مقدمة

عقد حسان دياب رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الأسبوع الماضي، اجتماع وزاري لمتابعة ملف الدعم، وفق تقرير نشرته الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وقالت الوكالة في نفس التقرير، إن الاجتماع تم بحضور 8 وزراء من بينهم: وزراء المالية، الزراعة، الاقتصاد، والطاقة إلى جانب حاكم مصرف لبنان المركزي.

وأضافت كذلك، أن الاجتماع ناقش خطط الوزارات لتنظيم كلفة الاستيراد والدعم، على أن يتم استكمال تلك الاجتماعات في وقت لاحق بدون ذكر المزيد من التفاصيل.

خلفية سريعة

أشار عدد من النواب والوزراء والمسؤولين اللبنانيين في تصريحات نشرتها الصحف المحلية خلال الأسابيع القليلة الماضية، إلى أن الحكومة تدرس بجدية خطة لرفع الدعم عن المواد الاستهلاكية، المحروقات، والدواء.

من ناحيته، أكد رياض سلامة حاكم مصرف لبنان في مقابلة مع قناة العربية بتاريخ 1 ديسمبر الجاري، أن بلاده لديها إمكانية الإبقاء على الدعم لمدة شهرين فقط.

وقد بلغت قيمة الدعم المقدم لاستيراد الأدوية، المواد الغذائية، الطحين، والمحروقات منذ بداية العام الحالي وحتى شهر أكتوبر الماضي حوالي 4 مليار دولار، وفق تصريحات رسمية أدلى بها بعض المسؤولين في وقت سابق.

كارثة اجتماعية

قالت يوكي موكو ممثلة اليونيسيف -منظمة عالمية تعمل في 190 دولة تقريبا معنية بحماية حقوق الأطفال- في لبنان، وربا جرادات المديرة الإقليمية لمنظمة العمل الدولية التي مقرها جنيف، في مقال رأي مشترك نشرت بي بي سي عربي بعض المقتطفات منه في 8 ديسمبر الجاري، إن: "أثر إلغاء دعم الأسعار على العائلات الأضعف حالا سيكون هائلا، وعلى الرغم من هذا لا توجد إجراءات معمول بها تقريبا لتخفيف وطأة الأمر".

وأضافتا في نفس المقال، أن عدم وجود نظام شامل من الضمانات الاجتماعية سيؤدي إلى كارثة اجتماعية على الأشخاص الأضعف حالا في لبنان، بما يضحي بمستقبلهم ومستقبل البلد ككل.

وأشارتا أيضا إلى أن تحليل الوضع في لبنان يبين أن 80% من دعم الدولة يذهب إلى الشرائح الأكثر غنى في المجتمع، في حين لا يستفيد الفقراء إلا من نسبة 20%.

وتوقع البنك الدولي في تقرير سابق، أن يتواصل اتساع نطاق الفقر ليشمل نصف سكان البلاد في العام القادم.

كيف يتم تقديم الدعم؟

يقوم مصرف لبنان المركزي ببيع وتأمين الدولار لمستوردي السلع الرئيسية، ومنها الأدوية، الطحين، والمشتقات النفطية بسعر أقل من سعر السوق الموازية غير الرسمية.

ويبلغ سعر الدولار الواحد في السوق الموازية حوالي 8,000 ليرة، في حين يبلغ سعر الدولار الواحد وفق تسعيرة المصرف المركزي نفسه حوالي 3,500 ليرة، وفق تقارير صحفية محلية.

محلل

قال الدكتور بيار خوري، أمين سر الجمعية الاقتصادية اللبنانية، وهي جمعية أهلية غير ربحية تعنى بالشؤون الاقتصادية، ونائب رئيس الجامعة اللبنانية الألمانية، وعميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة، وهي جامعة خاصة في لبنان في اتصال هاتفي مع موقع زاوية عربي من بيروت: "كان من الواضح منذ بداية الأزمة في لبنان قبل أكثر من عام أن الدولة ستتجه بشكل تدريجي ومن دون أدنى شك لرفع الدعم عن المواد الأساسية، ولكن ما يحصل الآن هو منارورة سياسية خصوصا وأن السلطة تخشى رد فعل المواطنين، فالدولة لم تعد تملك الموارد اللازمة للاستمرار بالدعم".

ما الذي حصل؟

فرضت البنوك اللبنانية منذ شهر أكتوبر من العام 2019 قيود مشددة على السحب من الودائع، ومنعت بعض التحويلات إلى الخارج، وذلك بعد اندلاع موجة احتجاجات شعبية منددة بالأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة في البلاد. وأدت هذه الاحتجاجات إلى استقالة حكومة سعد الحريري في 29 أكتوبر 2019.

وبدأت شرارة الاحتجاجات بالإعلان عن ضريبة بقيمة 6 دولارات شهريا على استخدام تطبيق "واتس اب" للرسائل والمكالمات في موازنة العام الحاالي 2020، قابلها رد حكومي سريع بالتراجع السريع عن الضريبة والإعلان أن الموازنة ستخلو من أي ضرائب أو رسوم جديدة بحسب تغريدات نشرها آنذاك علي حسن خليل وزير المالية اللبناني السابق على صفحته على موقع تويتر. 

عودة لكلام المحلل

رأى بيار أن: "عدم استمرار المصرف المركزي بتأمين ودعم الدولار الخاص باستيراد المواد الأساسية من الخارج يعني تلقائيا رفع أسعار هذه المواد بأكثر من الضعف وربما الضعفين، وفي ظل الظروف الحالية من الصعب أن يتمكن المصرف من تأمين الأموال المطلوبة".

وأشار إلى أنه يتم الآن الحديث من قبل الحكومة عن الإعداد للبطاقة الذكية التي يتم استخدامها في العديد من الدول ومنها مصر وتهدف إلى توزيع الدعم بشكل عادل على المواطنين الأكثر فقرا والذين يستحقون الدعم بشكل فعلي، ولكن هذا الأمر تأخر كثيرا إذ إنه كان ينبغي أن يحصل قبل وقت طويل وليس على مشارف قرار رفع الدعم الذي تستعد السلطة لاتخاذه في وقت يبدو أنه قريب جدا.

ولفت بيار إلى أن وجود البطاقة الذكية المذكورة من شأنه أن يخفض حوالي 80% من فاتورة الدعم الذي سيذهب لمستحقيه فقط، إلا أن تأخر إنجازها يزيد الأوضاع صعوبة على المستوى المالي ومستوى الطبقة الفقيرة ذات الدخل المحدود والتي ستصبح أكثر فقرا.

نبذة سريعة عن وضع لبنان الاقتصادي

(بحسب تقارير صحفية محلية وعربية)

يشهد لبنان أزمة اقتصادية خانقة وسط انهيار مالي واجتماعي يرافقهما انهيار متواصل للعملة المحلية.

وفي شهر أكتوبر الماضي، ترأس الرئيس اللبناني اجتماع لبحث الرصيد الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان المركزي من أجل تحديد فترة الدعم المتبقية.

والاحتياطي الإلزامي، هو عبارة عن مبالغ تمثل نسبة معينة من ودائع العملاء لدى البنوك، تكون موجودة لدى البنك المركزي، ولا يتم استخدامها إلا في الحالات الطارئة، وبعد استنفاد كافة خيارات توفير السيولة.

وتبلغ نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك في لبنان 15% من إجمالي الودائع.

ويواجه لبنان تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ شهر أكتوبر من العام 2019 مع تزايد حاجة البلاد للنقد الأجنبي وتراجع وفرته محليا في ظل هبوط سعر صرف الليرة، إلى جانب نقص السلع والمواد الأساسية.

 

(إعداد: محمد الحايك. وقد عمل محمد في السابق في عدة مؤسسات، منها صحيفة الراي الكويتية، وقناة أخبار المستقبل الفضائية اللبنانية)

(تحرير: ياسمين صالح، للتواصل: yasmine.saleh@refinitiv.com)

تغطي زاوية عربي أخبار وتحليلات اقتصادية عن الشرق الأوسط والخليج العربي من الأحد للخميس وتستخدم لغة عربية بسيطة.

© ZAWYA 2020

بيان إخلاء مسؤولية منصة زاوية
يتم توفير مقالات منصة زاوية لأغراض إعلاميةٍ حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي نصائح قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي آراء تتعلق بملاءمة أو قيمة ربحية أو استراتيجية ‏سواء كانت استثمارية أو متعلقة بمحفظة الأعمال . للشروط والأحكام