وكما وعدنا في المقال السابق فإننا نستعرض هنا بعض الحلول الممكنة لتقليل الغذاء المفقود والمهدور، وقد تضمن المقال السابق أيضا تعريف المفقود والمهدور من الغذاء والفرق بينهما. 

قدمت دراسة شاركت فيها العام الماضي وكان عنوانها: أزمة فقد الغذاء التي يمكن تجنبها، 14 حل لتقليل أو منع حدوث هذا الفقد وجاءت الحلول المقترحة كالآتي: 

-  قياس، تقييم وتوثيق كميات الغذاء المفقودة والمهدرة في أماكن حدوثها كخطوة أولى.

-  تحديد أهداف محددة لتقليل كميات الغذاء المفقودة والمهدرة. 

-  إشراك العاملين في كل منشأة في التعرف على المشكلة وإمكانية حلها.

-  تحسين وسائل التنبؤ بطلبات السوق ومتغيراته. 

-  تحديد كمية الهدر أو الفقد التي لا يجب على المطاعم أو الفنادق تخطيها.

-  تحسين معلومات وممارسات تواريخ صلاحية الأغذية.

-  ضمان توفر العمالة المؤقتة في الأوقات المناسبة وبأسعار معقولة، والتي يؤدي غيابها الى فقد وهدر الغذاء بسبب التلف.

-  تبسيط التنوع الهائل من المنتج الواحد مثل احجام العبوات المختلفة لنفس المنتج.

-  توافر المنتجات في أماكن البيع بالتجزئة والفنادق والمطاعم والمؤسسات وإعادة التوزيع بشكل أسهل وأسرع حتى لا تفقد خلال وقت النقل. 

-  إعادة صياغة طرق التعبئة والتغليف لجعلهم أكثر حفظا للطعام.

-  زيادة الوعي العام بالسلوكيات الغذائية.

-  زيادة التبرع بالأغذية الصالحة للأكل.  

-  تحسين إدارة فقد الأغذية وهدرها.  

  وأخيرا، دمج التكلفة لإنتاج الغذاء وهدره في صنع القرار. 

وبالتفصيل.. 

حيث ان المساحة هنا لا تتسع لشرح وتوضيح كيفية تطبيق الحلول الأربعة عشر كلها، فسوف أقوم هنا بشرح حلين أراهما الأسهل والأسرع في التطبيق، وهما: تحسين معلومات وممارسات تواريخ صلاحية الأغذية وزيادة الوعي العام بالسلوكيات الغذائية. 

والحلان المذكوران يمكن تنفيذهما في عدة مراحل من مراحل سلاسل الامدادات الغذائية من التصنيع للبيع والتوزيع. 

بالنسبة لتحسين معلومات وممارسات تواريخ صلاحية الأغذية، تستطيع الشركات مراجعة السياسات الخاصة لضمان تصميم تواريخ الصلاحية بما يتفق مع المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية.  

كما يمكن للشركات ان تتعاون فيما بينها علي إنهاء استخدام عبارات "الأفضل قبل هذا التاريخ"، و"الاستخدام بحلول هذا التاريخ"، و"البيع بحلول هذا التاريخ" التي تؤدي إلى فقد الأغذية وهدرها و هو الأمر الذي يمكن تجنبه.  

وللحصول على أفضل التواريخ للاستهلاك في حالة عدم وجود آثار على سلامة الأغذية، يمكن استخدام عبارة واحدة واضحة تسمح بإدارة أفضل للمخزون وزيادة الحد الأدنى من عمر الصلاحية للمنتج الغذائي - بدون التعارض مع مبادئ الصحة العامة وكذلك مراقبة الممارسات بين الموردين.  

كما تستطيع جمعيات المحافظة على الطعام وإعادة توزيعه ومنظمات الأعمال إنشاء لغة موحدة  للتواصل مع الأطر الزمنية المقبولة لتلقي وإعادة توزيع المنتجات التي تكون قريبة من أو وصلت إلى أفضل ما لديها قبل تاريخ الاستهلاك الآمن.  

وكذلك تستطيع الحكومات ان تقوم بوضع سياسة ولوائح واضحة وعملية وقابلة للتنفيذ بشأن تواريخ الصلاحية والجودة. 

رفع الوعي  

اما بالنسبة لرفع مستوى الوعي العام بالسلوكيات الغذائية، ففي مراحل التصنيع والبيع للمستهلك تستطيع الشركات ان تصمم وتبعث برسائل للمستهلكين لتعليمهم و حثهم على الحد من فقد الطعام وهدره في المنزل . 

وكذلك إعادة تصميم حجم العبوات الغذائية للمساعدة في تقليل هدر الطعام.  

كم يمكن للشركات ان تتعاون فيما بينها لتحسين حجم العبوة، والملصقات التي توفر إرشادات التخزين والتجميد، والتقسيم والمساعدة في استخدام بقايا الطعام. 

وكذلك تستطيع ان تنضم جمعيات الطعام والمؤسسات الخاصة والحكومات لتحديد رسالة  مشتركة وموحدة  بهذا الشأن. 

ماذا يفعل العالم في هذا الموضوع الآن؟  

لكبر حجم مشكلة فقد وهدر الغذاء العالم، وضعت هيئة الأمم المتحدة تقليل هدر الغذاء الى النصف ضمن اهداف التنمية المستدامة 2030 التي اعتمدتها ووقعت عليها اغلب دول العالم. 

 وسارعت العديد من دول العالم تبنى سياسات وتصميم برامج لتقليل المفقود والمهدور من الغذاء.  

فقامت وكالة حماية البيئة  الحكومية بالولايات المتحدة الامريكية بتبني سياسة تهدف لتقليل المهدور من  الغذاء بنسبة 50% خلال 15عام.

و في كندا اعتمدت وزارة الزراعة الفيدرالية عدة برامج تهدف الى تقليل المفقود و المهدور من الغذاء خلال عمليات التصنيع و البيع و الاستهلاك. وأصدرت فرنسا قانون يلزم سلاسل السوبر ماركت بالتبرع بالفائض من المواد الغذائية الى الجمعيات الخيرية و بنوك الطعام. 

وفي العديد من دول العالم قامت منظمات المجتمع المدني بمبادرات لإعادة تدوير الطعام والتقليل من هدره. وكذلك اختارت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) يوم التاسع والعشرين من سبتمبر ليكون اليوم العالمي لنشر الوعي بمشكلة فقد وهدر الطعام 

قد يسأل البعض لماذا نتطرق لموضوع فقد الطعام الآن والعالم يعاني من وباء أصاب به حتى الآن ما يقارب من 10% من سكان الأرض، الإجابة مكانها عندنا في منطقتنا العربية. 

احدى الفوائد الهامة لتقليل المفقود و المهدور من الغذاء هي المساهمة في زيادة المتاح من الغذاء في مجتمع ما و بالتالي زيادة نسبة الأمن الغذائي لهذا المجتمع وبنظرة سريعة الى حجم المفقود والمهدور من الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا - التي تضم جميع بلادنا العربية - والذى يعادل 250 كيلو جرام من الغذاء لكل شخص في السنة، أو ما يعادل 60 مليار دولار أمريكي سنويًا. 

 نجد ان: 

 ال85 الف طفل تحت سن الخامسة التي تذكر التقارير الدولية موتهم بسبب الجوع الشديد في اليمن ما بين عامي 2015 و 2018 كان يكفى  لإنقاذ حياتهم ما تفقده وتهدره المنطقة من الغذاء في اقل من أسبوع. 

فهل هذا سبب كافي للحديث عن فقد الغذاء في زمن كورونا؟  

لقراءة مقالات سابقة لعبد السميع

كورونا وأثارها المتوقعة على الصناعات الدوائية والطبية

كورونا ستغير قواعد سياسات الغذاء والزراعة

المياه والدول العربية.. ماذا تقول لنا الأرقام والتجارب الحديثة؟

*تم التواصل مع عبد السميع عبر موقع WriteCaliber
(تحرير ياسمين صالح، للتواصل yasmine.saleh@refinitiv.com)

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.