برج الميز تاور، دبي

نوفمبر/تشرين الثاني 2017

يُعتبر إنشاء مستشفى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أو الاستثمار في مرفق طبي قائم بالفعل، أمرًا له أهمية كبيرة بالنسبة للمستثمرين على مستوى العالم.

هذا وتصلنا المعلومات عن الاستثمارات الجديدة في قطاع الرعاية الصحية بشكل شبه مُنتظم من خلال البيانات الصحفية، والتبادل العام للتحديثات بين أعضاء مجتمع الأعمال.

في العام الماضي، أعلنت مجموعة "إن إم سي" عن استحواذها على مستشفى "الزهراء" في الشارقة بقيمة 2,6 مليار درهم إماراتي؛ وتمتلك شركة أمانات القابضة (ش.م.ع) عددًا من أصول الرعاية الصحية بموجب محفظتها الاستثمارية التي تستمر في النمو. وقد افتتحت مجموعة "أستر دي إم" للرعاية الصحية مستشفى جديدًا مؤخرًا، كما أضافت تخصصات وخدمات جديدة ضمن مرافقها القائمة، وزادت من سِعة أسِرّتِها، فضلًا عن تطوير تِقنياتها التشخيصية.

وعلى الرغم من أن المستشفيات تتطلب عمالة مؤهلة تأهيلًا عاليًا لكي تكون قادرة على توسيع عملياتها، فإن زيادة عدد السكان والأشخاص الذين بلغوا سن الشيخوخة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ستؤدي حتمًا إلى زيادة في استخدام الخدمات الطبية، ولا سيمّا المرافق الطبية من قِبَل المرضى داخل وخارج المستشفى.

وفيما يتعلق بالاستثمار في مجال المستشفيات عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يجب على المستثمرين الاطلاع جيدًا على المتطلبات والقيود التنظيمية الخاصة بكل بلد.

وتستكشف هذه المقالة بعض المتطلبات والقيود الأساسية المفروضة بموجب القانون المحلي ذي الصلة فيما يتعلق بتشغيل المستشفيات في كل من البحرين، ومصر، والعراق، والأردن، والكويت، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.

الهيئات التنظيمية

يُعد أهم جانب من جوانب عملية ترخيص المستشفيات هو تأمين الترخيص التنظيمي للرعاية الصحية الخاص بها؛ ففي معظم دول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعتبر وزارة الصحة هي الجهة المسؤولة عن تنظيم قطاع الرعاية الصحية، ومن ثَمّ الإشراف على ترخيص وتشغيل المستشفيات. ومع ذلك، ففي دولة الإمارات العربية المتحدة، وعلى الرغم من أن وزارة الصحة هي المعنية بترخيص المستشفيات في بعض الإمارات، فإن هيئة الصحة بدُبي تؤدي هذا الدور في إمارة دبي، كما تؤدي دائرة الصحة في إمارة أبوظبي هذا الدور في أبوظبي.

المُسجّلون التِجاريّون

هناك اختلافات إقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فيما يتعلق بالتسجيل التِجاري. ففي حين أن المستشفيات في مملكة البحرين مُسجّلة في وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، تم اسناد هذا الدور في مصر إلى مكتب السِجل التِجاري. أمَّا في الكويت فإن وزارة التجارة والصناعة هي التي تتولى مسؤولية التسجيل التِجاري للمستشفيات.

تقييد المِلكيّة المَحليّة

كما هو الحال مع مُعظم القرارات الأخرى حول إقامة الأعمال التِجارية، أو الحصول على حِصة في الأعمال التِجارية القائمة في قطاع الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي، يتعين على الأطراف أن تُولي اهتمامًا لقيود الملكية المحلية، والتي قد ترتبط بالحصص/الأسهم في الكيان التشغيلي بالمستشفى، فضلًا عن الأصول التي يتعين أن تَملكها المستشفى (على سبيل المثال، العقارات).

ففي مصر، على سبيل المثال، يمكن لأي مواطن أجنبي امتلاك أسهم في مستشفى، باستثناء بعض المناطق الجغرافية (مثل سيناء) حيث يتم تطبيق قيود على الاستثمار الأجنبي.

من جهة أخرى، وبموجب قانون دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، يجب أن تكون على الأقل نسبة 51% من الكيان الذي يُشَغّل المستشفى مملوكة من قِبَل مُساهمين محليين.

أما في المملكة العربية السعودية، فقبل أن يستحوذ طرف غير سعودي على أسهم في تشغيل مستشفى، يتعين على هذا الطرف الحصول على ترخيص من الهيئة العامة للاستثمار بالمملكة.

وأخيرًا، في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، هناك أيضًا بعض المتطلبات الخاصة بالجنسية فيما يتعلق بموظفي المُنشأة الطبية من أطقم الموظفين أو رؤساء الأقسام أو المديرين؛ وينبغي النظر في هذا الأمر في كل بلدٍ على حِدة، نظرًا لوجود اختلافات بين المتطلبات القانونية المحلية في هذا الشأن.

متطلبات الترخيص

تُعتبر متطلبات الترخيص التي يتم تطبيقها على مُقدمي طلبات ترخيص المستشفيات متوافقة بشكلٍ عام في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي. ومع ذلك، ينبغي تَوخّي الحذر، والتحقق من المتطلبات الخاصة بكل بلدٍ على حِدة.

على سبيل المثال، في سلطنة عُمان، سيُطلَب من كيان المستشفى أن يكون رأسماله لا يقل عن 150,000 ريال عماني (390,000 دولار أمريكي).

وفي دولة قطر، ستقوم السُلطات بإجراء تقييم أولي لمباني ومرافق المستشفى، بينما في المملكة العربية السعودية سيحتاج موقع المستشفى إلى الموافقة من قِبَل جهاز الدفاع المدني ومكتب البلدية المحلي ذي الصلة.

اعتبارات عملية

على الرغم من أن المتطلبات القانونية قد تبدو قياسية بعدد من الطرق، فمن الأهمية بمكان أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الإجراءات العملية التي قد تنشأ في إطار عملية تأسيس المستشفى أو عملية الاستحواذ، وهي الإجراءات التي ربما لم يتم تناولها صراحة بموجب القانون المحلي.

على سبيل المثال دعونا ننظر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. فعلى الرغم من أنه في ولايات قضائية أخرى، يوجد تَوقّع مُشترك بأن الترخيص يَصدر باسم الكِيان الذي تَقدّم بطلبٍ للحصول على الترخيص وحصل عليه، فإنه في الإمارات العربية المتحدة تُصدِر السلطات الصحية الترخيص الصحي أحيانًا باسم المُساهمين المحليّين في الكيان المعني، (أي المساهم أو المساهمين المباشرين أو غير المباشرين في كيانٍ مُعيّن)، أو إدراج المساهمين على أنهم "المالك" للترخيص المعني، وذلك بدلًا من الإشارة إلى الجهة المُحدّدة نفسها بصفتها حامل الترخيص، أو الإشارة إلى كافة مساهميها بصفتهم حاملي التراخيص.

وبعبارة أخرى، فإنه في مثل هذه الحالة، يتم بموجب ترخيص الصحة إدراج المساهم المحلي (المباشر أو غير المباشر) باعتباره "المالك" صاحب الترخيص.

خاتمة

عند التخطيط لإنشاء مؤسسة طبية أو الاستحواذ على حصص معينة أو أصول في مستشفى، من الأهمية أن يتم التَحقق من قيود الملكية من أجل الامتثال مع المتطلبات المحلية.

وكمتطلبات وشروط قانونية معينة، على سبيل المثال، فإن مستوى الاستثمار الأجنبي أو ملكية قطعة الأرض التي بُني عليها المستشفى، يُمكن أن يختلف من دولة إلى أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن المهم إجراء تقييم دقيق للخيارات التي قد تكون متاحة لنشاطك التِجاري، على الرغم من أن هناك في البداية العديد من التحديات المتعلقة بالبناء والترخيص.

وقد يبدو الإطار القانوني مُقيدًا؛ ومع ذلك، هناك العديد من الخيارات المتاحة التي تُلبي أهداف الأعمال التِجارية وتُلبي كذلك المُتطلبات القانونية.

سامر قودح - s.qudah@tamimi.com - إيزابيلا سادكوسكا - i.szadkowska@tamimi.com - 

© Al Tamimi & Company 2018