تقترب شركة حديد عز من إتمام الاستحواذ على حصة في شركة حديد المصريين التابعة للجيش المصري، بحسب تقارير صحفية، وهي خطوة -إن صحت- تثير علامات استفهام كبيرة حول الغرض من هذه الصفقة.

ونقلت جريدة الشروق المصرية عن مصادر لم تسمها أن حديد عز ستشتري حصة رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة في حديد المصريين البالغة 18% بنحو 1.5 مليار جنيه، وإنه من المتوقع الإعلان عنها بشكل رسمي يوم الثلاثاء.

ولم تؤكد حديد عز أو تنفي الأنباء الخاصة بالصفقة واكتفت بالقول في إفصاح للبورصة يوم 7 نوفمبر الجاري، أعادت نشره اليوم، إنه في حالة اتخاذها قرار بالاستثمار في شركات قائمة ستعلن عنه في حينه بعد الانتهاء من التقييم المالي والتدقيق القانوني. 

ويمتلك أغلب أسهم شركة حديد المصريين جهاز الخدمة الوطنية، التابع للقوات المسلحة، وهي تنتج حديد التسليح والبليت.

أما حديد عز فقد تأسست في أبريل 1994، وتعد أكبر منتج مستقل للصلب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتستحوذ على نحو 40% من سوق حديد التسليح في مصر، وهي تابعة لأحمد عز، رجل الأعمال والسياسي المصري البارز في عصر الرئيس الأسبق حسني مبارك.

علامات استفهام

"إن الصفقة تعتبر خطوة غريبة بالنسبة لعز، لأنه ليس من عادته شراء حصة أقلية في شركة يديرها غيره، إذ كان دائما يبني مصانعه بنفسه،" بحسب مصدر في قطاع الحديد المصري، فضل عدم ذكر اسمه لأن الصفقة لم يعلن عنها رسميًا.

وتمتلك "حديد عز" حالياً 4 مصانع في مدن السادات والعاشر من رمضان والسويس والدخيلة بالإسكندرية، طاقتها الإنتاجية نحو 7 ملايين طن من حديد التسليح والصلب المسطح، بحسب موقعها الإلكتروني.

وكان أحمد عز قد حصل في 2013 على براءة من قضية احتكار شركته لسوق الحديد في مصر.

ولا يشترط قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية المصري الحصول على موافقة مسبقة على عمليات الدمج أو الاستحواذ، ويشترط فقط الإخطار، وهو ما يسعى الجهاز القائم على القانون لتعديله منذ عدة سنوات.

"على الأرجح هذه الخطوة تعتبر بداية لحصول عز على مزيد من الحصص في حديد المصريين، بما يسمح لجهاز الخدمة الوطنية بالتخفيف من الخسائر التي تتكبدها الشركة، وربما يكون ذلك أيضا من خلال طرح حصص في البورصة"، بحسب ما قاله المصدر.

لكن مصدر آخر بالقطاع، قال لزاوية عربي، إن "حديد عز على الأغلب ستتولى الإدارة، على غرار ما كان يقوم به أبوهشيمة، وحتى تستفيد الشركة من خبرة حديد عز".

وأضاف: "لا أتوقع أن تستحوذ حديد عز على مزيد من الحصص في حديد المصريين، إذ أن ميزانيتها لا تتحمل إضافة المزيد من الخسائر".

وبحسب القوائم المالية المجمعة لحديد عز، فإن إجمالي الخسائر المرحلة بلغت حوالي 13 مليار جنيه (827 مليون دولار) في نهاية سبتمبر 2021.

ويرى المصدر الثاني، وهو محلل يغطي قطاع مواد البناء في أحد بنوك الاستثمار المصرية، أن "من الممكن أن يكون هدف حديد عز من هذه الصفقة هو زيادة قاعدة الإنتاج الخاصة بالمجموعة، بما يسمح لها بالتقدم للحصول على رخصة إنتاج مكورات الحديد التي طرحتها الحكومة مؤخرا، وبالتالي يكون لديه كل مراحل التصنيع".

"على العموم الصفقة غريبة وغامضة، خاصة أن الشركة ستتحمل أعباء مالية إضافية لتمويلها، لكن الأكيد أن شركة مثل حديد عز لديها هدف من هذه الخطوة، ولن ترمي أموالها في الأرض"، بحسب ما قاله المصدر.

وتوسع جهاز الخدمة الوطنية المملوك للقوات المسلحة المصرية في السنوات الأخيرة في قطاع الحديد من خلال الاستحواذ على حصص الأغلبية في شركتي حديد المصريين والسويس للصلب.

قطاع يعاني

>

وعانت أغلب شركات الحديد في مصر من خسائر في السنوات الأخيرة مع تراجع الطلب على حديد التسليح نتيجة تشديد قيود بناء المنازل والحد من البناء العشوائي، إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج ومنافسة الحديد المستورد.

وتشير بيانات غرفة الصناعات المعدنية إلى أن 70% من حديد التسليح يتجه إلى المباني السكنية، وربما يفسر ذلك سبب تراجع الطلب رغم مشروعات البنية التحتية التي تنفذها الحكومة في السنوات الأخيرة.

وتمكنت حديد عز من التحول للربحية في التسعة أشهر الأولى من العام الجاري بفضل ارتفاع قوي في صادراتها التي زادت على مليار دولار، خاصة من الحديد المسطح. وبلغ صافي أرباحها حوالي 2.5 مليار جنيه (159 مليون دولار) مقابل خسائر بنحو 2.8 مليار جنيه (178 مليون دولار) في نفس الفترة من العام الماضي، بحسب قوائمها المالية المجمعة.

وقال محمد حنفي، مدير عام غرفة الصناعات المعدنية، باتحاد الصناعات المصرية، وهو تجمع شبه حكومي يضم الشركات الصناعية، في اتصال هاتفي مع زاوية عربي من القاهرة، "التصدير هو السبب وراء تحول عز للأرباح، وكان ذلك أيضا من مبيعات الحديد المسطح، وليس حديد التسليح، حيث أن باقي الشركات التي تعمل في السوق تحقق خسائر".

وتبلغ القدرات الإنتاجية لمصانع الحديد المصرية حوالي 15 مليون طن، لكن الإنتاج الفعلي يتراوح بين 7 و7.5 مليون طن سنويا، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية وتقارير صحفية.

مستقبل غامض

توقع حنفي أن تخفض شركات الحديد أسعار البيع في السوق المحلي بداية من الشهر المقبل، بعد قرار وزارة التجارة المصرية في منتصف الشهر الجاري بإلغاء الرسوم على واردات حديد التسليح والبليت (وهو منتج حديد أولي يستخدم في تصنيع منتجات الحديد).

ومن شأن خفض الأسعار أن يزيد الضغوط على هوامش أرباح عز، التي تأثرت أيضا بقرار زيادة أسعار الغاز الطبيعي بنسبة 28% لصناعة الصلب الشهر الماضي، إذ يعتبر الغاز الطبيعي مدخل إنتاج أساسي في شركة حديد عز التي تعتمد على تكنولوجيا الحديد المختزل. 

ويستعد السوق المحلي لدخول طاقات إنتاجية جديدة بعد أن طرحت هيئة التنمية الصناعية المصرية في مطلع الشهر الجاري 6 رخص جديدة لإنتاج البليت والحديد الإسفنجي ومكورات الحديد، وسحب بعض الشركات كراسات الشروط الخاصة بها، على أن يكون تقديم العروض في منتصف فبراير 2022.

"حديد عز من الشركات التي سحبت كراسة الشروط الخاصة بالرخص الجديدة، ومن غير المعروف حتى الآن، ما إذا كانت ستمضي في بناء مصنع جديد، أم ستكتفي بالحصول على حصة في حديد المصريين، أم ستفعل الأمرين معا، وهو أمر محير أيضا، خاصة أن الشركة لديها عبء ديون كبير، قد لا يمكنها من تدبير التمويل لهذه التوسعات بسهولة"، بحسب ما قال المصدر العامل في قطاع الحديد.

وبحسب مذكرة بحثية لبنك استثمار برايم المصري فإن صافي الديون المستحقة على حديد عز بلغ 34.8 مليار جنيه (2.2 مليار دولار) في نهاية الربع الثالث من العام الجاري.

(إعداد عبدالقادر رمضان ويعمل عبدالقادر في موقع مصراوي المصري كما انه عمل سابقا في عدة مؤسسات منها، موقع أصوات مصرية التابع لمؤسسة تومسون رويترز وجريدة البورصة المصرية، وقناة سي بي سي الفضائية المصرية)

(تحرير: أحمد فتيحة ahmed.feteha@refinitiv.com)

© ZAWYA 2021

#تحليلسريع

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام