شهدت الأسواق العراقية، انتشاراً كبيراً للعملات المزوّرة، ما جعل التجار والمواطنين عُرضة لتداول تلك العملة من دون دراية، أدّى في نهاية المطاف إلى تكبّدهم خسائر فادحة، ولا يمرّ يوم على أي تاجر عراقي إلا ويجد بين نقوده عملة مزوّرة، في ظل ضعف الرقابة الحكومية على العملات المتداولة في الأسواق

وأكّد صاحب مخزن لبيع الملابس بالجملة في سوق الشورجة، أكبر مركز تجاري وسط العاصمة بغداد، سامر العبيدي، أنّه يكتشف يومياً دخول ما لا يقلّ عن 300 دولار أميركي من العملة المزوّرة إلى إيرادات المخزن، مشيراً إلى صعوبة اكتشاف العملات المزوّرة حينها؛ بسبب التعامل بمبالغ مالية كبيرة، ومضيفًا انه لا توجد رقابة من قبل المؤسّسات الحكومية على الاقتصاد، إضافة إلى العصابات التي تسرّب تلك العملات المزوّرة بكميات كبيرة إلى الأسواق، مشيراً إلى أنه يقوم بإتلاف ما يقع تحت يديه من المال المزوّر كي لا يصل إلى الفقراء.

وأدّى التراجع الأمني وغياب الاستقرار، فضلاً عن الفساد المستشري في جميع مفاصل المؤسّسات الحكومية، إلى تفاقم عمليات التزوير، ما دفع بعض التجار إلى الاعتماد على أجهزة كشف العملات المزوّرة ذات المنشأ الصيني من أجل الحدّ من الخسائر التي تكبّدوها من جراء هذه الظاهرة، و"جهاز العملة" هو عبارة عن صندوق مربّع يحتوي على إضاءة زرقاء اللون تكشف العلامة أو الخط الموجود في العملة.

ويقول قاسم المعموي، أحد تجّار الجملة في منطقة جميلة، مركز تجاري رئيسي في بغداد لبيع الخضراوات والفواكه: 'للحد من الخسارة التي لحقت بعملي جراء انتشار العملات المزوّرة اشتريت جهازاً خاصاً لكشف التزوير الحاصل في العملات الأجنبية أو في العملة العراقية'، وأضاف المعموري "نتمنّى  من الحكومة أن تفعّل عمل جهاز الأمن الاقتصادي؛ من أجل مراقبة الأسواق العراقية وما يحصل من تسرّب للعملات المزوّرة من قبل عصابات ومافيات مرتبطة بجهات خارجية".

وأعلن صاحب محل للصرافة في منطقة الكفاح وسط العاصمة بغداد، حسين الفضلي، أنّ "هناك عصابات تزوّر العملة وهي معروفة في مناطقنا، تعمل بحرّية تامة بالتنسيق مع ضباط في وزارة الداخلية، مستطرداً بالقول عدد من ضباط وزارة الداخلية يحصلون على مبالغ كبيرة من قبل تلك العصابات من أجل استمرار عملهم بنفس الوتيرة، أغلب من يعمل في تزوير العملة وغسل الأموال هم من أشخاص ينتمون إلى مليشيات وأحزاب متنفّذة في الحكومة العراقية، لذلك من الصعب إيقاف تلك الجهات أو المافيات التي تسرّب العملات المزوّرة إلى الأسواق، مؤكّداً حصولهم على ماكينات حديثة للتزوير من إيران".

وأفاد مختصون في الاقتصاد، بأن تزوير العملة المحلية أصبح شائعاً بعد عام 2003؛ بسبب غياب الجهات الرقابية، وضعف الوضع الأمني، لأن عمليات تزوير العملات وغسل الأموال أكبر من أن يقف خلفها صرَّاف أو عصابة ما، وقال الخبير الاقتصادي، رفعت عبد القادر غياب التخطيط الاقتصادي الممنهج في العراق، وعدم تطبيق برامج خاصة تعالج السلبيات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي، فضلاً عن غياب الرقابة على الأسواق العراقية، ساهم في زيادة عصابات تزوير العملات في العراق، وأنّ هناك مافيات مرتبطة بشخصيات سياسية أو أحزاب تمتلك مليشيات مسلّحة تعمل على تزوير العملات الأجنبية وغسل الأموال، فضلاً عن تهريب العملة إلى الخارج، لذلك من الصعب ردع تلك العصابات التي تمتلك نفوذاً كبيراً في الحكومة العراقية.

© العرب اليوم 2018