حشدت حركة طالبان، التي عادت للحكم في أفغانستان في أغسطس الجاري مع اقتراب رحيل القوات الامريكية بشكل كامل، المئات من مقاتليها شمال شرق كابول، وذلك عقب تأكيد أحمد مسعود الذي يقود جبهة مقاومة في إقليم بانجشير رفضه تسليم الإقليم، واستعداد مقاتليه الدفاع عن أرضهم.

ويقود مسعود ونائب الرئيس الافغاني أمر الله صالح جبهة مقاومة ضد حكم حركة طالبان في إقليم بانجشير الشمالي، وهو معقل التحالف الشمالي الذي كان يقوده والد الأول أحمد شاه مسعود الذي قتل على يد القاعدة في سبتمبر 2001.

وإقليم بانجشير هو المنطقة الوحيدة التي لا تقع تحت سيطرة طالبان في الوقت الحالي.

وعادت حركة طالبان الي الحكم بعد 20 عام من الإطاحة بها، حيث استسلم لها الجيش الوطني الأفغاني المدعوم من الولايات المتحدة بدون أي مقاومة في جميع أنحاء البلاد.

يلقي موقع زاوية عربي الضوء على التطورات المحتملة للوضع الحالي، سواء تطور الأمر إلى مواجهات عسكرية بين قوات المقاومة وطالبان، أم انهائه من خلال المفاوضات الجارية بين الطرفين.

هل يملك مسعود القوة العسكرية لمواجهة طالبان؟  

يعتقد أشوك سوين، أستاذ أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا السويدية، أن طالبان هي الأقوى عسكريا بفارق كبير.  

وقال لموقع زاوية عربي "أشك بشدة أن تستطيع المقاومة في أي وقت في المستقبل القريب أن تطيح بنظام طالبان في كابول باستخدام القوة. فهي لم تستطع فعل ذلك منذ 20 عام حين كانت قوة طالبان أقل بكثير من الوقت الحالي".  

واضاف "طالبان فازت بشكل حاسم" في مواجهة الجيش الأفغاني، والآن "لديها اليد العليا لعقد صفقات مع أمراء الحرب وقادة القبائل".

ويقول مايكل أوهانلون، مدير الأبحاث وباحث أول في دائرة السياسة الخارجية في معهد بروكينغز، ومقره واشنطن، إنه من "المبكر جدا" تقييم القوة العسكرية للمقاومة في إقليم بانجشير، إلا أنه يعتقد بشكل مبدئي أنها "محدودة".

وصرح لموقع زاوية عربي بأن الاحتمالات ضدهم، لكن ليس من المستحيل أن يتصدوا لطالبان.

ويظن سوين أن "في حالة نجاة المقاومة، سيكون لديها احتمال السيطرة على بعض الأقاليم في شمال وغرب البلاد"، وهي المناطق التي تفتقد طالبان فيها الدعم العرقي.

دعم دولي 

ويطالب أحمد مسعود المجتمع الدولي بمساندته ضد طالبان، وهو ما يعتقد أوهانلون انه امر حيوي للمقاومة.

وقال أوهانلون "سيحتاجون الي دعم من الخارج على مدار الوقت، لو ستكتب لهم النجاة".

من جانبه، يقول كلود راكيسيتس، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الوطنية الأسترالية، إن يجب أن يكون لمسعود ثقل في أفغانستان لكي يحصل على دعم خارجي.

وقال راكيسيتس لزاوية عربي "يحتاج مسعود أن يظهر أن لديه الكتلة الحرجة على الصعيدين السياسي والعسكري حتى يدفع دول نحو الاستثمار فيه".

وتعتقد شانتي مارييت دي سوزا، الأستاذة في كلية كوتيليا للسياسات العامة بحيدر آباد في الهند، وباحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، أن في حالة حدوث مواجهة عسكرية بين طالبان والمقاومة بدون دعم مستمر للأخيرة، سيتم محاصرة مقاتلي مسعود من جميع الجهات.

وقالت لموقع زاوية عربي إنه "من غير المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى بتقديم دعم علني أو لوجستي للمجموعة. هذه الخطوة ستمثل تحدي لسيطرة طالبان، الأمر الذي يخشى الجميع تقريبا أن يؤدي ليس فقط للانتقام، لكن لمشهد يشبه الحرب الأهلية".  

وأضافت "لكن إذا استطاع مسعود وأمر الله صالح أن.. يتمسكوا بمبادئ الديمقراطية التي يقفون معها، قد يكون هناك درجات من الدعم لهم من دول ديمقراطية".

ويعتقد سوين من جامعة أوبسالا السويدية أن أفضل استراتيجية تستطيع المقاومة في إقليم بانجشير أن تتبناها هي الانتظار واستغلال أخطاء طالبان.

واضاف "تحتاج المقاومة أن تنتظر الوقت المناسب لتظهر فيه على الساحة، ولكنها لا تفعل ذلك".

وقال سوين إن "مسعود لديه احتمال لكسب بعض الدعم الدولي لو استمرت المقاومة فترة طويلة، لكن دعم روسيا مصيري لاستمرار المقاومة، وفي الوقت الحالي يبدو أن روسيا لديها النية في دعم أفغانستان مستقرة تحت حكم طالبان".

المواجهة مستبعدة

ويقول سوين إن كل من طالبان ومسعود يفضلان الوصول الى اتفاق عن خيار المواجهة العسكرية.

وقد حرصت طالبان على إبراز تسامحها مع خصوم سابقين عقب استعادة الحكم في أفغانستان.

من جانبه، دعا مسعود في حوار مع رويترز إلى تشكيل حكومة شاملة ذات قاعدة عريضة في كابول تضم كل الطوائف العرقية في أفغانستان.

ويعتقد سوين أن المواجهة مستبعدة أيضا في ظل تدخل روسيا للوصول إلى اتفاق بين مسعود وطالبان التي تقول إنها تتفاوض مع مقاتلي بانجشير لتجنب إراقة الدماء.

وقال الأستاذ الجامعي "ساعدت روسيا التحالف الشمالي أن ينجو في التسعينات، وحافظت على علاقتها الجيدة بوادي بانجشير".

واضاف "تظهر طالبان كل علامات الدعم للوصول إلى اتفاق عن طريق المفاوضات، وهو ما يساعدها في إبراز صورتها كمجموعة وطنية معتدلة وصلت إلى السلطة من خلال الدعم الشعبي وليس من خلال استخدام القوة".  

وأكدت دي سوزا، الباحثة في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، نفس الشيء، إلا إنها تظن أن مسعود قد يدفع حركة طالبان لشن هجوم عنيف على مقاتليه من أجل "جذب انتباه المجتمع الدولي"، مؤكدة أن طالبان ستقاوم الانجراف لهذا الطريق للحفاظ على صورتها.

وقالت "لكن لو فشلت المفاوضات، سيفعلون (طالبان) ما هم معروفين به، وسيلقون باللوم على الكوادر الغير شريفة.. لن تقبل طالبان باي شيء الا الاستسلام التام. كل ما سيكونوا راغبين في تقديمه هو مخرج آمن لقيادة المقاومة". 

(إعداد: شريف طارق، ويعمل شريف مع أهرام اونلاين وافريكا ربورت، وهو أيضا رئيس تحرير نشرة دلتا دايجست، وقد عمل سابقا في مؤسسات إعلامية أخرى من بينها لوس أنجلوس تايمز)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com) 

© ZAWYA 2021

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام