زاوية عربي 

كان الانفجار الذي وقع  في مرفأ بيروت أشبه بالصدمة للمجتمع الدولي واللبناني الذي يواجه العديد من التحديات الاقتصادية، خاصة مع تفاقم الوضع الاقتصادي مع انتشار فيروس كوفيد-19، وارتفاع معدلات البطالة، انهيار قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، الى جانب عدم الاستقرار السياسي القائم.  

وأصبح الوضع في لبنان الآن يبدو كالمستحيل اذا تجسد في شكل دولة. 

لكن وبالرغم من الصورة الاقتصادية القاتمة وصعوبة تصور ما سوف نقوله في هذا المقال ولكن يمكن ان يمثل الوضع الحالي بداية لانطلاقة اقتصادية كبرى، اذا تم استغلال جميع الفرص المتاحة بشكل كفء، خاصة اذا تم ارساء حل سياسي يقوم على أساس العدالة السياسية والاجتماعية.  

وبالتفصيل،  ماذا  يمكن  ان  يفعل  لبنان  الآن؟  

الوضع الحالي سيء ولا يمكن ان يجادل أحد في هذا ولكن وكما تعلمنا من تجارب الحياة اذا وجدت الإرادة والعزيمة، يخلق معها عدد لا بأس به من الحلول.  

الحل  السريع  للأزمة  

إعادة إعمار البنية التحتية لمرفأ بيروت بشكل خاص والبنية التحتية لبيروت بشكل عام والسرعة في إعادة ترميم المنشآت المتضررة من الانفجار.   

سبل  التمويل  

قامت العديد من الدول بتقديم عروض من المنح لتمويل إعادة الإعمار إضافة الى قيام البنك الدولي بتوفير عرض الإشراف والتمويل لإعادة بناء مرفأ بيروت.  

ومع تدفق تلك المساعدات واستخدامها بسرعة وشفافية، سوف يشجع هذا ضخ المزيد من الاستثمارات في شرايين الاقتصاد اللبناني، والذي سيكون من شأنه ان يكون له العديد من الآثار المباشرة على قوة العملة المحلية وتوفير الدولار في المصارف، إضافة الى ارتفاع نسب العمالة وبالتالي زيادة الطلب المحلي على السلع والخدمات.   

تأثير  إعادة  الإعمار  على  القطاعات  الاقتصادية  

من أهم القطاعات التي ستكون الأكثر استفادة من عملية إعادة الإعمار سيكون قطاع البناء خاصة قطاعات البنية التحتية، إضافة الى انتاج الزجاج، أدوات البناء، المعدات الثقيلة، صناعة الأسمنت والحديد وجميع الصناعات التي من شأنها ان تسهم في صناعات البناء والتعمير.   

كما يمكن ان تكون هذه الفرص بمثابة عوامل جذب للاستثمار الأجنبي المباشر نحو الصناعات التي ستواجه امكانيات محدودة.   

إلى  ماذا  تشير  البيانات  التاريخية  للاقتصاد  اللبناني؟  

تشير البيانات التاريخية للناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد اللبناني، الى حدوث قفزات خلال السنوات القليلة التي تبعت تولي الرئيس الراحل رفيق الحريري في العام 1992، حيث زاد الناتج المحلي من 4.7 مليار دولار أمريكي في 1991 ليصل الى 17 مليار دولار أمريكي في عام 1998، بحسب بيانات البنك الدولي.  

ويمكن تكرار نفس التجربة الآن مع  توقع وصول معدلات الانكماش إلى 12% هذا العام، بحسب تقديرات صندوق النقد، والتي صدرت في شهر أبريل الماضي وقبل الانفجار الأخير، لإعادة تدوير البناء وتحقيق معدلات نمو إيجابي تدريجياً مع دخول الاقتصاد اللبناني الى بدء مراحل إعادة الإعمار.   

أهم  الاستنتاجات  

يمكن القول ان لبنان في مواجهة العديد من الفرص الاستثمارية والإمكانات الكامنة التي يمكن ان تنهض بالاقتصاد اللبناني، خاصة مع الاستثمار في القطاعات المرتبطة بالبنية التحتية والصناعات المرتبطة بها.  

كما ان هذه الفرص لن تقتصر على لبنان فقط، بل سيمتد أثرها الى العديد من الدول التي ستستفيد اقتصادياً بشكل غير مباشر.  فيمكن ان يتم الاستعانة بالمزيد من العمالة الماهرة من الدول المجاورة والغير مجاورة. فعدد سكان لبنان يقدر بحوالي 6.8 مليون ومن الممكن ان تكون البلد مصدر جذب لعمالة جديدة تزيد من التنافسية في السوق المحلي وبالتالي تقوي قدرات القوى العاملة المحلية. 

كما ان الشركات اللبنانية والغير لبنانية يمكن ان تستفيد من العطاءات في مجالات المقاولات للنمو والتوسع. وبالتالي تحسين مناخ الأعمال وفتح مجالات للشركات العربية والعالمية لكسر الركود الذي فرضته الظروف الحالية.  

يمكن ان تكون هذه الكارثة - بكل بشاعتها -  فرصة لإعادة صياغة أولويات الاقتصاد اللبناني ووضع استراتيجية للنمو المستدام والبعيد عن التقلبات والمواءمات السياسية. 

*تم التواصل مع نيرمين عبر موقع WriteCaliber 

(تحرير ياسمين صالح، yasmine.saleh@refinitiv.com) 

  للمزيد: مقالات سابقة لنيرمين 

© Opinion 2020

المقال يعبر فقط عن عن أراء الكاتب الشخصية
إخلاء المسؤوليّة حول المحتوى المشترك ومحتوى الطرف الثالث:
يتم توفير المقالات لأغراض إعلامية حصراً؛ ولا يقدم المحتوى أي استشارات بخصوص جوانب قانونية أو استثمارية أو ضريبية أو أي نصائح أو أراء بشأن ملاءمة أو قيمة أو ربحية استراتيجية أستثمارية معيّنة.