23 07 2017

فتحت تونس ملف تزوير الإنتخابات في العهد السابق طيلة العقود الماضية وذلك عبر تنظيم جلسات استماع علنية لشخصيات مطلعة آنذاك، في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد مشروع قانون المصالحة مع موظفين في العهد السابق ووزراء يواجهون قضايا فساد واستغلال نفوذ.

وتركزت جلسة الاستماع العلنية التي عُقدت الجمعة بشأن تجارب بعض المسؤولين في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة والرئيس السابق زين العابدين بن علي في مجال تزوير الانتخابات علمًا أن تونس شهدت منذ الاستقلال "1956" 9 استحقاقات انتخابية رئاسية و12 برلمانية و13 بلدية واستفتاءً واحدًا.

وأوضحت رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة "هيئة مستقلة مختصة في العدالة الانتقالية" سهام بن سدرين أن "النظام السابق اعتمد نظام قوائم الغالبية في دورة واحدة مع منع أي مزج بين مرشحي القوائم المتنافسة ما أدى إلى سيطرة مطلقة للحزب الحاكم على المؤسسات التشريعية والبلدية والتنفيذية"، وقالت بن سدرين إن "هذا الخيار أدى إلى إقصاء أية شخصيات غير موالية للسلطة وأنتج نمطًا انتخابيًا امتد على مدى نصف قرن وهيئات خالية من أية مشاركة للمعارضة أو لمستقلين"، معتبرةً أن هذا النظام حرم التونسيين من ممارسة سيادتهم.

وأكد وزير الداخلية في عهد بورقيبة، إدريس قيقة في شهادته العلنية، أن "تونس فوتت على نفسها أشواطًا مهمة ومفصلية من الديموقراطية لو لم تُزيَّف إرادة الشعب"، مشيرًا إلى أن وزراء "وأبرزهم رئيس الحكومة السابق محمد مزالي" ومحافظين أشرفوا على تزوير الانتخابات وأضاف إدريس قيقة، أبرز وجوه الحزب الدستوري الحاكم زمن بورقيبة، أن "وزير الداخلية كان آنذاك يكتفي بإعلان النتائج التي ترد إليه من المعتمديات والمحافظات".

وأردف "الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة كان يعتبر أن الديموقراطية ليست ضرورية ما دام هو رئيسًا للبلاد" وصرح المحافظ السابق للعاصمة في بداية الثمانينات، مهذب الرويسي بأن رئيس الحكومة "وكاتب عام الحزب الحاكم آنذاك" كانت له سلطة كبيرة في تزوير الانتخابات، معتبرًا أن بورقيبة لا يقبل مَن يزاحمه في الانتخابات وفِي الحياة السياسية عامة.

وأضاف الرويسي الذي كان من أبرز أركان نظام بورقيبة، أن "زوجة الرئيس بورقيبة كانت المشرفة على الشأن السياسي وكان لها دور مهم في الانتخابات وإدارة السياسية من وراء الستار، مضيفًا أنها كانت تتابع المنافسين والمعارضين وتعد قوائم وهمية للإيهام بالديموقراطية والتنافس، وفي المقابل، أكد مرشح سابق عن حزب الديموقراطيين الاشتراكيين، حزب منشق عن بورقيبة في سبعينات القرن الماضي، أن "الانتخابات كانت تتم في جو من الترهيب والعنف والتهديد بالقتل من قبل ميليشيات الحزب الحاكم"، واعتبر أن سيطرة الحزب الدستوري على أجهزة الدولة هو سبب فشل تونس سياسيًا منذ الاستقلال وحتى الثورة.

وتأتي هذه الجلسة العلنية، السابعة منذ انطلاق مسار العدالة الانتقالية في تونس منذ 3 سنوات، قبل أشهر من تاريخ الانتخابات البلدية في كانون الأول /ديسمبر المقبل.

© المغرب اليوم 2017