26 09 2018

رجحت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، تسارع النمو في جميع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وعزت المنظمة، في تقرير رئيسي لها سيصدر اليوم الأربعاء، هذا النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى الزيادة في أسعار النفط وما سيترتب عنها من أثر إيجابي على إيرادات الميزانية ونفقاتها.

وقالت "أونكتاد" وهي الذراع الاقتصادية للأمم المتحدة من مقرها في جنيف، إنه "بشكل عام، فإن تسارع النمو في دول مجلس التعاون سيكون لذلك آثار إيجابية على البلدان الأخرى في المنطقة من خلال زيادة التدفقات التجارية والتحويلات المالية وتدفقات رأس المال.

أما في تركيا، فأضافت المنظمة في تقريرها "الاتجاهات الراهنة والتحديات في الاقتصاد العالمي" أنه "من المرجح أن يتباطأ النمو"، وقالت إن قيمة الليرة التركية انخفضت بأكثر من الثلث خلال السنة المنتهية في منتصف حزيران (يونيو) 2018، حيث بدأ المستثمرون الأجانب في سحب رؤوس الأموال من البلد.

وتركيا، مثل الأرجنتين، تصور المخاطر بأنها مرتبطة بحساب رأس المال المفتوح.

وقد استجابت الحكومة والمصرف المركزي بزيادة أسعار الفائدة بصورة متكررة، التي لامست 17.8 في المائة في حزيران (يونيو) 2018، وهي أعلى نسبة منذ الأزمة المالية قبل عقد من الزمن.
 
مع ذلك، استمر الانخفاض في قوة العملة الشرائية، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة".

وقالت "أونكتاد" أن شركات القطاع الخاص التركية التي ذكر أنها مثقلة بما يقارب 340 مليار دولار من ديون العملات الأجنبية في منتصف 2018، قد تعرضت لإصابات شديدة من التباطؤ الحاد في الليرة، ما يهدد بوقوع حالات إفلاس، وتباطؤ الاستثمار والنمو. 

ومن المرجح أيضا أن تتراجع الاستثمارات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة عقب ارتفاعات وصلت إلى 500 نقطة أساس على مدى فترة قصيرة تقل عن شهرين.

وفيما يتعلق بإيران، رجحت "أونكتاد" أن يفرض قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات تأثيرات سلبية حادة على الأداء الاقتصادي، "لأن البلد هو مجرد رجل عجوز غير قادر على الانتقال إلى النمو المطرد بعد أن عانى سنوات عديدة من العقوبات"، حسب تعبير المنظمة.

وقالت "أونكتاد" إنه "من المرجح أن يتحول مستوردو النفط من إيران إلى مصادر أخرى، مما يؤثر في الإيرادات وتوافر العملات الأجنبية.
 
وقالت المنظمة أن العقوبات المفروضة على قطاع الطاقة الإيراني خفضت صادرات البلاد من النفط بمقدار النصف إلى نحو 1.1 مليون برميل في اليوم. 

بعد تخفيف العقوبات، تصدر إيران حاليا نحو 5.2 برميل يوميا، لكن هذا الرقم في صادرات النفط قد يتجه نحو الهبوط الحاد، ومن المرجح أيضا أن تنخفض الواردات إلى إيران. 

وتضيف "أونكتاد" أنه في الوقت نفسه، شهد عدم اليقين في الأوضاع الراهنة في البلاد انخفاض قيمة الريال.
 
وعلى الرغم من أن السعر الرسمي يبلغ نحو 42 ألف ريال للدولار الواحد، إلا أن معدل سعر السوق السوداء كان يحكم بأكثر من ضعف هذا السعر في نهاية حزيران (يونيو) 2018.

وعن رؤية "أونكتاد" حول ارتفاع أسعار النفط، قالت إنه منذ منتصف أيار (مايو) 2018 كان سعر خام برنت يحوم بالقرب من 80 دولارا للبرميل الواحد.
 
وهو ما يمثل ارتفاعا قدره 47 دولارا للبرميل (أو 64 في المائة) مقارنة بالانخفاض السابق المسجل في حزيران (يونيو) 2017. 

وتقول "أونكتاد" أنه من المرجح أن التدابير ذات الطابع الجغرافي ـ السياسي (مثل قرار الولايات المتحدة الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات) أدت إلى تفاقم النقص في إمدادات النفط، وأثرت بالنتيجة على التوقعات وكانت النتيجة الصافية ارتفاعا حادا في أسعار النفط العالمية. 

وبقدر ما تسهم فيه هذه الزيادة في التضخم العام، فإن المبررات التي تقدمها المصارف المركزية للتخلص من سياساتها النقدية السهلة سيتم تفعيلها ومن المرجح أن تليها زيادات في الأسعار. ولكن يمكن أن يكون لهذه الخطوة آثار غير مقصودة تلغي الانتعاش الناشئ.

وفي إشارات التقطتها "أونكتاد" من أرقام التجارة العالمية، قالت المنظمة أن تجارة البضائع في العالم ارتفعت أخيرا لكنها لا تزال أقل من المستويات الأخيرة. 

وبلغت صادرات السلع العالمية 17 تريليون دولار في 2017، وهو رقم أعلى من الرقم القياسي العالمي المسجل في السنة السابقة البالغ 16 تريليون دولار، لكنه يقل عن مستوى الـ 19 تريليونا المسجل في 2013 و2014، وكان ذلك يعكس جزئيا انخفاض أسعار السلع الأساسية مقارنة بالارتفاعات التي سجلتها في الفترة التي سبقت عام 2014.

كما أظهرت التجارة المقيسة من حيث الحجم علامات على فقدان الزخم. في 2017، زاد حجم التجارة العالمية للبضائع بنسبة 4.6 في المائة، بعد أن كان 1.5 في المائة في 2016. 

مع ذلك، تقدر "أونكتاد" أن التجارة ستنمو بنسبة 4.2 في المائة في 2018. وعليه، ففي حين أن نمو تجارة البضائع قد توقف عن الانخفاض في مرحلة ما بعد الأزمة، فإن الانتعاش، حتى قبل الارتفاع الأخير في التوترات التجارية، يظهر بوادر تناقص. 

وثانيا، قادت آسيا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الجدول من حيث نمو حجم الواردات، حيث كانت آسيا (نمو 8.8 في المائة) متقدمة بشكل جيد على كل من أمريكا اللاتينية (6.2 في المائة) والولايات المتحدة (4 في المائة). 

ونمت واردات منطقة اليورو أبطأ بكثير من معدل 3.1 في المائة. 

ووفقا لمنظمة التجارة العالمية، ساهمت آسيا بـ 2.9 نقطة مئوية في نمو الواردات في العالم، أو 60 في المائة من مجمل الزيادة.

غير أن الأدلة المتعلقة بالأشهر الأربعة الأولى من 2018 توحي بأن الطلب على الواردات من بعض أقطاب النمو عقب الأزمة في الاقتصاد العالمي، يتباطأ بعد ما بدا أنه انتعاش.
 
وبالنسبة للعالم ككل، بلغت معدلات النمو السنوي لحجم الواردات خلال الأشهر الأربعة الأولى من 2018 بحدود 4.7 في المائة مقارنة بـ 4.8 في المائة في الفترة المناظرة من السنة السابقة.

لكن نمو الواردات انخفض من 6.9 في المائة إلى 5.9 في المائة في الاقتصادات الناشئة. 

الصين، بدورها، قادت تراجع آسيا جزئيا كمصدر للطلب. إضافة إلى ما تشهده حاليا من تباطؤ في نمو الإنتاج، فإن الصين تشارك في الوقت نفسه في محاولة لإعادة التوازن في النمو بعيدا عن الاستثمار إلى الاستهلاك. 

وساهم الاستثمار، الذي استأثر بنسبة 55 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2013، بنسبة 32 في المائة فقط في 2017، ما أدى إلى انخفاض في واردات السلع الرأسمالية التي ربما لم تعوض عن طريق استيرادات إضافية من السلع الاستهلاكية.

نظرا لهذا التطور، فإن استمرار وجود الولايات المتحدة كمساهم في النمو في الطلب العالمي هو أكثر أهمية لازدهار التجارة العالمية.

وهذا ما يجعل تهديد إدارة الولايات المتحدة بزيادة الحواجز الحمائية الواسعة النطاق أكثر ضررا بالنمو في بقية دول العالم، كما يأتي هذا التهديد في الوقت الذي يكون فيه الطلب العالمي مهزوما بالفعل.
 
وفي حين أن دور آسيا كقطب للنمو قد تضاءل، فإن مساهمة الولايات المتحدة غير مؤكدة على نحو متزايد.

© الاقتصادية 2018