23 09 2017

   تصدى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمارات العامة، منذ تدرجه في المناصب القيادية في المملكة العربية السعودية، وخلال فترة قصيرة جدا لتحديات سياسية واقتصادية وتنموية توصف بالصعبة جدا.

ويعطي اختيار الأمير الشاب من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، وليا للعهد دفعة قوية للإصلاحات الاقتصادية في السعودية، إذ يعتبر المهندس الحقيقي لـ "رؤية 2030"، التي تهيئ اقتصاد المملكة للانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط.

ولم يكن تدرج الأمير محمد بن سلمان لهذه المناصب، مفاجأة، بل كان تتويجا لما بذله من جهود عظيمة وهائلة تمثلت في إصلاحات اقتصادية عبر برامج "رؤية المملكة 2030"، وذلك بمشاركة جميع وزارات الدولة والقطاع الخاص.

كما لم تثن التحديات التي تواجه المنطقة من تردي أسعار البترول وما تمر به المنطقة من ظروف سياسية عصيبة، الأمير الطموح من المضي قدما للإصلاح ورسم خطة تنموية اقتصادية هائلة أذهلت أكثر دول العالم تقدما من خلال طرح "رؤية 2030" وبرنامج التحول الوطني 2020 لتنويع الاقتصاد وإحلال بدائل للنفط الذي يعتبر المغذي الرئيس للاقتصاد في المملكة، ومن ثم العمل على توقيع شراكات لدخول شركات عالمية للاستثمار في السوق السعودي.

وتتضمن "رؤية السعودية 2030" خطة ما بعد النفط للمملكة التي جرى الإعلان عنها في 25 نيسان (أبريل) 2016، عدة برامج اقتصادية واجتماعية وتنموية رائدة، وتشتمل الخطة على إصلاح في الموازنة العامة، وتعزيز الجهاز الحكومي، والقطاعات الإنتاجية والصناعية غير النفطية.

واستهدف ولي العهد الذي أدهش العالم لدرجة أن وصفه بعض الدبلوماسيين بأنه "رجل كل شيء"، العمل على إيجاد حلول اقتصادية في المملكة وعدم الاعتماد على النفط كمورد اقتصادي وحيد، والعمل على تنوع مصادر الدخل وابتكار وسائل ومصادر جديدة تغذي الاقتصادي الوطني، وقد حقق في هذا الصدد نجاحا كبيرا، شهدت به الأواسط الاقتصادية والخبراء الاقتصاديون داخل وخارج المملكة.

وشرّع الأمير محمد بن سلمان آفاقا أوسع برؤية أشمل تتخطى حاجز الحاضر وتستشرف المستقبل إلى الأمد الذي يسهم في بناء اقتصاد صلب يواجه متغيرات العصر كافة، ويوفر رفاهية العيش للأحفاد والأجيال المقبلة.

ولا غرابة أن يحقق الأمير محمد بن سلمان تطلعات ملكه وشعبه المحب، الذي أدهشه تحقيقه للنجاح تلو النجاح منذ تعيينه مستشارا لوالده الذي كان أميرا لمنطقة الرياض، ليتولى بعد ذلك مسؤوليات أخرى كان خلالها أنموذجا للشباب الطموح المثابر الذي يعشق ويقبل التحدي محققا النجاح وسط كل الظروف بصورة أدهشت كل من حوله.

نجاحات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لم تكن على المستوى الاقتصادي فحسب، فله نجاحات أخرى في الجانب الأمني والعسكري، فمنذ توليه أعباء وزارة الدفاع عمل على تحالفات قوية تصب في مصلحة المملكة لتمكنها من تعزيز الاستقرار بالمنطقة ومن حولها، حيث كان أول تحالف قام به في عاصفة الحزم لإرجاع الشرعية إلى اليمن الشقيق.

و فضلا عن ذلك فقد كان مهندسا للتحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي أطلق في 15 كانون الأول (ديسمبر) 2015، بقيادة السعودية، ويضم 41 دولة مسلمة، ويملك غرفة عمليات مشتركة مقرها الرياض لمكافحة التطرف والفكر الإرهابي، وقد عمل عليه فترة طويلة لإنشاء قوة إسلامية تردع أي عدوان يستهدف أمن المملكة والمنطقة.

وجاءت "عاصفة" الحزم" لإعادة الشرعية في اليمن لتسجل نجاحا فريدا من نوعه في سجل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الناصع الذي ينم عن قراءة متأنية وحكيمة لدرء الشر وإحكام السيطرة عليه من منابعه، حيث تحركت العاصفة استجابة للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي نتيجة قيام القوة الانقلابية الحوثية والقوات التابعة للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بالتعدي على الشعب اليمني وتسخير اليمن لتنفيذ أجندات خارجية تهدد الأمن الإقليمي.

ونجحت العاصفة في حماية الشرعية اليمنية المتمثلة في الرئيس هادي الذي تمت حمايته، ووصل بالفعل إلى الرياض بعد نحو 24 ساعة من انطلاق العمليات العسكرية، وكان في استقباله ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ورئيس الاستخبارات السعودية، وأسهمت هذه الخطوة العظيمة الجريئة في إزالة التهديد على أمن المملكة ودول الجوار.

ووقف، الأمير محمد بن سلمان وقفة للتاريخ أمام إيران، مؤكدا على أن المملكة العربية السعودية "لن تُلدغ" من إيران مجددا، مشددا على أنه لا توجد نقاط التقاء بين الرياض وطهران للحوار والتفاهم، حيث أكد أنه نظام قائم على أيدولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره ومنصوص عليها في وصية (زعيم الثورة الإيرانية الراحل، روح الله الموسوي) الخميني بأنه يجب أن يسيطروا على مسلمي العالم الإسلامي ونشر المذهب الجعفري الاثني عشري الخاص فيهم في جميع أنحاء العالم الإسلامي حتى يظهر المهدي الذي ينتظرونه.. وقال: "هذا كيف أقنعه؟ وما مصالحي معه؟ وكيف أتفاهم معه؟"

وعلى الجانب الأمني، أبرم الأمير محمد بن سلمان اتفاقية لتأسيس شركة متخصصة للصناعات العسكرية في مايو 2017 لتوطين نسبة 50 في المائة من الإنفاق الحكومي العسكري، ويتوقع أن تصبح ضمن مصاف أكبر 25 شركة صناعات عسكرية عالمية مع حلول 2030.

أما الجانب التنموي، حيث تشكل السياحة أحد أهم القطاعات الاقتصادية في "رؤية 2030"، فقد أعلن الأمير محمد بن سلمان، عن إطلاق مشروع سياحي عالمي في المملكة تحت مسمى مشروع "البحر الأحمر"، يقام على أحد أكثر المواقع الطبيعية جمالا وتنوعا في العالم، بالتعاون مع أهم وأكبر الشركات العالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وذلك على بُعد مسافات قليلة من إحدى المحميات الطبيعية في المملكة والبراكين الخاملة في منطقة حرة الرهاة.

وسيشكل المشروع وجهة ساحلية رائدة، تتربع على عدد من الجزر البكر في البحر الأحمر، وإلى جانب المشروع، تقع آثار مدائن صالح، التي تمتاز بجمالها العمراني وأهميتها التاريخية الكبيرة.

كما ستتاح للزوار على بعد دقائق قليلة من الشاطئ الرئيس، فرصة التعرف على الكنوز الخفية في منطقة مشروع "البحر الأحمر"، ويشمل ذلك محمية طبيعية لاستكشاف تنوع الحياة النباتية والحيوانية في المنطقة.

وسيتمكن هواة المغامرة من التنقل بين البراكين الخاملة الواقعة بجوار منطقة المشروع، وعشاق الغوص من استكشاف الشعاب المرجانية الوفيرة في المياه المحيطة به.

وقبل ذلك كشف عن إنشاء مشروع "القدية" الترفيهي في نيسان (أبريل) 2017 الذي يعتبر أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم، باستثمارات قدرها 100 مليون ريال سعودي ينفقها المواطنون حاليا على الترفيه في الخارج سنويا.

وفي الجانب الإنساني، أسس جمعية مسك الخيرية عام 2011 التي تعنى بثلاثة مجالات رئيسة هي التعليم والثقافة والإعلام لتكرس جهودها لتنمية مهارات القيادة لدى الشباب وتشجيع المبادرات الإبداعية، والحضانة التي تضمن استدامتها ونموها.

لأنه طالما عشق الطموح والتحدي والبحث عن كل ما من شأنه رفع مكانة المملكة داخليا وخارجيا، فعمل الأمير محمد بن سلمان على تعزيز مكانة المملكة الخارجية اقتصاديا ودبلوماسيا وسياسيا.

وقام ولي العهد بجولات مكوكية كبيرة على مستوى العالم، متنقلا ما بين أمريكا وروسيا والصين واليابان ودول متعددة في المنطقة، للبحث عن تحالفات وحلول سياسية للكثير من قضايا المنطقة تصب كلها في تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية من الجوانب كافة الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، فازدادت بذلك المملكة قوة ومتانة وتعززت مكانتها المرموقة عربيا وإقليميا وعالميا.

حقا لا عجب أن يزهو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز بلقب رجل المهمات الصعبة وعاشق التحديات ومهندس النجاحات، كيف لا وهو رجل المرحلة القادمة المزهرة التي تتطلب وجود وجوه شابة طموحة في مناصب قيادية كبيرة، تملك التحدي وتعشق النجاح وتلبي التطلعات وتنبئ بمستقبل وارف مشرق يتباهى به الصغار قبل الكبار.

© الاقتصادية 2017