23 07 2017

قال تقرير بنك الكويت الوطني: إن الاقتصاد المصري دخل مرحلة التعافي في أعقاب التباطؤ الشديد الذي مر به في عام 2016. وأدى قرار تعويم الجنيه المصري واطلاق برنامج الاصلاحات الشاملة الى التغلب على شح العملات الأجنبية الذي كان سبباً في اعاقة النشاط الاقتصادي. وقد أدى تطبيق الاصلاحات المالية في عام 2016 الى احداث تأثيرات ايجابية بالفعل على عجز الموازنة. كما ساعدت اتفاقية قرض صندوق النقد الدولي البالغ قيمته 12 مليار دولار في تعزيز الثقة بين المستثمرين. أدى ذلك الى تحسن ملحوظ في الاحتياطات الأجنبية خلال السبعة أشهر الأخيرة.

ويتوقع أن تؤدي الاصلاحات الى تشديد السياسة المالية والنقدية، وان يكون الاستثمار الأجنبي هو الدافع الرئيسي للنمو، وان يتلقى قطاع الصادرات والسياحة في الوقت ذاته دعماً من ارتفاع تنافسية العملة وامكانية تحسن البيئة التشغيلية. وقد بدأت آثار ذلك تنعكس بالفعل مع تحسن هذين القطاعين في الربع الأخير من العام 2016 والربع الأول من عام 2017. فقد ارتفعت الاستثمارات الأجنبية مدفوعة من قبل التعهدات الكبيرة التي تلقتها من المؤسسات الدولية.

وقد لا تتحقق تلك التوقعات في حال عدم احراز تقدم في الاصلاحات، وان كانت الأمور تسير على ما يرام حتى الآن على هذا الصعيد. وبالفعل، قدم صندوق النقد الدولي تقييماً ايجابياً، اذ أيّد دفع الشريحة الثانية من القرض الممنوح لمصر. حيث رأى الصندوق أن السلطات قامت باتخاذ تدابير مهمة من شأنها ان «تضع الدين العام على الطريق نحو الاستدامة». كما تشير آخر الأرقام ايضاً الى انه يتم احراز تقدم في السيطرة على العجز المالي.

علامات تعاف

بعد تباطؤ الاقتصاد المصري بشدة خلال العام 2016، بدأ النمو يستعيد عافيته بنهاية العام. وارتفع الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي الى 3.5 % على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2016 مقارنة بمتوسط نمو لم يتخط 2 % خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2016. ونتج هذا التحسن الى حد كبير عن التحسن في قطاع التصنيع الذي سجل نمواً بنسبة بلغت 6.4 % على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2016. في حين ظل النمو ضعيفا في باقي القطاعات. وقد بدا نمو الناتج المحلي الاجمالي بالاستمرار في التحسن خلال الربع الأول من عام 2017. حيث شهد هذا الربع تحسناً طال انتظاره في قطاع السياحة. وارتفع عدد السياح القادمين لمصر الى نحو 580 ألف سائح في المتوسط خلال الربع الاول من عام 2017. وعلى الرغم من ان هذا الرقم يعد أدنى بكثير من القدرة الاستيعابية للقطاع، الا انه ارتفع بنسبة 49 % على أساس سنوي. وانعكس هذا التحسن في انتعاش مؤشر الانتاج المصري الذي سجل نمواً بنسبة بلغت 81 % على أساس سنوي في مارس.

وما يزال القطاع متأثراً بالمخاوف الأمنية بعد اسقاط الارهابيين لطائرة الركاب الروسية في أكتوبر 2015. وبالفعل لا تزال بعض الدول الأوروبية تحذر او تمنع مواطنيها من السفر الى مصر. وما تزال السياحة، والتي بدأت معاناتها منذ انطلاق الربيع العربي في عام 2011، تحت معدلاتها الطبيعية حيث يقدر تراجع عدد السياح القادمين حوالي نصف عن مستواه في العام 2010.

ومن المتوقع ان يواصل الاقتصاد تحسنه خلال عام 2017 على الرغم من التحديات الناتجة عن الموقف المالي والنقدي الأكثر تشدداً. ويتوقع ان يبلغ متوسط النمو 3.0 % خلال السنة المالية 2016/2017، مرتفعاً من 2.3 % عن السنة المالية السابقة. الا انه من المتوقع ان تتسارع وتيرة النمو الى 4 % في السنة المالية 2017/2018 والى 5 % في السنة المالية 2018/2019.

الا ان التراجع الشديد في قيمة الجنيه نتج عنه نمو كبير في التضخم، اذ ان ارتفاع أسعار السلع المستوردة أدى بدوره الى ارتفاع أسعار السلع المحلية. وتسارع معدل نمو التضخم وصولاً الى 30 % في يونيو 2017. ويتوقع ان يبقى معدل التضخم في تلك الحدود المرتفعة خلال معظم العام 2017 قبل ان يهدأ بنهاية العام ويتراجع الى مستويات أقل خلال عام 2018. حيث نتوقع ان يتراجع معدل التضخم الى حوالي 20 % تقريباً بنهاية عام 2017 ثم الى 10 % بنهاية عام 2018. ارتفعت الاحتياطات الأجنبية بشكل ملحوظ منذ قرار التعويم حيث ارتفعت احتياطيات البنك المركزي في مايو الى اعلى مستوياتها منذ 2011 وبلغت 31.1 مليار دولار او 7.7 أشهر من الواردات مرتفعة بنسبة 60% عن مستوياتها عشية القرار. وقد أدى قرار التعويم الى تخفيف الضغوطات عن الاحتياطيات والتي استفادت ايضاً من تدفقات المؤسسات الدولية بما في ذلك صندوق النقد الدولي.

© Annahar 2017