من إيهاب فاروق

القاهرة 23 يوليو تموز (رويترز) - لم يذق مساهمو شركة القلعة المالية طعم الراحة منذ قيدها في بورصة مصر عام 2009 وحتى الآن.. فما بين صدامات مع الهيئة العامة للرقابة المالية وخسائر متكررة وتراكم للديون، يقف المساهمون في حيرة من السهم معلقين آمالهم على بدء تشغيل مصفاة نفط عملاقة تابعة للقلعة.

قفز سهم القلعة، وهي واحدة من أكبر شركات الاستثمار في مصر، بنحو 187 بالمئة منذ مارس آذار الماضي وحتى يوليو تموز ليصل إلى نحو أربعة جنيهات قبل أن ينخفض أمس الأحد إلى 3.58 جنيه (نحو 20 سنتا)، في حين تراجع المؤشر الرئيسي للسوق نحو واحد بالمئة في الفترة نفسها.

وبعد القفزة التي سجلها السهم، طالبت الرقابة المالية إدارة الشركة بإجراء تقييم للسعر العادل لسهمها من خلال مستشار مالي مستقل، وأعطتها مهلة محددة جرى تمديدها مرتين لاحقا بناء على طلب من القلعة، إلى أن قدمت الشركة التقرير أخيرا منذ نحو عشرة أيام بسعر عادل للسهم عند 6.34 جنيه.

غير أن الرقابة المالية أوقفت تداول السهم حينها، وقالت إن طريقة حساب التقييم الخاص بشركة المصرية للتكرير التابعة للقلعة ضمن تقرير القيمة العادلة للقلعة لا يتوافق مع المعايير المصرية في التقييم المالي للمنشآت، وإنه في حالة استبعاد هذا التقييم ستنخفض القيمة العادلة للسهم إلى 3.21 جنيه، وفقا لما ورد من المستشار المالي المستقل وليس الرقابة المالية لأنها ليست جهة تقييم.

وتمثل المصرية للتكرير ضوء الأمل الذي تتشبث به الشركة ومساهموها لانتشالها من التعثر والديون المتراكمة وخسائرها المتتالية منذ قيدها بالبورصة.

وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار فاروس "المصفاة (شركة المصرية للتكرير) هي بداية الأمل لشركة القلعة للتحول إلى الربحية ومواجهة تحديات الديون المتراكمة بجانب بيع أصول غير رئيسية".

وبلغت ديون شركة القلعة 10.6 مليار جنيه بنهاية مارس آذار مقابل 9.8 مليار جنيه في ديسمبر كانون الأول 2017، فيما بلغت ديون شركة المصرية للتكرير 38.95 مليار جنيه بنهاية ديسمبر كانون الأول الماضي.

وتعكف القلعة منذ أكثر من عامين على إعادة هيكلتها والتخارج من الاستثمارات غير الرئيسية وتخفيض مديونية الشركات التابعة في محاولة لتقليص خسائرها.

وقالت السويفي "فاروس قدرت القيمة العادلة لسهم القلعة عند مستوى ثلاثة جنيهات للسهم... مستهدف 6.30 جنيه للسهم (محل الصدام مع الرقابة المالية) غير واقعي، قد يتحقق ولكن بعد 18-24 شهرا وفقا لتطورات التشغيل في المصفاة أو تخفيض الديون.. لا بد أن نفهم أن أي قيمة عادلة مدتها 12 شهرا فقط".

ولم يبدأ حتى الآن تشغيل مصفاة النفط، التي تبلغ تكلفتها 4.3 مليار دولار وتمتلك القلعة نحو 20 بالمئة من أسهمها، رغم الإعلان أكثر من مرة عن قرب موعد التشغيل الذي يتم تأجيله باستمرار منذ نهاية 2015 على أمل أن يتم الافتتاح نهاية هذا العام أو في بداية 2019.

وامتنعت القلعة عن التعليق حين اتصلت بها رويترز، قائلة إنها تكتفي بالبيانات الصادرة عن الشركة، في حين لم يتسن الاتصال بهيئة الرقابة المالية.

وتفاقمت خسائر القلعة المجمعة بعد خصم حقوق الأقلية 14 بالمئة في 2017 إلى 4.714 مليار جنيه، مقارنة مع خسارة قدرها 4.141 مليار جنيه في 2016.

ولم ينس مساهمو شركة القلعة، التي زادت رأسمالها أكثر من مرة منذ قيدها بالسوق، أن سهمهم كان يتداول بسعر يتجاوز 14 جنيها وقت الإدراج قبل أن ينخفض إلى نحو خمسة جنيهات، القيمة الاسمية لسهم الشركة، في أبريل نيسان 2011 وإلى نحو 0.66 جنيه في أكتوبر تشرين الأول 2016.

ويقول إبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الأوراق المالية "السهم نجح في تحقيق أكثر من مستهدف في رحلة صعوده مثل مستويات 2.55-3.75 جنيه ومازال أمامه مستهدف 4.70 جنيه على المدى المتوسط.

"من الصعب استكمال رحلة الصعود بدون حركة تصحيحية وسط ضجة التقييم الأخيرة ليصل إلى مستوى 3.10 جنيه قبل أن يعاود الصعود من جديد".

ولم يكن صدام شركة القلعة مع الرقابة المالية هو الأول، فقد سبقه صدام آخر في 2012 حينما كانت الشركة تحاول زيادة رأسمالها بنحو 100 بالمئة وطالبتها الهيئة آنذاك بخطتها المستقبلية لاستثمار مبلغ الزيادة لكن الشركة لم تنجح في إجراءات زيادة رأس المال إلا بعد رحيل رئيس الرقابة المالية حينها أشرف الشرقاوي وتعيين شريف سامي رئيسا للرقابة في 2013.

ويرى محمد جاب الله من بايونيرز لتداول الأوراق المالية أن السهم يستهدف فنيا "مستوى خمسة جنيهات على المدى المتوسط والبعيد... الذبذبة المرتفعة حاليا في أداء السهم ترجع إلى الأحداث المسيطرة عليه والصدام مع الرقابة المالية".

وقد يكون الخاسر الأول في صدام الشركة مع الرقابة المالية هو المستثمر وسوق المال بشكل عام، وهو ما تجلى أمس في نزول سهم الشركة بالحد الأقصى البالغ عشرة بالمئة خلال الجلسة قبل أن يلملم بعض جراحه ويغلق منخفضا 4.8 بالمئة. أما السوق فكانت خسارتها في ثقة المستثمر، إذ وصلت قيم التداول بالجلسة إلى ما دون 400 مليون جنيه بعد أن كانت تتجاوز المليار جنيه في جلسات سابقة هذا العام.

ولم يفت على الرقابة المالية حين أصدرت بيانا في نهاية الأسبوع الماضي أن تطالب المستثمرين "بضرورة توخي الحرص ومراعاة الدقة عند اتخاذ القرار الاستثماري".

(الدولار= 17.95 جنيه مصري)

(تحرير عبد المنعم درار - هاتف 0020223948031) ((ehab.farouk@thomsonreuters.com;))