من تميم الحكيم لموقع زاوية عربي

لا يمكن حصر مفهوم "الريادة" في العالم العربي على ساحة الأعمال فقط، بل إن الساحة الفنية أيضاً تشهد ريادة الشباب العربي للمشهد الموسيقي بعيداً عن الطرق التقليدية وشاشات التلفاز، ليقدموا أعمالهم تحت مسمى "الموسيقى البديلة".

دخل هذا المفهوم الجديد في السنوات الأخيرة على العالم العربي من خلال فنانين وفرق تقدم نوع حديثا من الموسيقى في إطار مستقل ومنفصل عن شركات الإنتاج أو "أسماك القرش الكبيرة"، كما يحب أن يسميها الفنان الفلسطيني ولاء سبيت (31 عاماً)، أحد أعضاء فرقة 47 سول، والتي تأسست في العام 2013 في العاصمة الأردنية عمّان، وهي تضم بالإضافة إليه، كل من رمزي سليمان، وطارق أبو كويك، وحمزة أرناؤوط.

تعد فرقة 47 سول إحدى أبرز الأسماء العربية في الساحة الموسيقية اليوم. وقد طرحت منذ تأسيسها ألبومين موسيقيين، الألبوم الأول يحمل اسم "شام ستيب" والألبوم الثاني "وعد بلفرون".

تكوين فرقة 47 سول قائم على العديد من الاختلافات التي تحد من إمكانية تنقلهم بسهولة، فأعضاء الفرقة الأربعة أصولهم فلسطينية ولكنهم يحملون جوازات سفر متنوعة، مثل الأردني والأمريكي. وقد أدى هذا الاختلاف إلى توجه الفرقة إلى عاصمة المملكة المتحدة لندن لتكون مقراً لهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم الجولات الموسيقية للفرقة تقام في دول أوروبية وغربية، حيث يصعب على الفرقة أن تقيم جولات في معظم الدولة العربية دون أن تستغني عن أحد أعضائها على الأقل، بسبب إجراءات السفر في بعض الدول العربية.

قبل نصف ساعة من صعود فرقة 47 سول على خشبة المسرح في «برج بارك» بوسط مدينة دبي لإحياء حفل غنائي في اليوم الخامس من شهر أبريل الجاري ضمن مهرجان "وصلة" للموسيقى العربية البديلة، الذي بدأ في يناير 2017 ومقره الإمارات. تحدثت مع اثنين من أعضاء الفرقة، ولاء سبيت ورمزي سليمان، حول تغيّر المشهد الموسيقي في العالم العربي والصعوبات التي يواجهها الفنان في إيصال رسالته للجمهور بطريقة فعّالة، ومقبولة. 

 

>

 الصورة من حفل  «برج بارك» -  مرسل للإعلام مع بيان صحفي صادر من مهرجان "وصلة" للموسيقى العربية البديلة

 

حققت الموسيقى البديلة أو "الأندر جراوند" نجاحاً كبيراً في العالم العربي، على عكس العالم الغربي ربما، حيث لا تعد الموسيقى البديلة هي الموسيقى المهيمنة في الغرب. ما السبب في ذلك؟

ولاء: بداية، أنا عندي تساؤل وهو "هل فعلاً الموسيقى البديلة هي الموسيقى المهيمنة في العالم العربي، أم أننا نظن ذلك ضمن فقاعتنا لأننا نمارس هذه الموسيقى البديلة؟". هذا السؤال هو محاولة للتحقق من الواقع بين المرء ونفسه.

ولكن ما تقوله فيه شيء من الصدق والحقيقة، أن جيل الشباب الجديد تعب من الموسيقي الكلاسيكية والمتكررة. وهي الموسيقى الدارجة في بلادنا. وهي الموسيقى التي تربينا عليها من أهالينا.

ومع انفتاح جيلنا على العالم كله، أصبحنا معولمين. والعولمة التي تحدث مكّنت من الوصول إلى الموسيقى العالمية بحيث أصبحت متوفرة من خلال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وبطبيعة الحال، تأثرنا بهذه الموسيقى بسهولة.

ولكن السؤال الأهم والذي يطرح نفسه هو: "هل أن تأثرنا  بالموسيقى العالمية والغربية يدفعنا إلى إنتاج شيء غربي، أم أنه يجعلنا نحفر ونبحث عن جذورنا لنحولها إلى شيء عالمي؟ فبدلاً من أن نستورد (من الغرب) فقط، هل بإمكاننا أن نصدّر؟".  

 

>

تم تأسيس الفرقة منذ 6 سنوات تقريباً، ما هي أهم الدروس المستفادة من تجربتكم كفرقة عربية مستقلة حققت نوعاً من النجاح؟ وما أثر التباطؤ الاقتصادي العالمي على الفرق الموسيقية العربية في الفترة الحالية؟

رمزي: الفترة التي نمر بها متعلقة بتكوين المشهد الموسيقي. الأمر غير وارد ولكننا فعلاً نمر في مرحلة تأسيس لمشهد موسيقي عالمي جديد.

توجد العديد من العوامل والتحديات لأن نموذج التجول وتقديم عروض موسيقية لا يزال محدوداً في الوطن العربي. وهذا يرجع للعديد من الأسباب الخارجة عن سيطرة الفنان. لذلك يضطر الفنان أن يسعى للقيام بجولات موسيقية حول العالم وخارج الوطن العربي، وحتى هذا النموذج لم يتأسس بشكل كامل بعد، لأننا لا نزال أقلية في العالم.

ولتحقيق هذا النوع من التناغم والتوازن، يجب أن يكون النمو بطيئاً. كما يمكن للموسيقى أن تكون مصدر دخل كبير للكثير من الناس، ولكن لتحقيق ذلك يجب معالجة العديد من المشاكل السياسية وحتى الأمور المتعلقة بتنظيم الحفلات وحجز القاعات والحصول على تأشيرات السفر، إلخ.

>

رمزي: "عملية تحول الموسيقى البديلة إلى موسيقى مهيمنة هي عملية طبيعية، وتستغرق عقداً أو عقدين من الزمن. ستجد نفسك دوماً في مواجهة ضغوطات من الغرب للحد من الوصول للجماهير" -  الصورة مقدمة للإعلام من مهرجان "وصلة" للموسيقى العربية البديلة 

 

ولاء: مما لا شك فيه أن الجانب المادي يشكل تحدياً كبيراً. بالإضافة إلى الحفاظ على هويتك في تقديم الموسيقى البديلة وأن ترغب في جعل هذه الموسيقى البديلة نفسها موسيقى مهيمنة. وكذلك يوجد تحدي محاولة الحفاظ على الاستقلالية، والحفاظ على كونك غير معتمد على "أسماك القرش الكبيرة" في مجال الموسيقى. هذا جانب في غاية الحساسية وليس من السهل الحفاظ عليه.

لازلنا في مرحلة الاستكشاف، نحن نتعلم ليتعلم منا الآخرون في المستقبل.

 

انتقلتم إلى لندن منذ بضعة سنوات، هل وفرت لكم لندن ما لم يستطع الوطن العربي توفيره؟

رمزي: لندن مقر ممتاز بالنسبة لنا. فهي واحدة من المدن التي تتشكل هويتها من المرحلة بعد القومية. كما تلاحظ تواجداً كبيراً  للهوية الآسيوية والإسلامية والعربية، والتي تشمل الشتات الفلسطيني.

تعتبر لندن قاعدة جيدة لفرقتنا، فالمشهد الموسيقي قائم وراسخ في لندن. وقد وفرت لنا مساحة لنتعمق أكثر في أفكارنا المتعلقة بالصراع الذي نحاول التحدث عنه.

في نفس الوقت، لا أريد أن أجعل هذا الأمر مقتصراً على مدينة معينة، فنحن في مرحلة عالمية، فيما تعد المملكة المتحدة مكاناً منغلقاً وحصري جداً. الأمر لا يتعلق كثيراً بالمشهد الموسيقي المستقل في لندن، بل حول النمو الأوسع لفكرة الموسيقى العربية البديلة لتصبح أمراً مستداماً. 

 الصورة من حفل  «برج بارك» -  مرسل للإعلام مع بيان صحفي صادر من مهرجان "وصلة" للموسيقى العربية البديلة

 

ما الذي يمكننا أن نتوقعه من فرقة 47 سول في الفترة القادمة؟ هل تعملون على تحضير ألبوم جديد؟

ولاء: نقوم حالياً "بطبخ الألبوم الجديد" ونختبر أصواتاً مختلفة.

 

(قام بعمل اللقاء الصحفي وكتابة المقال تميم الحكيم. عمل تميم صحفيا في مواقع إخبارية متنوعة في دولة الإمارات العربية المتحدة، باللغتين العربية والإنجليزية وكان نائب تحرير في Arabian Business)

(تحرير ياسمين صالح: yasmine.saleh@refinitiv.com)

© ZAWYA 2019