيز موقع السلطنة كمركز إقليمي للصناعات التحويلية وتقنية المعلومات والابتكار والتميز في ريادة الأعمال.

وصاحب الملتقى لقاءات ثنائية لأصحاب وصاحبات الأعمال من الجانبين العُماني والإماراتي، تم خلالها استعراض الفرص الاستثمارية بين البلدين، وبحث سبل الاستفادة منها.

© جريدة الرُّؤية 2019