19 02 2017

بدأ العد التنازلي لتطبيق التجنيد الإلزامي على شباب الكويت، اعتباراً من منتصف العام الحالي، بعد غياب استمر 16 عاما، وتحديدا منذ إيقاف العمل به في 2001 لأسباب متعددة آنذاك.

القبس استطلعت آراء مجموعة من الطلبة الجامعيين عن عودة التجنيد، وآراء أكاديميين ومسؤولين عن تأثيره في الجوانب التعليمية والاجتماعية والنفسية على الشباب.
وبينما انقسم الطلبة في آرائهم بين من يرونه «ضرورة» من أجل الكويت، ومن رأوه سببا للمعاناة والمشاكل للشباب واهاليهم، اتفق الأكاديميون على أهميته وفوائده للكويت وشبابها معاً، لكنهم أبدوا خشيتهم من تكرار ما حدث في التجربة السابقة منه في تجربة التجنيد الجديدة.

بداية، قال طالب كلية الهندسة والبترول عبدالله العلي: أرى أهمية كبيرة لعودة التجنيد الإلزامي بالنسبة للكويت، لتوفير شباب مدرب على حمل السلاح ومستعد للدفاع عن الوطن في وقت الخطر، وهو ما تحتاجه بلادنا خلال الفترة المقبلة، لاسيما في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث وتهديدات خطيرة.

وحول مدى تأثيره على التعليم، أكد العلي أنه لن يكون هناك تأثير على الطلبة، لاسيما أن القانون فتح المجال لهم لإنهاء تعليمهم في كل المراحل الدراسية، بمن فيهم طلبة الكليات الجامعية حتى سن 26 عاما، وإلى سن 28 عاما، بينما جعل السن لطلبة الدراسات العليا حتى 34 عاماً.

عودة ضرورية
بدوره، رأى زميله سعد العنزي ان منطقة الخليج تمر بظروف أمنية حرجة تهدد الاستقرار، وذلك يستدعي جهوزية شباب الكويت وتدريبهم على الشؤون العسكرية استعدادا للأخطار المحدقة، وذلك لا يتحقق إلا بالتجنيد الإلزامي.

وأَضاف: نسمع من آبائنا وأشقائنا ومن من سبقونا في التجنيد السابق، عن سلبيات وملاحظات منها هروب الآلاف منه بطرق مختلفة، ونحن نؤكد للمسؤولين الحاليين أن القرار بيدهم، فإذا طبقوه بالعدالة والمساواة فسيكون نعمة على الكويت وشبابها، أما إذا كان غير ذلك، فسيكون نقمة عليهم.

طرق تحفيزية
من جانبه، قال طالب كلية العلوم، عيسى شهاب: الكويت كانت وما تزال بحاجة إلى جهود أبنائها، فهم سندها وقوتها في وقت الملمات. لذلك أرى أهمية عودة التجنيد الإلزامي، والكثير من الشباب بحاجة إلى حافز لخدمة وطنهم والالتحاق بالتجنيد، وعلى الجهات المعنية التوعية بأهميته للدولة وفوائده على شبابها.

واعتبر شهاب ان التجنيد سيعطي الشباب الكثير من الصفات الحميدة، مثل القوة والشجاعة والالتزام، كما سيعالج بعض السلوكيات، التي انتشرت بين بعض الشباب في المجتمع خلال السنوات الأخيرة، والتي تخالف الدين الإسلامي والعادات الاجتماعية لأهل الكويت.

آراء معارضة
في الجانب الآخر، اعتبر طالب كلية الآداب، خالد الشمري، أن التجنيد الإلزامي يقيد حرية الشباب، لا سيما أنه يبدأ بسن مبكرة، يكون الطالب قد أنهى الثانوية ومقبل على الدراسة الجامعية، وفي حال تأجيله الالتحاق حتى تخرجه من الجامعة، فسيكون حينها راغبا بالعمل في مجال تخصصه مهندسا او طبيبا أو غير ذلك، ليفيد نفسه ويخدم وطنه.

زميله الطالب حمد الغازي، يرى أن تشجيع الشباب على الدراسة والعمل والإنتاج، يتعارض مع قانون التجنيد الإلزامي، خاصة أن فترة التجنيد المحددة لا تقل عن عام، تشمل تدريباً عسكرياً وفترة خدمة، وفي حال عدم اجتياز الشاب فترة التدريب العسكري بنجاح تتم إضافة 3 أشهر أخرى عليه.

وأضاف: كنا نأمل ألا تزيد المدة الإلزامية للخدمة العسكرية على 6 أشهر كحد أقصى، بدلا من جعلها من 12 شهرا إلى 15 شهرا كما ورد بالقانون، حتى لا تسبب للشباب مشاكل دراسية أو عملية أو اجتماعية.

دراسة وأعمال
بدوره، أكد طالب كلية التربية، محمد الطالب، أن الكثير من الشباب سيواجهون صعوبة في الاهتمام بدراستهم أو وظائفهم مع وجود التجنيد الإجباري، مؤكدا أن التجنيد لا يتماشى مع خطط وتوجهات الدولة الخاصة للشباب، مثل الاهتمام بالتعليم والمشاريع التجارية وغيرهما الكثير.

وشدد على ان من يتحدث عن أهمية التجنيد الإجباري عسكرياً، نقول له ان الكويت موقعة على اتفاقيات أمنية وعسكرية مع دول عدة لمواجهة أي أخطار خارجية، أما من يتحدث عن أن التجنيد يساهم في القضاء على السلبيات الموجودة لدى بعض الشباب، فنقول له ان الأسرة والمدرسة هما أساس التربية على حسن الأخلاق والثقافة الاجتماعية.

«الخدمة العسكرية».. في سطور
إعداد مركز المعلومات في «القبس»

● 2015/4/7: نجح مجلس الأمة، بعد مخاض طويل، في طي ملف التجنيد الإلزامي عبر إقرار المداولة الثانية لقانون الخدمة الوطنية. وأعلن نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع خالد الجراح أن القانون سيتم تطبيقه بعد سنتين.

ونصت المادة الأولى من القانون على أن الخدمة الوطنية العسكرية «خدمة واجبة على كل كويتي من الذكور أتم الـ 18 من عمره ولم يتجاوز الـ 35 عند العمل بهذا القانون».

● 2016/11/10: أكد مصدر عسكري رفيع أن وزارة الدفاع خصصت مواقع لتدريب الخاضعين للخدمة العسكرية الإلزامية في وسط وشمال وجنوب البلاد.
وأشار إلى أنه سيتم استقبال آلاف المجندين خلال النصف الأول من 2017.

وكشف المصدر ان وزارة الدفاع تسعى إلى الاستعانة بالقانون لإنشاء جيش احتياطي مدرب على كل الأسلحة لتعزيز القوة الدفاعية والتعبئة العسكرية.

● 2017/2/4: صدر قرار وزاري بشأن اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة الوطنية العسكرية، وجاء في المادة 1 من القرار: «تنشأ هيئة تسمى «هيئة الخدمة الوطنية العسكرية» تتبع رئيس الأركان العامة للجيش، وتتولى تنفيذ أحكام قانون الخدمة الوطنية العسكرية».

● 2017/2/6: دخل قانون الخدمة الوطنية العسكرية حيز التنفيذ اثر نشر لائحته التنفيذية في الجريدة الرسمية «الكويت اليوم». وقد حددت اللائحة 4 مراكز لفحص المجندين طبياً، وأشارت إلى أن مدة التدريب العسكري للمجندين 4 أشهر. واعتبرت اللائحة كل مكلف أو احتياطي موجود داخل البلاد متخلفاً عن أداء الخدمة ما لم يلتحق بها خلال 7 أيام من التاريخ المحدد للالتحاق بما فيها أيام العطل والإجازات. امام المقيمون في إحدى الدول العربية، فلا يعدون متخلفين إلا بالتأخر أكثر من 20 يوماً، فيما تمتد مهلة المقيمين في إحدى الدول الأجنبية إلى 40 يوماً. وأوجبت اللائحة على كل مكلف ان يخطر هيئة الخدمة الوطنية العسكرية بمحل إقامته وجهة عمله إذا طرأ عليهما أي تغيير، وذلك في غضون 30 يوماً فقط من تاريخ التغيير.

عميد شؤون طلابية بالجامعة: التجنيد لا يؤثر في الجانب التعليمي

أعلن العميد المساعد للشؤون الطلابية في كلية الهندسة والبترول د. خالد الهزاع، تأييده بكل قوة لعودة تطبيق التجنيد الإلزامي من جديد بالبلاد، مؤكدا ان فوائده للكويت وشبابها في آن واحد.

وأضاف الهزاع لـ القبس ان التجنيد سيمنح شبابنا الكثير من الصفات الايجابية، مثل تعزيزه لروح التضحية وقوة التحمل والاعتماد على النفس، بينما سيوجد للدولة صف ثانٍ مدرب ومهيأ للاستعانة به في حال حدوث أي ظرف طارئ قد يشكل خطرا على أمن الكويت في المستقبل.

وعن مدى تأثيره في التعليم، أكد الهزاع أن القانون فتح مجالا للتأجيل الدراسي سواء للطالب في المرحلة الثانوية أو الجامعية، وكذلك الدراسات العليا، مشيرا إلى أن تأجيل الشاب الالتحاق بالتجنيد في سن الـ 18 إلى ما بعد نهاية دراستهم الجامعية أفضل بكثير.

ولفت إلى ضرورة تنظيم ندوات تعريفية وحملات توعوية من قبل الجهات المسؤولة عن قانون التجنيد، على أن تشمل كل المؤسسات التعليمية بالبلاد لتعريف أبناء الكويت بالحقوق الواردة لهم بالقانون والواجبات المطلوبة منهم فيه.

علم النفس: معارضو «التجنيد الإلزامي» اعتادوا «الوناسة»

بين أستاذ علم النفس في جامعة الكويت د. خضر البارون، أن الكثير من شباب الكويت يرفضون التجنيد ولا يودون تطبيقه، لأنهم يرونه التزاماً وارهاقاً لم يتعودوا عليه، حيث تعودوا على الراحة والوناسة.

وشدد البارون على ضرورة العمل عبر وسائل مختلفة على تشجيع الشباب الكويتي وتهيئتهم للتجنيد الإلزامي قبل البدء فعليا في تطبيقه، حتى لا يكون هناك تأثير سلبي شخصيا ونفسيا عليهم، مع تعريفهم بكيفيته ومواده وشروطه منذ الآن، وإبلاغهم أنه مطبق في معظم الدول. وعن توقعاته للقانون مستقبلاً، قال: نجاحه مرتبط بطريقة تطبيقه، ففي حال الالتزام بالعدالة والمساواة مع المجندين، ولا يترك للواسطة أو التفرقة أي مجال، فسينجح ويستمر ويجني الوطن فوائده عسكرياً وأمنياً، أما إذا أعيد تكرار ما حدث بالتجنيد السابق، فسيكون الفشل مصيره.

علم الاجتماع: «التجنيد الإلزامي» يعالج سلوكيات خاطئة

أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت د. جميل المري، أن ترقب معظم أهل الكويت لعودة تطبيق التجنيد الإلزامي بعد أشهر، يجعلهم يتذكرون ما شهده التجنيد السابق من سلبيات وتجاوزات أدت إلى إيقاف العمل به في نهاية المطاف.

وأضاف المري لـ القبس ان المجتمع الكويتي يأمل تطبيق قانون التجنيد الجديد بالعدالة والمساواة، بعيداً عن الواسطات أو المحسوبيات أو المجاملات، حتى تتحقق الفائدة المرجوة منه للكويت عسكرياً واجتماعيا، ويكون هناك رضا وقبول بين صفوف كل الشباب المجندين.

ولفت إلى أن التجنيد سيمكن المجتمع من مواجهة بعض السلوكيات التي انتشرت لدى بعض الشباب مؤخراً مثل «المياعة» وما شابه، لا سيما أنه يقوم على دورات وتدريبات في جوانب عسكرية مختلفة لمدة عام، تمنح الشاب القوة والشجاعة والانضباط.

وأشار المري إلى إمكانية الاستفادة من الشباب خلال فترة التجنيد في أمور خدمية ووطنية في مجالات مختلفة، بدلا من جلوسهم لفترات طويلة أثناء تجنيدهم في المعسكرات، حيث الخدمة العامة تكسبهم قدرات ومهارات تفيدهم في مستقبلهم، وفي نفس الوقت يكونون قد قدموا خدمة للوطن.

مراكز التدريب
سيكون جميع من أتم 18 عاما بحلول موعد تطبيق القانون محل استدعاء لأداء خدمة التجنيد الإلزامي لمدة اثني عشر شهرا، بينها ثلاثة أشهر في مراكز التدريب. وينتظر أن يتم توزيع المجندين بعد نهاية فترة التدريب على القطاعات ذات الطابع الأمني والعسكري، كالجيش ووزارة الداخلية والإدارة العامة للإطفاء والإدارة العامة للطيران المدني إضافة إلى الإدارة العامة للجمارك لسد احتياجات هذه الجهات وتوفير الكوادر البشرية اللازمة لتسيير العمل في هذه الجهات.

© Al Qabas 2017