27 12 2016

شهد عام 2016 تطبيق أحد أهم القرارات الإقتصادية فى تاريخ مصر الحديث، حيث قرر البنك المركزى المصرى يوم 3 نوفمبر الماضى، ولأول مرة فى تاريخ سوق الصرف المصرية، نظام التعويم الكامل للجنيه، أى أن يتحدد سعره فى البنوك وفقًا لقوى العرض والطلب، ووفقًا لآليات محددة داخل البنوك العاملة فى السوق المحلية المصرية، ليصل الدولار مستوى يقارب الـ20 جنيها، بسبب ارتفاع الطلب الموسمى، لتحويل أرباح الشركات وتسوية مديونيات بالعملة الأجنبية.. ليؤكد أهمية التساؤل حاليًا.. هل يسهم "تعويم الجنيه" فى حل مشكلات سوق الصرف المصرية؟.

السوق السوداء للعملة أبرز مشكلات سوق الصرف المصرية والتى ظهرت بنهاية 2012، نتيجة نقص المعروض من النقد الأجنبى داخل الجهاز المصرفى الرسمى، فلجأ المستوردون ورجال الأعمال لتدبير جزء من احتياجاتهم تزايد مع الوقت من السوق الموازية لعدم تعطل أعمالهم الاستيرادية، إلى أن جاء قرار تعويم الجنيه، ليقلص الفارق إلى حد كبير بين السوق السوداء والسوق الموازية، مع تدفق العملات الأجنبية إلى البنوك بأكثر من 5.2 مليار دولار.

الأزمة الحقيقية التى تواجه الاقتصاد المصرى تتمثل فى نقص الموارد من العملة الصعبة، وبالتالى العمل على تنمية الموارد الدولارية من مصادرها الرئيس للدخل القومى، هو أساس العمل من كافة الجهات المعنية بالملف الاقتصادى خاصة المصادر التى تحتاج إلى جهد هام لتدفق الدولار من السياحة والاستثمارات، فتشير التقديرات إلى أن 10 مليارات دولار تدفقات استثمارية متوقعة خلال 6 أشهر فى أذون وسندات الخزانة المصرية أى النصف الثانى من السنة المالية الحالية 2016 - 2017 حيث تشير التقديرات إلى دخول نحو مليار دولار فى استثمارات غير مباشرة فى محافظ الأوراق المالية بعد قرار تعويم الجنيه.

ويعد هدف السيطرة على التضخم، ذو الأولوية القصوى فى الوقت الحالى، حيث تجاوز مستوى الـ20%، وساهمت طرح شهادات الادخار "بلاتينية" بعائد 16% و20 % فى جذب سيولة تقدر بنحو 220 مليار جنيه حصيلة تعمل على تقليص حجم الطلب على السلع والخدمات ولكن يتطلب ذلك مزيدًا من الرقابة على الأسواق خلال الفترة القادمة.

ومن إيجابيات تعويم الجنيه، ضخ أكثر من 3.5 مليار دولار وفرتها البنوك العاملة فى السوق المحلية لتمويل عمليات استيرادية تشمل فتح اعتمادات مستندية ومستندات تحصيل، مما ساهم فى تنشيط استيراد السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج مما يسهم فى توافر كميات مناسبة منها تخفض الأسعار تدريجيًا.

ومن المؤشرات الإيجابية لتعويم الجنيه وحل مشكلات سوق الصرف المصرية، تدفق أكثر من 2.5 مليار دولار من تحويلات المصريين العاملين فى الخارج للجهاز المصرفى بعد التلاشى التدريجى للفارق بين سعر الصرف فى السوق السوداء والبنوك، إلى جانب متوسط 100 مليون دولار يوميًا متوسط تعاملات سوق الإنتربنك الدولار - سوق التعامل بين البنوك بشراء وبيع العملات العربية والأجنبية، بعد شهور من توقف هذا السوق إلى جانب عمل البنوك لمدة 12 ساعة عمل يوميًا للبنوك لبيع وشراء العملات وصرف حوالات المصريين العاملين بالخارج، والعمل لأول مرة يومى الجمعة والسبت لتنفيذ تلك العمليات.

ويعد مؤشر تصنيف مصر الائتمانى ورفعه إلى "مستقر" من قبل مؤسسة "ستاندرد أن بورز" من تصنيف "سلبى" قبل تعويم الجنيه، من المؤشرات الهامة لدعم ثقة الاستثمار الأجنبى لمصر خلال الفترة القادمة.

كان البنك المركزى المصرى قرر يوم الخميس 3 نوفمبر 2016، تحرير - تعويم - سعر صرف الجنيه المصرى وأن يتم التسعير وفقا لآليات العرض والطلب، وإطلاق الحرية للبنوك العاملة النقد الأجنبى من خلال آلية الإنتربنك الدولارى.

© Al-Youm Al-Sabea 2016