المصدر: جريدة الاقتصادية السعودية 

 منذ إطلاق "رؤية السعودية 2030"، يجري العمل على قدم وساق في تنمية الصناعات المحلية خاصة صناعة الطاقة المتجددة والصناعات العسكرية الوطنية والتعدين، وتطوير الخدمات اللوجيستية لتصبح منصة صناعية لوجيستية تربط القارات الثلاث: آسيا، إفريقيا، أوروبا.


وحددت النشرة الخاصة ببرامج "رؤية 2030" أهداف كل برنامج، ومن بينها الصناعة الوطنية الذي حصرت له تسعة أهداف، أبرزها تطوير الصناعة المرتبطة بالنفط والغاز، الصناعة العسكرية وصناعات أخرى كالكيماويات.


ولم تقتصر "رؤية المملكة" على الصناعة المحلية بل تستهدف تصدير المنتجات إلى الخارج سعيا لتنويع مصادر الدخل وزيادة القوى الاقتصادية السعودية إقليميا وعالميا عبر الصفقات التصديرية الداعمة للاقتصاد السعودي.


ورصدت "الاقتصادية" عددا من مؤشرات التطور الصناعي في المملكة الذي لم يأت وليد الصدفة، فقد كان نتاج سياسات وبرامج واستراتيجيات عملت عليها مختلف مؤسسات الدولة المعنية، وبإسهام من القطاع الخاص الذي خاض مغامرات الاستثمار الصناعي.


وكشفت لـ"الاقتصادية" الهيئة العامة للجمارك على لسان متحدثها الرسمي عيسى العيسى، عن بلوغ قيمة صادرات الصناعات السعودية غير النفطية، أكثر من 98 مليار ريال خلال النصف الأول من العام الميلادي الحالي، إذ بلغت أوزانها نحو 30.1 مليون طن.


ورغم ضخامة قيمة صادرات الصناعات السعودية، بيد أن 10 صادرات غير نفطية منها تشكل 84 في المائة من القيمة الكلية بقيمة 82.4 مليار ريال، بوزن يبلغ 24.08 مليون طن مشكلا 80 في المائة من الوزن الكلي للصادرات غير النفطية.


وشهد القطاع الصناعي في المملكة تطوراً مطّرداً حقق خلاله عديدا من الإنجازات، ويرجع ذلك إلى الاهتمام والدعم الذي يجده هذا القطاع من الدولة، وذلك نظرا للدور الذي يقوم به في تحقيق الأهداف الاستراتيجية والاقتصادية للمملكة.


واشتملت جهود الدولة في دعم التنمية الصناعية على عدة محاور أساسية، كان من ضمنها توفير البنية التحتية اللازمة وإنشاء مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، وإنشاء المدن الصناعية بمختلف مناطق المملكة إلى جانب إنشاء صندوق التنمية الصناعية السعودي، إضافة إلى تقديم عدد من الحوافز الصناعية الأخرى. وكان لتجاوب وتعاون القطاع الخاص مع الخطط والجهود الحكومية الأثر الفاعل في تحقيق إنجازات التنمية الصناعية.

فرص واعدة
وبداية من اللجنة الوطنية معقل الصناعيين، إذ قال رئيسها المهندس سعد المعجل، إن فرصة النمو الصناعي في المملكة بلا شك تعتبر فرصة واعدة، ويعزز ذلك سعي القيادة لتنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد الكلي على البترول ومشتقاته، حيث إن تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية تعتبر من أهم أهداف "رؤية المملكة الواعدة 2030"


واستدرك المعجل في حديثه لـ"الاقتصادية" أن هناك معوقات كثيرة تواجه القطاع الصناعي، لعل أبرزها ضعف البنية التحتية للمصانع، وندرة الموردين للمواد الأولية المستخدمة للصناعة والتنافسية، خاصة مع الدول الصناعية المتقدمة من حيث الجودة والأسعار المنافسة، وقلة المراكز البحثية وهي عنصر رئيس في تطوير المنتجات المحلية.


وأكد المعجل، أن المساحات الشاسعة من الأراضي ودعم الحكومة السخي تجاه التطور الصناعي بكل إشكاله ووجود البترول والمعادن بوفرة، وكذلك شبكات الطرق، والموانئ التي تسهم في تعزيز عمليات التصدير، إضافة إلى عديد من المزايا الأخرى التي يمكن استثمارها في زيادة تنافسية الصناعة السعودية.


وبين أن صناعة الطاقة البديلة تتصدر باقي الصناعات التي يجب التركيز عليها خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن بيئة المملكة خصبة لهذه الصناعة وغيرها من الصناعات من حيث المناخ والتضاريس، يليها الصناعات العسكرية التي ستوفر كثيرا من المال وتعزز الاكتفاء الذاتي وصناعة الأدوية التي تعتبر من أهم الصناعات في العالم ذات فوائد مالية ضخمة ويأتي بعد ذلك السلع الاستهلاكية.

أبرز 10 صادرات


وشملت أبرز 10 صناعات غير نفطية تصدرها السعودية، لدائن ومصنوعاتها، المنتجات الكيماوية العضوية، كيماوية غير عضوية إضافة إلى مركبات عضوية أو غير عضوية من معادن ثمينة أو من معادن أتربه نادرة أو من عناصر مشعة أو من نظائر إيزوتوب، الألمنيوم ومصنوعاته، الوقود المعدني، والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها ومواد قارية وشموع معدنية.


وذلك علاوة على الحديد والصلب (فولاذ)، الأسمدة، صناعة الألبان وبيض طيور والعسل الطبيعي والمنتجات الصالحة للأكل من أصل حيواني، المنتجات الكيماوية المنوعة، الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها إضافة إلى أجهزة تسجيل وإذاعة الصوت، وأجهزة تسجيل وإذاعة الصوت والصورة في الإذاعة المرئية ( تلفزيون) وأجزاء ولوازم هذه الأجهزة.


ووفقا لمتحدث هيئة الجمارك، فإن اللدائن ومصنوعاتها قدرت قيمة صادراتها بـ36 مليار ريال بوزن 8.17 مليون طن، وفي المرتبة الثانية حلت المنتجات الكيماوية العضوية بقيمة صادرات 24.68 مليار ريال بوزن 7.3 مليون طن.


واحتلت المنتجات كيماوية غير عضوية إضافة إلى مركبات عضوية أو غير عضوية من معادن ثمينة أو من معادن أتربه نادرة أو من عناصر مشعة أو من نظائر إيزوتوب المرتبة الثالثة بقيمة بلغت 4.2 مليار ريال، واحتل الألمنيوم ومصنوعاته المرتبة الرابعة بقيمة 3.56 مليار ريال وبوزن 610 ملايين طن.


وفي المرتبة الخامسة الوقود المعدني، والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها ومواد قارية وشموع معدنية 2.9 مليار ريال بوزن 991.17 ألف طن، أما الحديد والصلب (فولاذ) سادسا بقيمة 2.8 مليار ريال ووزن 1.27 مليون طن.


والأسمدة في المرتبة السابعة بقيمة 2.2 مليار ريال ووزن 2.13 مليون طن واحتلت منتجات صناعة الألبان وبيض طيور والعسل الطبيعي والمنتجات الصالحة للأكل من أصل حيواني المرتبة الثامنة بقيمة 2.1 مليار ريال وبوزن 431.25 ألف طن.


وضمت القائمة المنتجات الكيماوية المنوعة وجاءت في المرتبة التاسعة بقيمة 1.6 بوزن 211.9 ألف طن ومن الجانب الإلكتروني احتلت المرتبة العاشرة من حيث الصادرات الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها إضافة إلى أجهزة تسجيل وإذاعة الصوت، وأجهزة تسجيل وإذاعة الصوت والصورة في الإذاعة المرئية (تلفزيون) وأجزاء ولوازم هذه الأجهزة بقيمة 1.4 وبوزن 93.9 ألف طن.

الصين تتصدر الوجهات


وتصدرت الصين الشعبية والإمارات أهم الدول التي يتم التصدير لها، ثم سنغافورة، الهند، بلجيكا، تركيا، الكويت، مصر، الأردن، ماليزيا، كوريا الجنوبية، أمريكا، البحرين، باكستان، عمان، تايلاند، تايوان، فيتنام، اليمن، إسبانيا.


وبدأ 90 مصنعاً في السعودية العمل على خطوط الإنتاج خلال الربع الأول من العام الجاري 2018، أي بمعدل مصنع يومياً، مرتفعة بنسبة 2.3 في المائة عن الفترة نفسها من العام الذي قبله الذي بلغت فيه 88 مصنعاً.


وبحسب إحصائية صناعية صادرة حديثا من وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، بلغ إجمالي عدد المصانع المنتجة في السعودية بنهاية الربع الأول من العام الجاري 7630 مصنعاً 6357 وطنيا و616 أجنبيا و657 مشتركا بلغت رؤوس أموالها 1.1 تريليون ريال وبقوة عاملة قوامها 1.04 مليون عامل.


في حين بلغ عدد المصانع تحت الإنشاء 1006 مصانع منها "868 وطنيا و76 أجنبيا و62 مشتركا" برؤوس أموال قدرها 41.9 مليار ريال وقوة عاملة بلغ عددها 60344 عاملا.


وتصدرت المصانع المنتجة في السعودية خلال الربع الأول من عام 2018 كلا من صناعة منتجات المعادن اللافلزية بـ 1652 مصنعا، تلتها صناعة المطاط واللدائن بـ997 مصنعا، ومن ثم المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات بـ952 مصنعا.


وحلت مصانع المنتجات الغذائية في المرتبة الرابعة بـ791 مصنعا، تبعتها صناعة المنتجات والمواد الكيميائية بـ725 مصنعا، جاءت بعد ذلك صناعة الفلزات القاعدية بـ378 مصنعا.


من جانبه، قال أحمد آل بن علي؛ مدير الشؤون الإدارية في شركة الشرق للصناعات البلاستيكية إحدى مجموعة تكوين المتطورة للصناعات، إنه تم إنتاج 29 ألف طن من البلاستيك للعام الماضي، 22 في المائة منه يصدر للخارج، لافتا إلى أن عدد العاملين بلغ 319 موظفا بنسبة توطين 24 في المائة لعام 2017.


وأضاف آل بن علي لـ"الاقتصادية"، أن مصدر المواد الخام من البتروكيماويات المصنعة يكون من السعودية، مضيفا أن هناك عدة عمليات تصنيع تشمل الحقن والنفخ بأنواعها، وتعتمد العمليات على تحويل المواد الأولية بولي ايثيلين / بولي بروبلين (عبر مكائن صهر وخلط إلى منتجات نهائية بأعلى المواصفات كصناديق التمر والألبان والعبوات وحاويات النفايات).


وفي قسم الأفلام يتم إنتاج مواد تغليف الدجاج والمخابز، إضافة إلى منتجات تغليف صناعية كمواد تغليف العوازل والمواد الكيميائية.


وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط تسهم بنحو ثلث الإنتاج العالمي من منتجات البلاستيك، لافتا إلى أن قطاع التصنيع يهدف لبلوغ طاقة إنتاجية في أسواق المنطقة إلى 33 مليون طن بنسبة زيادة تقدر 25 في المائة، مقارنة بالأرقام الحالية.


وتشارك أسواق منطقة الخليج العربي حاليا في 13 نوعا مختلفا من البلاستيك، ويتوقع زيادتها إلى 16 منتجا جديدا تشمل استخدامات قطاع الطيران والنقل والتغليف المنتجات الغذائية.


وأظهر قطاع الإنتاج خدمات البلاستيك والمنتجات البلاستيكية النهائية في المنطقة مستوى مرونة مرتفعا واستقرارا عاليا نسبيا في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.


ويلاحظ ازدياد الطلب على المنتجات التغليف والتعبئة البلاستيكية والمواد البلاستيكية المستخدمة في قطاعي البناء والإنشاء الذي سوف يشارك في هذا النمو.


وتعكف وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على إعداد وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للصناعة التي تعنى بدراسة القطاع الصناعي في السعودية المتوافقة مع "رؤية المملكة 2030" للمساهمة في رفع القيمة المضافة للقطاع الصناعي السعودي ودعم وتحفيز القطاع والمساهمة في زيادة الصادرات غير النفطية وذلك ضمن مبادراتها لتحقيق "رؤية المملكة 2030".


ومن المنتظر أن تسهم الاستراتيجية الوطنية للصناعة في خدمة المستثمرين الصناعيين وجذب الاستثمارات في شتى القطاعات، في الوقت الذي تعمل فيه الوزارة على متابعة كل المصانع تحت الإنشاء وبشكل دوري وتذليل كل العقبات أمام المصنعين.


وتشرف وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية على المركز الوطني للمعلومات الصناعية الذي يعد إحدى مبادرات منظومة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في برنامج التحول الوطني 2020.


ويعد المركز المصدر الدقيق والموثوق للمعلومات الصناعية في المملكة وذلك عن طريق تحقيق تكامل وترابط البيانات الصناعية في المملكة، إضافة إلى تطبيق ترميز المنتجات حسب مواصفاتها الفنية باتباع أنظمة عالمية، إلى جانب تقديم تقارير وإحصائيات عن الصناعة في المملكة، كما أن البيانات الدقيقة والشاملة تسهم في رسم السياسات الصناعية الصحيحة التي تدعم القطاع الصناعي وتسهم في تقديم رؤية شاملة لصانعي القرار.


ويعطي وجود مركز وطني للمعلومات الصناعية تصوراً واضحاً للقطاع الصناعي في المملكة، ما يزيد من ثقة المستثمر الصناعي من داخل المملكة أو خارجها، كما يزيد من فرص التكامل الصناعي في المملكة التي بدورها ستسهم في رفع نسبة المحتوى المحلي في المملكة.

© الاقتصادية 2018