29 03 2017

30 مليون شخص يعانون من انعدام حاد بالأمن الغذائي

 تدهورت وبشكل حاد حالة الأمن الغذائي ومستويات التغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا خلال الأعوام الخمسة الماضية وبما يقوض التقدم الثابت الذي تحقق قبل العام 2010 عندما زاد انتاج الغذاء وانخفضت مستويات نقص التغذية والتقزم وفقر الدم والفقر، بحسب تقرير جديد صدر عن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) امس.

وأشار التقرير الذي نشر حمل عنوان "نظرة إقليمية عامة حول انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا" إلى أن "سبب هذا التدهور الرئيس انتشار وكثافة النزاعات والأزمات المطولة".

وبحسب تقييم أجرته منظمة (الفاو) باستخدام مقياس تجربة انعدام الأمن الغذائي، فإن "نسبة انتشار انعدام الأمن الغذائي الحاد بين فئة البالغين في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا كانت قريبة من 9.5 % في العامين 2014 و2015، وهو ما يمثل حوالي 30 مليون شخص".

 وقال المدير العام المساعد والممثل الاقليمي للمنظمة في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا عبد السلام ولد أحمد "تواجه المنطقة تحديات غير مسبوقة لتحقيق أمنها الغذائي نظراً لمخاطر عديدة ناتجة عن النزاعات، وندرة المياه، والتغير المناخي"، لافتا إلى أن دول المنطقة "تحتاج إلى تنفيذ استراتيجية إدارة مياه طويلة الأجل وشاملة ومستدامة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في التخلص من الجوع بحلول العام 2030".

 وأضاف "إن توفير بيئة سلمية ومستقرة شرط أساس ليتمكن المزارعون من الاستجابة لتحديات ندرة المياه والتغير المناخي"، لكن عوضا عن ذلك فقد تسبب تزايد حدة الأزمة السورية على وجه الخصوص خلال الفترة من 2015-2016، في جعل أكثر من نصف السكان بحاجة للمساعدات الغذائية وتسبب بلجوء حوالي 4.8 مليون شخص، إلى الدول المجاورة"، فيما تشهد، وبالتزامن أعداد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي والنازحين في كل من العراق واليمن، تزايدا ملحوظا أيضا.

وإلى جانب النزاعات والأزمات، يشير التقرير إلى ندرة المياه والتغير المناخي بوصفهما التحديين الأساسيين أمام القضاء على الجوع وتحقيق الأمن الغذائي وتحسين التغذية ونشر الزراعة المستدامة بحلول 2030. 

وتعتبر ندرة المياه العامل الأساسي الذي يعيق الإنتاج الزراعي في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، وهي أيضا السبب الأساس لإعتماد الإقليم على استيراد الأغذية.

ويبني التقرير على الأدلة المتراكمة في إطار مبادرة ندرة المياه في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا التي تبين أن "من المتوقع أن يؤثر التغير المناخي على الأبعاد الأربعة الخاصة بالأمن الغذائي؛ وهي توفر الغذاء، والقدرة على الحصول عليه، واستقراره واستخدامه، وستظهر معظم تأثيرات التغير المناخي من خلال قطاع المياه".

كما تؤكد المراجعة الإقليمية لمنظمة (الفاو) على ضرورة وضع وتنفيذ استراتيجيات لتحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية والتكيف مع تأثيرات التغير المناخي على قطاعي المياه والزراعة.

ويوثق التقرير العديد من التجارب الإيجابية في الإدارة المستدامة لموارد المياه والتكيف مع التغير المناخي في الإقليم، كما يُسلط الضوء على أهمية تسريع وتيرة الاستثمارات الرامية إلى تحسين كفاءة استخدام المياه وإنتاجيتها، فضلا عن الحاجة لإحداث تحول في أنماط زراعة المحاصيل والاتجاه نحو محاصيل أقل استهلاكاً للمياه.

ويستعرض كذلك عدداً من الخيارات الأساسية الأخرى للتكيف مع آثار التغير المناخي على قطاعي المياه والزراعة، بما في ذلك الحاجة إلى وضع إجراءات الحماية الاجتماعية وتنفيذها لبناء قدرة المزارعين على الصمود في وجه الأحداث المتطرفة، والحد من الفاقد الغذائي والارتقاء بمستوى سياسات التبادل التجاري، لكنه يركز في المقابل على أهمية بناء قاعدة قوية للأدلة، بهدف تقييم أثر التغير المناخي على الأمن الغذائي وصياغة إجراءات مناسبة ومرنة للتكيف المائي والسياسات الزراعية. 

ويدعو التقرير إلى تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات الكبيرة التي تفرضها ندرة المياه وتغير المناخ، والبناء على الإرادة السياسية القوية التي عبر عنها القادة السياسيون في الإقليم، إلى جانب البناء على التجارب الإيجابية في العديد من الدول.

وأشار ولد أحمد إلى أن "الزراعة المستدامة وإدارة المياه ينبغي أن تشتمل على استراتيجيات وسياسات لتحسين كفاءة أنظمة الري، ونظام لإدارة المياه الجوفية المستدامة، والتشجيع على تقديم حوافز للمزارعين للتحول إلى زراعة محاصيل ذات عائدات اقتصادية أعلى لكل قطرة مياه، وتقليص الفاقد والمهدر من الأغذية، وتشجيع الاستهلاك المستدام للحبوب وتحسين قدرة السكان الضعفاء والمزارعين على تحمل صدمات تغير أسعار المواد الغذائية والصدمات المناخية".

وقال "ما يزال تحقيق الأمن الغذائي في المتناول، شريطة أنْ نبذل جهوداً متضافرة ونتخذ الخطوات الصحيحة الآن".

© Alghad 2017