21 05 2017

حكومة الموصل تسعى لتشكيل حكومة طوارئ بعد "داعش"

كشفت الحكومة المحلية في محافظة نينوى السعي الى تشكيل حكومة طوارئ في المحافظة، لتسيطر على القرار السياسي وتُحجّم من دور الجهات السياسية التي تستغل فرصة الظرف الأمني لتحقيق أجنداتها الخاصة في المحافظة، فيما ابدت جهات سياسية عراقية تخوفها من نتائج مؤتمر القمة الاسلامية الأميركية التي بدأت مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى العاصمة السعودية الرياض، لبحث تحالف أميركي عربي سني .

وقال عضو في مجلس محافظة الموصل، إنّ "وقوف إدارة المحافظة على الهامش وعدم تدخّلها بأي قرار سياسي وأي تحرّك مشبوه للحشد، وعدم تقديمها أي شيء للنازحين، وكأنّها غير مسؤولة عن شيء، أمر غير مقبول"، وبيّن أنّ "المحافظة تعاني ما تعانيه اليوم من أزمات خطرة، ولم نر ولم نسمع عن أي دور لإدارة المحافظ في ذلك، كما أنّ الأجندات المتصارعة على المحافظة تلعب لعبة قذرة وتخطط وتنفذ أجنداتها السياسية، وأنّ الحشد بات يسيطر على مساحات واسعة جدًا من غربي المحافظة من دون أن يرجع لإدارة المحافظة، ولا هي أبدت رأيها في ذلك".

وأكد أنّ "كل ذلك فرض علينا التفكير بإيجاد حل لهذه الأزمات والصراعات"، لافتاً إلى أنّه "لا حل إلّا من خلال تشكيل حكومة طوارئ تنتشل المحافظة من المخططات المشبوهة، وأن يكون لها رأي في أي قرار سياسي وحتى القرارات العسكرية، لتجنب المحافظة كل ما يحاك ضدّها"، مضيفًا أنّ "هناك تحرّكات فعلية بدأت من قبل أعضاء في مجلس المحافظة، وبرلمانيين من الموصل، ووجهاء المحافظة نحو تشكيل حكومة الطوارئ"، لافتاً إلى أنّ "هذه الجهات بدأت اجتماعاتها وبحث الآلية التي يتم من خلالها تشكيل الحكومة، ووضعت الخطوات الأولية لتحركاتها، وذلك من خلال إقالة المحافظ الذي يشكّل العقبة الكبيرة أمام حكومة الطوارئ، ومن ثم نبدأ بالخطوات اللاحقة"، كما شدّد على أنّ "الخطوات ليست بالسهلة، خصوصًا أنّ جهات سياسية في بغداد تدعم إدارة محافظة الموصل، وتسعى لبقائها على رأس حكومة الموصل، لإحباط أي خطوة تعترض مع أجنداتهم"، مشيرًا إلى أنّ "هناك إصرارًا على تشكيل هذه الحكومة الجديدة لأنّها ستغلق الأبواب أمام المخططات التي يراد منها تحقيق المكاسب السياسية على حساب المحافظة وأهلها".

من جهته، أوضح النائب عن المحافظة، محمد نوري العبد ربه، أنّ "تشكيل حكومة الطوارئ أصبح ضرورة ملحّة تحتاجها الموصل، وهي ضرورية للغاية لانتشال المحافظة من واقعها المؤلم في مختلف الصعد"، وأردف أنّنا "نضمّ صوتنا لتشكيل حكومة طوارئ في المحافظة، وأن تعمل ميدانيًا في الموصل، وبقيادة عسكرية بدل المدنية"، مؤكداً أنّ "الحكومة المحلية فشلت في أداء مهامها وواجباتها تجاه أهالي الموصل، وأنّ قضية النازحين هي أبسط مثال لذلك الفشل، فلم نر أي دور لهذه الحكومة ولم تقدم أي شيء ولم تقم بواجبها تجاه أزمة النازحين المتفاقمة".

ولفت إلى أنّ "تشكيل حكومة الطوارئ سيكون في صالح المحافظة، وقد يغيّر من واقعها الذي تعيشه نحو الأفضل، وأن يكون لها دور بانتشال المحافظة والتخفيف من معاناة أهلها، مع العلم أن الموصل أصبحت ساحة سياسية مفتوحة للأحزاب والجهات السياسية ومليشياتها، والتي تتصارع داخل المحافظة لتحقيق أجنداتها ومصالحها السياسية، في وقت لا يوجد فيه أي دور لحكومة المحافظة المحلية، والتي تلتزم جانب الصمت حيال كل ذلك".

ومن جانبه قال الشيخ عامر الحديدي، وهو أحد وجهاء الموصل، إنّ "إدارة المحافظة تقف اليوم متفرجة على معاناة أهالي الموصل، ولم تبد أي تدخل أو رأي ولم تأخذ دورها في الوقوف بوجه الأجندات السياسية والجهات التي لا تريد الخير للموصل"، مبيّناً أنّ "استمرار إدارة المحافظة على سياستها ونهجها جعل من المحافظة فريسة سهلة لكل من يريد بها السوء" كما يشير إلى أنّ "مرحلة ما بعد داعش تتطلّب حكومة قوية، تدافع عن الموصل وعن أهلها، وألا تتركها نهباً للجهات والأحزاب والمليشيات".

وتواجه التحركات السياسية لتشكيل حكومة الطوارئ، صعوبات جمة تعترض طريقها، ويؤكد مراقبون أنّ "هذا التحرّك سيفتح باب الصراع مع قيادات الحشد وقيادات الأحزاب الطامعة بالموصل، فضلًا عن الجهات التي تدعم الحكومة المحلية".

بدوره، أشار الخبير السياسي، معن الزبيدي، إلى أنّ "خطوات تشكيل حكومة الطوارئ في الموصل، بالتأكيد هي في صالح المحافظة، إذ أنّ القرار السياسي والعسكري سيكون صادرًا من إدارتها، ما يعني التحكّم والسيطرة على كل القرارات التي تخص الموصل"، لافتًا إلى أنّ "ذلك يعني الحد من تدخلات الحشد وغيرها"، فيما اعبتر أنّ "جهات سياسية متنفّذة ستقف بوجه هذا التحرّك، وستعترض على أي خطوات باتجاه تشكيل هذه الحكومة، وستفتح الباب أمام مشاكل سياسية مع قيادات الحشد والأحزاب الداعمة لها"، وأنّ "نجاح هذا المسعى سيكون في مصلحة الموصل وأهلها".

سياسيًا أبدت جهات سياسية عراقية تخوفها من نتائج مؤتمر القمة الاسلامية الأميركية الذي بدأ مع وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب العاصمة السعودية الرياض، لبحث تحالف أميركي عربي سني، وأكد مراقبون أن التخوف العراقي نابع من التلميحات الأميركية لتشجيعها قيام الأقاليم في العراق وسعي الدولة المستضيفة السعودية لتأييده ودعمه ماليًا وسياسيًا، وهو ما يثير القلق عند الجانب العراقي من امكانية فتح الباب لتأييد مثل هذه المشاريع، حيث أشار المراقبون إلى ان الوفد العراقي المكون بأغلبيته من شخصيات سنية يثير الريبة في ظل وجود نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي المؤيد لاقامة اقليم في محافظة نينوى .

واتهمت حركة عصائب اهل الحق المنضوية في الحشد الشعبي القمة السعودية الأميركية بالسعي لاضعاف قوة الحشد في العراق وسورية، وأضاف القيادي في حركة العصائب جواد الطليباوي، أن " أي مؤتمر أميركي يُعقد في السعودية يعدّ داعمًا لتنظيم "داعش" الذي دربته واشنطن وقدمت الدعم العسكري له في العراق وسورية"، مؤكدًا ـن "تنظيم داعش يعمل بتوجية من اميركا لحماية المصالح الاسرائيلية".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصل السبت إلى العاصمة السعودية الرياض، في أول زيارة خارجية منذ توليه السلطة للمشاركة في اعمال القمة العربية الاسلامية الأميركية، ومن جهتها  قالت النائب عن ائتلاف دولة القانون عواطف نعمة، إن المؤتمر المنعقد في السعودية كان من الممكن اعتباره بادرة خير لو لا استبعاد الجهة الشيعية ومن ثم دخل في خندق طائفي سني بحت، وقد يكون هناك مشروع للتقسيم عبر اجندة طائفية وتكوين اقليم عربي سني منفصل نوعًا ما عن المركز على غرار اقليم كردستان، مبينة أن هناك اتفاقية  استراتيجية  بين العراق والولايات المتحدة الأميركية تهدف إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية للعراق وأمن وسلامة مواطنيه، ورعاية الولايات المتحدة الأميركية لمثل هكذا مؤتمرات تثير الشكوك حول التقسيم الحقيقي على الاساس الطائفي.

وأضافت ان"هذا المؤتمر مرفوض في اهدافه وخططه لان من يمثل المؤتمر مطلوب قضائيا ومتهم بسقوط الموصل، مبينة ان نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي ينادي دوما بالتقسيم وانه امر دستوري وبان يكون هناك اقليم سني منفصل، ومن ثم حضوره يمثل الارادة الحقيقية للانفصال ويعد السبب في سقوط الموصل والنعرات الطائفية".

وتابعت نعمة ان" اكثر الدول الراعية للارهاب هي السعودية  من خلال الفتاوى الطائفية ولا نستغرب رعايتها للارهاب والطائفية ومشجعة لمن هم مطلوبين للقضاء ومتهمين بتمويل المجاميع المتطرفة ، مشيرة إلى ان البرلمان العراقي اقر قانونا لا يسمح فيه بعقد مؤتمرات في اي دولة الا من خلال موافقة الجهات العليا داخل الدولة من خلال قرار وبالتالي يلزم اي شخصية  لها منصب سيادي الالتزام بهذا القرار وإلا يتعرض للمساءلة القانونية".

بدوره أشار المحلل السياسي اياد العنبر، أن المحاور الرئيسية في الواقع السياسي تتكتل حول السنة والشيعة من اجل الرؤية الجديدة للمنطقة والعراق جزء من الشرق الاوسط ، مضيفا أن المحور الشيعي الوحيد ايران وهي التي تتراس الزعامة الشيعية برأيها والسعودية تقود المحور السني، وأن المشكلة الداخلية تتاثر بالمرجعيات الخارجية والتي تراهن على القوى السعودية والتركية والايرانية وبالتالي هناك تشتت في المواقف السنية، مضيفًا أن" هناك عدم وضوح رؤية للمشهد السياسي وامكانية الجبهة السنية من الخروج باقليم عربي سني مُقر من قبل الحكومة على غرار اقليم كردستان، والقوى الاقليمية ليست بحاجة إلى قيادة منطقة لا تعرف من هي القوى القائدة لها، مشيرًا إلى ان هذه المؤتمرات ستخلق صراعًا  داخل البيت السني، ولا يخفى أن تكون هناك ممانعة من بعض القوى في دول المنطقة من تكوين اقليم عربي سني في داخل العراق"، متابعًا أن " تشكيل الاقليم السني لم يكن مشروعًا  مطروحاً بقوة قبل دخول داعش وبالتالي اسئلة كثيرة تحتاج لاجوبة، هل باستطاعة المكون السني حماية السنة وخصوصا بعد دخول داعش والذي سبب أزمة ثقة بالكتل والاحزاب السنية".
 
ولفت القيادي في اتحاد القوى العراقية، محمد الخالدي، إلى أن "سنة العراق منقسمون ولا يمكن اعتبار الطائفة السنية موحدة في الاراء والاهداف والرؤى، كما أن "نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي لا يعد ممثلا للمكون السني في المؤتمر الأميركي السعودي العربي السني المنعقد في رياض لكونه ينحاز إلى جهة معينة "، مشيرا إلى أن" الولايات المتحدة هي الراعية للمؤتمر ويجب ان يكون هناك تمثيل حقيقي للمكون السني وليس من ينحاز إلى جهات على حساب جهات اخرى".

واضاف أن " هكذا مؤتمرات تؤسس للتقسيم ، وتكوين اقليم عربي سني وبداية للتحرك الحقيقي نحو التقسيم الذي يشار اليه في اكثر من جهة راعية للتقسيم داخليًا وخارجيًا"، مؤكدا "مساع لانشاء جبهة سنية بقيادة أميركية وبعض دول الجوار الاقليمي ضد محور شيعي روسي ترعاه  ايران" . مبينا ان" تغييب الشيعة من المؤتمر مقصود لولادة اقليم سني"، كما اشار إلى أن المؤتمر الذي يعقد في الرياض يعد تمهيدا لمشروع التقسيم ،لافتاً النظر إلى ان" الرؤية اتضحت ولا خيار سوى التقسيم ، شئنا ام أبينا، وبالتالي سيكون التوجه الحقيقي تكوين مناطق سنية وشيعية وكردية ليس في العراق فقط بل في دول العالم".

من جهته اعتبر النائب عن التحالف الوطني صادق اللبان، أن ما يعول على هكذا مؤتمرات هو بناء مواقف وطنية باجماع القيادة العراقية وان يحمل تنفيذًا حقيقيًا، لكن ما تتضح ملامحه في مؤتمر الرياض، أنه منحاز لجهة معينة "، وهذا "ما يؤكد أن المؤتمر لا يصب في المصلحة الوطنية ويدعو إلى خلق الازمات بين الطوائف والكتل السياسية وبرعاية أميركية"، وأضاف أن "الراعين للمؤتمر لهم مواقف غير مشرفة مع العراق وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي تعمل على ترسيخ مصالحها في المنطقة ولا تحمل ابعادًا داعمة للعراق والعمل على خلق جو مشحون بالنعرات الطائفية والعرقية"، كما عدّ " استبعاد الجبهة الشيعية مقصودا وخسارة للولايات المتحدة  في حلفها الجديد"، محذرًا من" توصيات تلك المؤتمرات  في ما يتعلق باقرار التقسييم لمناطق شيعية وسنية وكردية عبر الاقاليم بالتزامن مع توجهات بعض الدول المجاورة الراعية للتقسيم في العراق" .

وأعلن نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي مشاركته في مؤتمر القمة الاسلامية الأميركية الذي سيعقد الاحد في العاصمة السعودية الرياض.

© العرب اليوم 2017