فجأة ودون سابق مقدمات، أصدرت مجموعة "فينواي سبورتس" المالكة لنادي ليفربول بيان ذكرت فيه أنها ستعرض أسهم النادي الإنجليزي العريق للبيع، سواء بطريقة جزئية أو كلية. فما هي حقيقة الأمر، وما الذي تسبب في ذلك، وماذا سيحدث لاحقاً؟ 

ماذا حدث ؟

يوم الإثنين 7 نوفمبر أصدرت مجموعة "فينواي سبورتس" (FSG) بيان جاء نصه "كان هناك العديد من التغيرات الحديثة والشائعات حول ملكية أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، وترددت أسئلة حول ملكية المجموعة لنادي ليفربول. تلقت FSG رغبات متكررة من أطراف ثالثة تسعى لحيازة أسهم في ليفربول. قالت المجموعة من قبل أنه في ظروف مناسبة، يمكننا التفكير في شركاء جدد إذا كان ذلك في مصلحة نادي ليفربول. تبقى FSG ملتزمة تماماً بنجاح ليفربول، داخل وخارج الملعب". 
 
لماذا الآن؟ 

في عام 2010، أكملت مجموعة فينواي سبورتس (FSG) الأمريكية الاستحواذ على أسهم نادي ليفربول بما قدر وقتها بثلاثمائة مليون جنيه إسترليني (حوالي 344 مليون دولار)، وهو ما كان يعد مقابل زهيداً لشراء أسهم ناد عملاق، إلا أن المجموعة استغلت المرحلة الصعبة التي كان ليفربول يمر بها في ذلك الوقت، على الصعيدين الرياضي والاقتصادي. 
 
ومنذ اليوم الأول، كان خبراء اللعبة يتوقعون أن تقوم المجموعة ورئيسها جون هنري بالاستثمار في النادي دون الحصول على عوائد فورية أو أرباح سنوية – على غرار ما تقوم به أسرة جليزر مع نادي مانشستر يونايتد على سبيل المثال - ولكن المجموعة كانت ترى أن الاستثمار الأكثر فائدة بالنسبة لها هو على المدى البعيد، حينما تقوم ببيع أسهم النادي بمقابل يوازي أضعاف ما قامت بإنفاقه لدى الشراء. 
 
بيع أسهم النادي ليس وليد اللحظة، ولكن FSG تدخل في مفاوضات منذ سنوات طويلة. في 2015 زار وفد من المجموعة الصين في محاولة لبيع حقوق إسم المدرج الرئيسي لملعب "آنفيلد" بعد إتمام عملية تجديده وتوسعته، لكن المفاوضات لم تثمر عن أي نجاح. وفي عام 2016 كان جون هنري على مقربة من بيع جزء من الأسهم لشركة "سينوفورتوني" الصينية لكن الأمور لم تتم لتشكك هنري في جدية الطرف الصيني. في عام 2018، دخل توم فيرنر، الشريك الثاني من حيث نسبة الأسهم في النادي، في مفاوضات مع الشيخ خالد بن زايد (نجل رئيس الإمارات الحالي محمد بن زايد) حول عملية شراء محتملة قدرت وقتها بحوالي 2 مليار جنيه إسترليني، دون أن تسفر المفاوضات عن اتفاق مرة أخرى. وفي كل هذه المرات لم تؤكد FSG أو تنف الأمر بصورة قاطعة. 
 
لكن الآن تعلن المجموعة بوضوح عن الأمر، بعد أشهر قليلة من تقدير مجلة "فوربس" الأمريكية لأسهم ليفربول بما يعادل 3.6 مليار جنيه إسترليني، أي أكثر من عشرة أضعاف ما دفعته في شراء النادي قبل 12 عام. بعض التقديرات تقول أن المجموعة بدأت تفكر من جديد وبصورة أكثر جدية هذه المرة في عملية البيع منذ أبريل 2021، وتحديداً بعد فشل عملية تأسيس "دوري السوبر الأوروبي" وردة الفعل الغاضبة من جماهير النادي ضد الإدارة وقتها بسبب دعمها لهذه الفكرة، واضطرار الإدارة حينها لإصدار بيان اعتذار للجماهير. 
 
الغضب الجماهيري لم يبدأ من هذه النقطة، وإنما قبلها بفترة، وبسبب قيام المجموعة برفع أسعار تذاكر مباريات الفريق على ملعبه آنفيلد، والذي عبرت عنه الجماهير بعدة مسيرات مناهضة للإدارة، وكذلك بلافتات في بعض المباريات. وامتد الغضب أيضاً لما اعتبرته الجماهير تخاذل من الإدارة في دعم الفريق في سوق الانتقالات أكثر من مرة، بالرغم من تتويج ليفربول بألقاب الدوري ودوري الأبطال وكأس العالم للأندية وغيرها، وهو ما تراه الجماهير سبب في عدم زيادة ألقاب النادي التي كانت من الممكن أن تحدث في هذه الفترة. 
 
إدارة المجموعة ترى أن النادي أصبح في وضعية مثالية الآن لكي يتم تسليمه لمالكين جدد بمقابل خيالي. ملعب آنفيلد تم تجديده بالكامل، ومع افتتاح توسعة مدرج "آنفيلد رود" المتوقعة في الصيف المقبل، ستكون سعة الملعب ارتفعت من 44 ألف متفرج تقريباً (حين استحوذت المجموعة على النادي في 2010) إلى 61 ألف متفرج. كذلك بوجود مركز التدريب الجديد للفريق في كيركبي والذي تكلف إنشائه 50 مليون جنيه استرليني ستكون عملية إعادة بناء البنية التحتية للنادي قد اكتملت بحسب رؤية الملاك الحاليين. 
 
فريق الكرة وكلوب 

هل كان لوضع فريق ليفربول الكروي الحالي دور في تسريع عملية رغبة FSG في البيع؟ قد يبدو سؤال معقد إلى حد ما، لكن الإجابة بالإيجاب لن تكون إجابة خاطئة. 
 
بحسب موقع "ذا أثلتيك" البريطاني، يبدو أن تراجع نتائج ليفربول هذا الموسم كان لها دور في قرار المجموعة، التي ترى أن الفريق بحاجة لعملية استثمار ضخمة في المواسم المقبلة، قد تتكلف مبلغ كبير يحتاج لاستثمار جديد. 
 
تقارير أخرى أشارت لأن تجديد تعاقد المدرب الألماني يورجن كلوب حتى 2026 كان جزء من هذه العملية، حيث ترى المجموعة أن وجود كلوب على رأس الإطار الفني هو ضمان لاستمرار نجاح الفريق مع عملية إعادة البناء المنتظرة بحضور ملاك جدد وضخ استثمارات كبيرة متوقعة، خاصة مع ارتفاع معدل أعمار لاعبي الفريق وحاجته الواضحة لعدد من الصفقات التي قد تكلف مبالغ ضخمة في المستقبل القريب. 
 
كلوب يرتبط بعلاقة صداقة وثيقة مع مايك جوردون، رئيس المجموعة، وتقول التقارير أن الأخير أخبر كلوب قبل أكثر من شهر بنية FSG في البيع سواء جزئياً أو كلياً، وأن الرجلين اتفقا على إبقاء الأمر سراً حتى فترة توقف الموسم المصاحبة لكأس العالم في قطر، لكن يبدو أن السر قد ذاع قبل ذلك بأيام. 
 
كل أم جزء؟ ومن ؟ 

حسب تقديرات مجلة فوربس - كما ذكرنا - تبلغ قيمة ليفربول الحالية ما يوازي أو يزيد قليلاً عن 3.6 مليار جنيه إسترليني (أكثر من 4 مليار دولار أمريكي)، الرقم الذي قد يجعل من عملية بيع الأسهم بصورة كاملة صعب، ويرجح احتمالية أن توافق FSG على بيع جزء من الأسهم، إلا إذا. 
 
التقارير الأولية تشير لأن FSG تلقت بالفعل بعض العروض التي تقوم بدراستها في الوقت الحالي، بل وذهبت تقارير أخرى لأنه كان هناك عروض جدية في الصيف الماضي لكنها لم تصل للرقم الذي تتوقعه الإدارة الأمريكية الحالية للنادي.  
 
الشائعات تدور حول رغبة عدد من الجهات في الاستحواذ على ملكية ليفربول، في مقدمتها مجموعة "ريد بيرد كابيتال" الأمريكية، والتي تملك بالفعل 10% من أسهم FSG منذ العام الماضي. المجموعة استحوذت على نادي ميلان الإيطالي في يونيو الماضي مقابل 1.3 مليار دولار أمريكي. 
 
رجل الأعمال الأمريكي توماس ريكتس، والذي يملك فريق البيسبول "شيكاغو كابس" كان ضمن المرشحين للاستحواذ على نادي تشيلسي، وربما ينقل رغبته إلى ليفربول هذه المرة.  
 
هناك أقاويل تدور كذلك حول رغبة أسرة آل مكتوم الحاكمة لإمارة دبي في ملكية النادي، وأنهم تقدموا بالفعل بعرض قيمته 3 مليار جنيه إسترليني في عام 2021 لكن FSG رفضت الأمر وقتها.  
 
ماذا بعد؟ 

عكس ما كان الأمر عليه مع تشيلسي قبل قرابة ستة أشهر، والذي كان مالكه الروسي رومان أبراموفيتش في عجلة من أمره لبيع أسهم النادي بسبب توابع أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، لن تكون FSG في نفس العجلة حالياً، ويمكنها تدبر أمر البيع بشيء كبير من الهدوء والتروي. 
 
المجموعة دعت مؤسستي جولدمان ساكس ومورجان ستانلي المصرفيتين لتقوما بالمساعدة في عملية تقييم العروض، ومن ثم البيع إذا تم الاتفاق على المقابل.

(إعداد: عادل كُريّم، محلل اقتصاديات الرياضة في زاوية عربي والمنسق الإعلامي السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم)

( للتواصل zawya.arabic@lseg.com)