19 10 2017

مدينة الكويت، دولة الكويت.

أعْلنت مؤخرًا مجموعة ("ديليفري هيرو")، وهي شركة أوربية عالمية رائدة في مجال توصيل الطعام عبر الإنترنت، عن استحواذها على شركة "كاريدج"- وهي منصة تشغيل كويتية شابة سريعة النمو، تعمل في خدمة توصيل الطعام في دول مجلس التعاون الخليجي. وفي عام 2015، استحوذت مجموعة "ديليفري هيرو" على شركة "طلبات"، وهي شركة توصيل طعام كويتية أخرى تعمل في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي، مقابل ما يقرب من 50 مليون دينار كويتي.

ويبدو أن استحواذها على "كاريدج" سيكون خطوة طبيعية إلى الأمام لعرضها الحالي تحت العلامة التجارية لشركة "طلبات"؛ وتأمل الشركة أن يمكنها هذا الاستحواذ من تثبيت أقدامها في منطقة مجلس التعاون الخليجي. وبالنسبة لشركات مثل "ديليفري هيرو"، أصبحت منطقة مجلس التعاون الخليجي منطقة جذب متزايدة؛ حيث أظهرت المنطقة إمكانات كبيرة للنمو، مع استمرار سوق توصيل الطعام في التطور والنضوج.

وتشير التطورات الجديدة إلى أنَّ السلطات الكويتية المحلية بصدد القيام بإلقاء نظرة فاحصة على عملية الاستحواذ حتى تحدد إذا ما كان سينتج عن ذلك أضرار بمناخ المنافسة في الكويت.

تم إنشاء جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بموجب القانون رقم (10) لسنة 2007، وهو يتبع وزارة التِجارة والصناعة؛ وقد اعتبر الجهاز أنَّ الاستحواذ على "كاريدج"، التي تعمل الآن في دولة الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى بمقتضى العلامة التِجارية لشركة "طلبات"، قد يضُر بالمنافسة داخل سوق توصيل الطعام، ومن المحتمل أن يتسبب هذا في احتكار هذه الخدمات من قبل مشغل واحد وهو شركة "ديليفري هيرو". وتبعًا لذلك، ينظر الجهاز الآن في هذه المسألة، وقد تم إيقاف عملية الاستحواذ لحين صدور قرار نهائي.

ووفقًا لقانون المنافسة، تحظر الممارسات الاقتصادية الضارة التي ينتج عنها منافسة غير عادلة؛ كما تنص المادة (4) من قانون المنافسة على تفاصيل الأنشطة المختلفة المحظورة، ومنها على سبيل المثال ما يلي:

·         التلاعب بالأسعار أو تثبيتها من خلال معاملات وهمية، بما يتعارض مع مبادئ السوق، أو بغرض الإضرار بالمنافسين.

·         الحد من حرية تدفق البضائع للسوق أو خروجها منه بصورة كلية أو جزئية دون وجه حق، أو إخفائها أو عن طريق الامتناع عن التعامل فيها.

·         منع أو عرقلة منافس من القيام بأنشطته التجارية في السوق.

·         بيع البضائع بأقل من تكلفتها الفعلية بهدف الإضرار بالمنافسين.

·         وضع نصوص في شروط المناقصات تسمى فيها علامة تِجارية معينة أو صنف السلع المراد شراؤه.

·         تقسيم السوق من خلال تصنيفها حسب التوزيع الجغرافي، أو مراكز التوزيع، أو نوعية العملاء أو السلع، أو المواسم، أو الفترات الزمنية بقصد الإضرار بالمنافسة.

·         إهدار تكافؤ الفرص بين المتنافسين بتمييز بعضهم عن البعض الآخر في شروط اتفاقيات البيع أو الشراء دون وجه حق، أو بتسريب معلومات لصالح أحد المتنافسين دون غيره.

في الحالة الراهنة لمحاولة مجموعة "ديليفري هيرو" في الاستحواذ، قد يرى الجهاز أن هذا الاستحواذ قد يمنع أو يعيق المنافس من الدخول أو القيام بالأعمال التِجارية في سوق توصيل الطعام، وهو ما سيؤدي إلى الإخلال على الأقل بأحد أحكام المادة (4).

وبغض النظر عما سبق ذكره، تملك مجموعة "ديليفري هيرو" الخيار في أن تتقدم بطلب الحصول على إعفاء فيما يتعلق باستحواذها على شركة "كاريدج"؛ وتنص المادة (5) من قانون المنافسة على أن: "للجهاز الحق في السماح ببعض الممارسات والاتفاقيات والعقود والقرارات التي من شأنها أن تحد من المنافسة، وتحقق منافع محددة وواضحة للمستهلك، والتي من شأنها أن تتجاوز آثار الحد من حرية المنافسة". ولذلك، إذا طالبت مجموعة "ديليفري هيرو" بالحصول على هذا الإعفاء، ورأى الجهاز أن الفائدة التي ستعود على المستهلك، فيما يتعلق بهذا الاستحواذ، تفوق أي تأثير ضار قد يسببه الاستحواذ على المنافسة، فإنه سيسمح بالمضي قُدمًا في استكمال عملية الاستحواذ.

إن عملية المراجعة ليست سهلة، وقد تكون في بعض الأحيان محبطة ومخيفة للشركات التي تتوق للمضي قدمًا باستثماراتها، وتخطط لخطواتها القادمة لتحقيق استحواذ سلس. ويتعين على الأطراف المعنية، خلال هذه العملية، أن تقدم للجهاز الوثائق المختلفة للشركات مع اتفاقات الأطراف لمراجعتها؛ وإضافًة إلى هذا، يحق للجهاز أن يطلب من الشركة تقديم تقارير أخرى متعددة، ووثائق داعمة متعلقة بعملية الدمج أو الاستحواذ المقترحة، ووثائق تتعلق بالتأثير العملي والاقتصادي للاستحواذ؛ وذلك حتى يحصل الجهاز على المعلومات ذات الصلة، ويكون قادرًا على تحديد الأثر الذي من المرجح أن يحدثه هذا الأمر على قطاع معين بالسوق. وفي ظروف معينة، يلتزم الطرفان بإخطار الجهاز عن نيتهم في الدمج أو الاستحواذ، قبل 60 يومًا على الأقل من تاريخ الاستحواذ؛ وقد يؤدي الإخفاق في القيام بذلك إلى فرض عقوبات بمقتضي قانون المنافسة.

بالنظر إلى هذا الفحص الدقيق من قبل جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار في الكويت، فإنه من الحكمة بالنسبة للشركات أن تنظر بعناية في الأحكام المتعددة لقانون المنافسة الكويتي والتأثير الناتج عنه على قطاعات السوق ذات الصلة، وأن تكون هناك استراتيجية مناسبة للتعامل مع هذا الفحص الدقيق المحتمل حدوثه من قبل جهاز المنافسة الكويتي. وفي حالة مجموعة "ديليفري هيرو"، يبقى أن نرى إذ ما كانت الجهاز سيسمح في نهاية المطاف بالمضي قدمًا في عملية الاستحواذ على شركة كاريدج أم لا؛ حيث ستكون هذه النتيجة بمثابة دليل هام للشركات الأخرى التي تنظر في عمليات الاستحواذ المشابهة في دولة الكويت. 

طارق أبو مريم/لولوه الحماد - t.abumarian@tamimi.com  - l.alhammad@tamimi.com

© Al Tamimi & Company 2017