10 07 2017

عززت 6 عوامل أساسية اختيار المملكة لاستضافة قمة مجموعة العشرين في 2020، من أبرزها الثقل السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به كركيزة أساسية للاستقرار في الشرق الأوسط والعالم. ولاشك أن الاختيار في هذا التوقيت بالذات له دلالات كبرى، إذ يعد بمثابة صفعة لمن يريدون الإساءة للمملكة وتاريخها ناصع البياض في خدمة السلم والأمن الدوليين والإنسانية جمعاء.

الثقل السياسي

يعكس اختيار المملكة لاستضافة قمة مجموعة العشرين حجم الثقة في الثقل السياسي الذي تمثله كدولة راعية للأمن والسلم الدوليين، يقودها خادم الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز رجل الدولة الحكيم الذي يتمتع بثقة وتقدير العالم، لجهوده الكبيرة من أجل مواجهة الإرهاب، ولعل آخر الخطوات في سبيل ذلك استضافة القمة الإسلامية الإمريكية مؤخرًا في الرياض التي بدأت نيابة عن العالم الحرب ضد ممولى الإرهاب، كما تعمل المملكة من أجل تسوية الصراعات المختلفة في المنطقة ولاسيما في سوريا واليمن والعراق. وبينما أثمرت الجهود السعودية عن إنشاء مركز عالمي لمكافحة الإرهاب عبر الأمم المتحدة، تحتضن الرياض مركز اعتدال الذي يتصدى لمواجهة الإرهاب فكريًا وهي المهمة الأصعب بكل تأكيد. ولم تتوقف الجهود السعودية عند هذا الحد، وإنما عملت على خدمة السلام والأمن في الشرق الأوسط، ولعل المبادرة السعودية للسلام في 2002 التي تحولت إلى المبادرة العربية تقف خير شاهد على الالتزام بالعمل من أجل الاستقرار بالشرق الأوسط.

رؤية 2030

ولعله من حسن الطالع أن تتوافق الاستضافة مع عام 2020، الذي يشهد المرحلة الأولى من تقييم رؤية المملكة 2030، والتي نستهدف خلالها هدفين أساسيين الأول الوصول إلى ميزانية متوازنة تقريبًا بين الإيرادات والمصروفات وسد العجز المالي، والثاني رفع الإيرادات غير النفطية إلى 530 مليار ريال لتقليص الاعتماد على النفط.

لقد حظيت رؤية المملكة بتقدير الأوساط الاقتصادية بداية من صندوق النقد والبنك الدوليين إلى الدول الكبرى التي وصفتها بالجريئة والقوية، وستكون الاستضافة بكل تأكيد حافزًا على المزيد من العمل، ليحتفل العالم معنا في ذلك التاريخ بالنجاح الذي تحقق بإذن الله.

قوة الاقتصاد السعودي

يتمتع الاقتصاد السعودي بإمكانات كبيرة على الرغم من التراجع الراهن في أسعار النفط، ويرجع ذلك إلى انخفاض الدين العام، حيث تعد المملكة من أقل الدول في مجموعة العشرين عند مقارنة الدين العام بالناتج المحلي الإجمالي، إذ لا يزيد حاليًا على 340 مليار ريال تمثل 12%

من الناتج المحلي الإجمالي، بينما يبلغ حجم الاحتياطي النقدي قرابة 500 مليار دولار، وهو ثالث احتياطي على مستوى العالم. ولاشك أن هذه الأدوات تعزز من مسيرة الإصلاحات وتنويع قاعدة الإنتاج بدون ضغوط كبيرة.

إنشاء الصندوق السيادي

تخطط المملكة لتحويل صندوق الاستثمارات العامة برأسماله البالغ 650 مليار ريال حاليًا إلى ترليوني دولار في عام 2030، من أجل تنويع الاستثمارات والإيرادات من الداخل والخارج وتقليص الاعتماد على النفط، ولعل طرح 5%

من أسهم أرامكو العام المقبل يمثل البداية في تكوين هذا الصندوق، الذي من المنتظر وفقًا لسمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان أن تتوزع استثماراته بين الداخل والخارج بالتساوي.

الدور السعودي في سوق النفط

تتمتع المملكة برصيد كبير من ثقة دول العالم، فهي دولة مواقف تعمل من أجل الصالح العام، ولا شك أن دورها في سوق النفط خير مثال على ذلك، لا تنطلق الرؤية السعودية في هذا الملف من منظور ضيق محدود، وإنما تسعى لاعتدال الأسعار من أجل صالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء، ولم تتغير رؤيتها على الرغم من تراجع الإيرادات من أكثر من ترليون ريال في عام 2012 إلى 329 مليار ريال في العام الماضي، لقد عرفت المملكة بالصدقية وبأنها دولة مبادئ وبالتالي لم يكن مستغربًا أن تنال شرف استضافة اجتماعات قمة العشرين التي تمثل 80% من اقتصادات العالم.

الدور التنموي السعودي

تسعى المملكة إلى تفعيل دور مجموعة العشرين لتحقيق أهدافها في خدمة الفقراء من خلال دعم تحرير التجارة وفتح أسواق الأغنياء أمام دول العالم الثالث، وهو الهدف الذي ستعمل عليه بكل تأكيد ليكون ركيزة أساسية في الاجتماعات المقبلة، كما ستعمل كذلك على إقناع الدول الكبرى بزيادة مخصصات الدعم للفقراء الذين يواجهون ظروفًا معيشية صعبة، وحازت المملكة على تقدير العالم لارتفاع نسبة مخصصاتها التنموية إلى 4% مقابل 1% للدول الأخرى مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي. وصادف الاختيار أهله بالفعل، واستشرافًا لرؤية المملكة ومنطلقاتها، نتوقع أن تكون قمة المجموعة في الرياض أكثر إنسانية من أجل سعادة ورخاء العالم.

© Al Madina 2017